Home»International»الفردانية،عائق أم رافعة للإبداع المجتمعي؟

الفردانية،عائق أم رافعة للإبداع المجتمعي؟

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الادريسي
الحلقة الأولى
تصميم عام:
1.تقديم عام
2.في معنى المجتمع
3.الفرد و الفردانية
4.في معنى الابداع
5.الابداع كفعل مجتمعي
6.تأثير النزعة الفردانية على الابداع المجتمعي.
7. اشتغال مجتمع الابداع ،وجدلية المصلحة العامة،والمصلحة الخاصة.
1.تقديم عام:
في مجتمع المعرفة الذي نعيش فيه ،وهو مؤطر بالأطروحات الكبرى للعولمة؛التي نجهل عنها أكثر مما نعرف ؛لا مكان للفردانية ،في المجتمع الواحد؛ولا مكان للدول الصغرى ،إلا اذا اتحدت واجتمعت على تشكيل اقتصاديات كبرى،بأسواق كبرى ،وطموح بأعناق زرافاتٍ .
ان الفر دانية عطبٌ نفسي اجتماعي، يصيب الأفراد، فينكمشون وينكفئون على نفوسهم؛وتصيب الدول فتتشرذم ،وتذهب ريحها.
سيشتغل هذا العرض على هذه الفردانية ،كعائق للإبداع المجتمعي؛في اتجاه التأسيس للنقلة التي تتنتظر مجتمعاتنا العربية .
ولا يمكن أن تنتظر الى ما لانهاية،لأن العالم العولمي لا ينتظرنا.
2. في معنى المجتمع:
ورد في موسوعة « لاروس »LAROUSSE الفرنسية:
 » من الناحية الفلسفية ،يكتنف الغموض كلمة مجتمع؛فهو يعني ،في نفس الوقت،مجموعة من العلاقات المؤسسة على الحاجة الى الغير؛ ومجموعة من العلاقات المنبثقة من تعاقد متوافق عليه(المجتمع المدني) » 1

ان العلاقات ،في الحالة الأولى مؤسسة على الحاجة الاضطرارية الى الغير ،وعليه فلا خيار للفرد فيها؛اذ يستحيل عليه تلبية جميع حاجاته خارج الجماعة.
أما في الحالة الثانية ،فيتم الحديث عن علاقات منبثقة عن عقد توافقي بين مجموعة من الأفراد؛دفعتهم ظروف معينة، الى اختيار تقاسم الحياة الاجتماعية ،والمصير.
هذه الحالة الثانية،وهي التي تهم موضوعنا، تجد أسسها في نظرية العقد الاجتماعي SOCIAL CONTRACT ؛لكل من « جان جاك روسو ،جون لوك ،و توماس هوبز »
ويقصد بنظرية العقد الاجتماعي،كونها:
« نظرية اجتماعية تصف الحالة التي يكون فيها للجماعات البشرية سلطة عليا،أو قيادة،أو حاكم،أو اي شكل من أشكال ممارسة السلطة والسياسة »
2
وهي نظرية قائمة على الافتراض ،والهدف منها تفسير مصدر السلطة ،وقيام الدول.
فاذا كان مجتمع الفطرة،في فجر البشرية، مؤسس على الاضطرار الى مساكنة الآخر ،لإشباع حاجات :الطعام،الأمن ،التناسل ؛فان المجتمع الذي يشرحه العقد الاجتماعي ،يشكل مرحة متقدمة في تاريخ البشرية ،أفضى الى قيام دور ،وازدهار حضارات.
ومن الآن يتجلى لنا أن التمدن وازدهار الحضارة ،يرتدان الى المجتمع المنظم ،توافقيا؛مجتمع قائم على سلطة مركزية ،ومؤسسات.
ولولا هذه المرحلة في تاريخ البشرية ،لظل الانسان هَمَلاً،لايرتبط بالجماعة إلا لتلبية حاجياته البيولوجية،ويفارقها حينما يتحقق له الاشباع.
دون أدنى جهد تنموي يرتقي بمجتمع الفطرة هذا؛تنفيذا لمشروع مجتمعي .
وصولا الى هنا نجد أنفسنا في قلب نظرية ابن خلدون (1332م-1406 )،المفسرة لقيام الدول ،وما يسميه ،رحمه الله، بالعمران البشري.
وما تقديم نظرية العقد الاجتماعي ،على نظرية ابن خلدون ،إلا مجاراة للدراسات الاجتماعية الغربية؛لأن السبق في تفسير قيام الدول يعود اليه.
يقول في المقدمة :
 » اعلم أن هذه الأطوار طبيعية للدول،فان الغَلْب الذي يكون به المُلك،انما هو بالعصبية ،وبما يتبعها من شدة البأس ،وتعَوُّد الافتراس؛ولا يكون ذلك غالبا الا مع البداوة ؛فطور الدولة من أولها بداوة ؛ثم اذا حصل المُلك ،تبعه الرَّفهُ،واتساع الأحوال ؛والحضارة انما هي تفنن في الترف ،وإحكام الصنائع المستعملة ،في وجوهه ،من المطابخ والملابس والمباني والفُرُش.. »
3

