هل فعلا عصرنا جاهلي؟
أحمد الجبلي
كتب الإعلامي المغربي أحمد إفزارن مقالا كعادته، بجريدة هسبريس المغربية، عنونه ب: « عصرنا..الجاهلي ! » وبما أن المقال لم يرقني لمجموعة أمور على رأسها اللمسة البهائية في الفكر والمضمون، وقبل أن أتدبر متاهاته وانعراجاته ومراوغاته في عدم تسمية الأشياء بمسمياتها وتلبيس المعالم الدينية لبوس بهائي بابي شيرازي، قلت لابد أن أطلع على رأي القراء ماذا عسى يكون موقفهم من هكذا كلام وهكذا مقال من إعلامي مغربي ومنتج إذاعي أنتج العديد من البرامج الإذاعية وقام بتدريب العديد من الإذاعيين المغاربة؟
وإذا بي أقف عند ثاني وثالث تعليق، وهذان التعليقان جعلاني أنطق كلام أبي حنيفة « كفاني فيك يكفوني » فوجه صاحب التعليق الأول كلامه لصاحب المقال، حيث قال: » قبل أن أبدأ في القراءة نظرت إلى الصورة (يقصد صورة صاحب المقال) فرأيت شيخا فاطمأنت نفسي، فقلت لها لا تقلقي فهو ليس من طينة جواد مبروكي (يقصد أحد البهائيين الذين تجرؤوا وبدؤوا يدعون إلى البهائية علنا بمساعدة موقع هسبريس ومن الداعين إلى وحدة الإنسانية والديانات والتسامح) وغيره من أصحاب الأفكار المعاصرة الهدامة، هذا في سن والدي، فبدأت القراءة وابتسمت، وبعد دقائق تساءلت..ثم قطبت جبيني.. ثم انتفخت أوداجي..وبعدها خرج الدخان من أذني..ثم انفجرت. لكن قبل أن أنفجر كليا استطعت كتابة هذه الكلمات إلى مؤمن بأدبيات الأمم المتحدة ( ويعني بذلك أن صاحب المقال قال: وأولُ الطريق أن نعود إلى أدبياتِ «الأمم المتحدة»، ونَبني عليها ما يلي: كلُّ الناس إخوة.. كلُّ الأديان دينٌ واحد..كلُّها تدعو إلى السلمِ والسلام.. وجميعُها من إلهٍ واحد…) إلى جاهل بأدبيات الإسلام، فأما عن الأخوة فالله تعالى قال: (إنما المؤمنون إخوة) الحجرات 10. أي الذين يدينون بدين الإسلام، وأما عن أن كل الديانات دين واحد فإن الله تعالى قال: (إن الدين عند الله الإسلام) آل عمران 19، الذي أرسل به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأما عن كوننا جميعا من إلاه واحد فقد قال الله تعالى: ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين) آل عمران 67، وبذلك بطلت دعوى الديانات الإبراهيمية، وقال تعالى: ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) البقرة 120، ويستمر قائلا: » فلا أخوة بيننا وبينهم » وقد قال الله تعالى: (ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) آل عمران 85، ويطرح السؤال على صاحب المقال بقوله: « هل اكتفيت؟ » أي هل هذا التوضيح يكفي أم أسترسل في الإيضاح والشرح.
أما صاحب التعليق الثاني فقد خاطب صاحب المقال بقوله: » إن دعاة الإنسانية ووحدة الأديان هم دعاة على أبواب جهنم، ويعلل ذلك بقوله: لقد بين لنا هذه الحقيقة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان حيث قال: « كان الناس يسألون رسول الله عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا؟ فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. الحديث رواه البخاري ومسلم.
إن هؤلاء وغيرهم كثير من أصحاب التعليقات النارية الغاضبة، هم مغاربة عاديون ويظهر ذلك من خلال طبيعة ردودهم العفوية، فلا هم علماء ولا دعاة ولا يملكون علما شرعيا أو باعا في علم مقارنة الأديان حتى يلجؤوا إلى أساليب أخرى في التفنيد والتي تستند إلى الديانات الأخرى نفسها التي تدعو إلى وحدة الإنسانية وتقول بأن كلنا مسلمين ومسيحيين وبهائيين وبوديين ومهاريشيين، في كوكطيل عجيب وغريب.
إن هذا يدل على أن المغاربة لا يقبلون أبدا مثل هذه التغريدات الشاذة التي تروم زعزعة الاستقرار في البلاد من خلال خلق طائفية مقيتة، إن هذه الدعاوى الباطلة إن استمرت ستفتح باب جهنة على المغاربة حيث هذه الأمة ظل الدين الإسلامي يوحدها منذ أربعة عشر قرنا، والدين الإسلامي ابتداء قد كفل حرية المعتقد حيث قال الله تعالى: ( لا إكراه في الدين) (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مومنين) (لست عليهم بمسيطر) فمن أراد أن يمارس أي دين أي طقوس فله ذلك تماما كما يفعل اليهود المغاربة، وكما فعلوا من قبل وفعل النصارى والوتنيون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أراد أن يفطر في رمضان فله ذلك، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولكن كل هذا في ظل الإسلام الذي لا يقمع أحدا ولا يمنع أحدا من أن يعبد ربه كما يشاء، وهذا هو المعنى الدستوري الذي ينص على أن دين الدولة الإسلام. وذلك لأن الدين الإسلامي يعتبر الدين الوحيد الذي يضمن للناس أن يعتنقوا ما شاؤوا في كنفه وتحت ظل رايته. أما أن يعتبر البعض أن دين الإسلام هو كسائر الديانات وعليه أن يتساوى معها وبالتالي يتم التنصيص على حرية المعتقد في الدستور فذلك وهم لن يكون، وإن كان فهؤلاء يعدون أكبر المتضررين.
Aucun commentaire