3.الفرد والفردانية INDIVUDIALISME
ان الفرد – الواحد- حاضر في مجتمع الفطرة –أو البداوة حسب التعبير الخلدوني- حضور ا مشروطا بإشباع الحاجة الفردية،كما مر معنا؛لكنه في مجتمع التوافق الارادي ،المنتج للدولة ،والعمران،يحضر ،حضورا راقيا؛لأن التوافق الحاصل يقضي بانصهار الأفراد كلهم،في بوتقة مجتمع تحكمه سلطة،يعهد اليها بصياغة مشروع مجتمعي ،يساهم فيه الجميع.
ها نحن نرى كيف ارتقت مجرد الحاجة البيولوجية الفردية،من أجل البقاء ،الى حاجة معنوية متعالية ،وسامية،لمجتمع ينشد التمدن والحضارة .
كل انحراف نحو الفردانية في هذا المجتمع التوافقي ،يُعتبر اخلالا بالعقد الاجتماعي ،وهدما لشرط اساسي من شروط العمران البشري ،وعصبية الدولة.
كيف برزت الفردانية في مجتمعاتنا الحديثة؟
في البداية كان الاشتغال على الفردانية شأنا من اختصاص الفلسفة ،لكن مع « اميل دوركهايم » EMILE DURKHEIM تحولت الى مجال علم الاجتماع.
كان المنطلق من كتابه  » دروس في السوسيولوجيا » 4
حيث اعتبر أن » التوزيع المعقد للعمل عزل الفرد عن المجموعة التي ينتمي اليها،والتي تشكل هويته؛وتركه عرضة لفوضى اللا انتماء ،أو للسُّخرة ؛فردا في مواجهة الدولة. » 5
ولحل مشكل الفردانية ،يوصي بإعادة الدولة لترميم المجموعات ،وخلق شروط استقطابها للأفراد،حتى يتحقق التوازن بينها وبين الدولة.
وينفذ الى عمق الاشكالية ،حينما يقول :
 » ان القوة التحريرية ،التي تمثلها الدولة؛لتكون محرِّرة للفرد ،محتاجة هي نفسها الى ثقل يوازي ثقلها،لتحقق التوازن. يجب أن تكون مسنودة من طرف قوى المجموعات الثانوية » 6
هي المجموعات المهنية وغيرها..
ويسميها الثانوية ،اعتبارا لمركزية الدولة.
وبلغتنا الاجتماعية الحديثة،اليوم، هي المجتمع المدني ؛وقد أصبح سلطة
توازن سلطة الدولة ،في الدول الديمقراطية ،على كل حال ؛حيث الرأي العام والمؤسسات المنتخبة ،لها وزنها في مجال التشريع.
نكتفي بهذا القدر في هذا العنصر من العرض ؛على أن نستكمل البحث فيه ،أثناء مقاربة العنصر السادس:
تأثير الفردانية على الابداع المجتمعي .
وتأثيرها على العمل الاجتماعي،عموما؛كامتداد لهذا العنصر.
4.في معنى الابداع:
« الابداع هو المقدرة التي يمتلكها الفرد للخلق؛أي تخيل وانجاز شيء جديد…وهو الخيال الذي يفرض تعلم طرح المشاكل.. »
ومن الزاوية السوسيوسيكولوجية SOCIAL PSYCHOLOGY
 » هو المقدرة على اكتشاف حل جديد،ومبتكر،لمشكل ما » 7
ولضيق المقام نقفز على التنظير الفلسفي والنفسي للإبداع ،وكذا شروط تحققه ،على مستوى الفرد؛الى الابداع ،كفعل مجتمعي(العنصر الخامس).
لكن قبل هذا لا بد من مساءلة سريعة للسان العرب ؛ماذا يقول صاحبه عن الابداع؟
« بدع الشيءَ يبْدعُه بَدعًا: أنشأه وبدأه.
البديع والبِدع:الشيء الذي يكون أولا.
وفي التنزيل الحكيم قوله عز وجل:
« قل ما كنت بِدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم أن اتبع الا ما يوحى الي وما أنا الا نذير مبين » الأحقاف:9
أي: ما كنت أول من أرسل من الرسل. » 8
طبعا جرى ،في الاستعمال العربي الإسلامي لفظ البدعة أكثر من البديع والبِدع.
5.الابداع باعتباره فعلا مجتمعيا: يتبع

الاحالات:

المصادر والمراجع :1. https://www.larousse.fr/encyclopedie/divers/soci%C3%A9t%C3%A9/187350
2.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%82%D8%AF_%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A
3.
عبد الرحمن بن خلدون.المقدمة.دار احياء التراث العربي .ص:172
4.
EMILE DURKHEIM.LECONS DE SOCIOLOGIE.1950
5
https://www.universalis.fr/encyclopedie/individualisme/2-l-individualisme-comme-notion-sociologique/
6.
نفسه
7.
http://www.cnrtl.fr/definition/cr%C3%A9ativit%C3%A9
8.
لسان العرب .ابن منظور. مادة:بدع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *