هكذا تكلمت زينب عبد العزيز -3- لعبة الفن الحديث « أهم كتاب صدر في المكتبة العربية في الخمسين سنة الماضية
هكذا تكلمت زينب عبد العزيز -3- لعبة الفن الحديث « أهم كتاب صدر في المكتبة العربية في الخمسين سنة الماضية »
أحمد الجبلي
اعتبره بعض النقاد يوم صدوره سنة 1990 أفضل كتاب صدر في المكتبة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين، وهو سبب منع الدكتورة زينب عبد العزيز من أن تستمر في تنظيم معارضها الفنية بعدما كانت قد نظمت أزيد من خمسين معرضا بمختلف دول العالم.
بسبب هذا الكتاب، الكتاب القنبلة، الكتاب المرعب للحضارة الغربية، حوصرت المرأة حصارا شديدا وما عادت تستطيع أن تعرض ولو لوحة فنية واحدة من لوحاتها الرائعة كرسامة عالمية ترسم وفق الضوابط الشرعية، بمعنى أن السيدة زينب قد جمعت بين الفن ممارسة ودراسة أكاديمية، حتى أن لها دكتوراه ثانية خصصتها لدراسة نفسية الفنان العالمي الكبير فان غوغ من خلال رسائله، وقد كتبت الكتاب أولا باللغة الفرنسية ثم أعادت ترجمته إلى اللغة العربية، وهو كتاب هز عروش وقلاع الماسونية والصهيونية العالمية، لكونها اكتشفت بالوثائق بأن ما يسمى الفن الحديث إنما هو مشروع لتدمير الفطرة الإنسانية، وإفساد الذوق الجمالي لدى الشعوب، والقضاء على التدين من خلال التمكين للعبثية والتجريد وتحويل الفن إلى أخطر معول يدمر القيم وينمط العالم وفق مخططات الصهيونية والماسونية العالمية.
إن هذا الكتاب، تكشف فيه صاحبته أن الفن الحديث هو عبارة عن أداة تدمير متعمدة لاقتلاع الحضارة والتراث والثقافة الخاصة بكل بلد، كجزء لا يتجزأ من العولمة وعملية فرض النمط الواحد، والتبعية الإجبارية وكل ما تحركه المصالح الصهيونية الماسونية والدور الغاشم الذي تقوم به السياسة الأمريكية ومؤسساتها لإخضاع العالم برمته لسيطرتها العمياء الأنانية وأنماطها الماجنة الممسوخة.
إن الكتاب بحق هو عبارة عن صيحة من أجل إدراك ما يحاك لنا وللعالم من حولنا، من أجل التصدي لهذا التيار المتوحش الكاسح وضرورة الحفاظ على هويتنا وأصولنا الأخلاقية والحضارية والفنية التي تميزنا.
كما تذهب صاحبته إلى القول بأن الفن ما عاد فنا بل تم مسخه بمزجه مع الاقتصاد والمعاملات المالية حيث نجد أن جميع البحوث تثبت أن اللوحات أصبح يتعامل معها كوسيلة استثمار، أو قيمة للمضاربات في البورصة، أو كقيمة إيداع بلغة البنوك والمعاملات المالية، أو حتى كأعمال دعائية فأصبح معلوما أنه كلما ساءت أحوال البورصة ساءت الأحوال الفنية. وتذهب الدكتورة زينب عبد العزيز إلى أبعد من ذلك حيث تعتبر الفن قد أصبح لعبة من أجل التلاعب بالطموحات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية والتي من ورائها أيادي مريبة تتحكم في سوق الفن بكل أبعاده، وجزء من هذه الأيادي أطلقت عليه الدكتورة زينب اسم « أفراد العصابة » التي تضم الرسام والناقد والوسطاء وسماسرة المعارض.
لتخلص إلى أن الأمر يتعلق بحمل قيم ومفاهيم هؤلاء المتحكمين إلى العالم.
ولذلك اتخذوا مجال الفن كحقل للتجارب التقنية في استخدام المواد التي فاقت مستوى السخف والابتذال المهين للإنسانية، والذي وصل في وقاحته ولا إنسانيته إلى حد الاستعانة بالمراحيض وما فيها، أو إلى نبش القبور وهتك حرمة الموتى بعرض أجزاء من جثثها كأعمال فنية إبداعية تحصد الجوائز، وتطويرا لهذا السخف تم إنشاء « فن القمامة » باستخدام النفايات والمواد المتعفنة والمأكولات الصناعية، وتوج هذا الابتذال المهين بتمثال مصنوع من البراز الآدمي المجفف. إن هذا من الوسائل الخبلية التي تندرج تحت مسمى البحث عن الجديد. لهذا أدرك العديد من النقاد بأسف عميق أن العالم يخضع منذ منتصف القرن العشرين لما أطلقوا عليه « غزو الفنون القبيحة » تحت ستار كهنوت الفن الحديث, مما أدى إلى خلق صورة نمطية من هذا القبح في المضمون وترسيم مدارس فنية معينة يعد الخارج عن هذا المضمون خارجا عن منهج الفن الحديث.
وبشواهد عدة موثقة تحسم الدكتورة زينب أن السياسة الصهيونية الماسونية الأمريكية أدركت قيمة الفن فاستعانت به كعامل حاسم في التغيير الجذري للمجتمعات والشعوب.
وفي سرد تاريخي عجيب لهذا الابتذال الذي مني به الفن الحديث عن قصد تضرب أمثلة قمة في السخرية من أجل نشر العبثية وإفساد الذوق، فتحدثت عن الفنان « فونتانا » وهو يشق لوحاته بالسكين، و »نيكي سان » وهو يقوم بثقب لوحاته بالبندقية، أما « إيف كلاين » فلجأ إلى قاذفات اللهب، بينما سحق « سيزار » هياكل السيارات القديمة تحت ضغط المكابس الصناعية الضخمة، وفتت « أرمان » آلات الكمان على قارعة الطريق من الدور السادس ليقوم بجمعها كعمل فني، بينما قفز « رالف أورتيز » بقدميه على أشياء قديمة مصنوعة من الخشب المنخور، ولجأ البعض الآخر إلى صناعة أعمال بمواد لم يسبق استخدامها في تكوينات بصرية مثل بودرة البلاستيك، أو بقايا الأطعمة، والنحت المعدني الناري أو السائل، وتجاوز ذلك كله التصوير بالبراز.. فتعقب الدكتورة زينب بقولها: ويا لها من رائحة عفنة، لأياد عفنة ومصالح وأهداف خفية عفنة وفنانين غمرهم العفن، وكانوا أدوات في لعبة التدمير.
ومما أراد أن يسعى إليه أصحاب هذا الفن التجريدي العبثي هو تحقيق الإنفصال عن الماضي كما أرادوا تغيير طبيعة كل الأشياء تغييرا جذريا، وإقامة نسق متدهور من قيم جديدة متهاوية منحطة، وقد صرح أحد البارزين في مدارسهم التجريدية وهو « موندريان » حيث قال: إن تغيير طبيعة الأشياء إنما يعني التجريد، كما أن تغيير طبيعة الأشياء يعني التعمق » ويذهب « يوكو أونو » إلى أبعد من ذلك في التأسيس للعبثية إذ أمر رفاقه قائلا: صوروا بدمائكم.. صوروا حتى الإغماء.. صوروا إلى أن يحل بكم الموت.
والخطير في الأمر أن نشيد العدمية هذا كان يهدف إلى ضرب المجالات الفنية الأخرى كالمسرح والموسيقى والسينما والآداب، وللأسف حتى مجالات أخرى كالتعليم وعلم النفس والمعرفة والمنطق الإنساني.
وتحت عنوان مثير هو التدمير بالمطرقة تجمع السيدة زينب عبد العزيز بين الفلسفة والفن التجريدي فتكتشف أن النموذج النيتشي هو المعتمد في هذه القوة قوة تدمير الحضارة بقوة الفرار من المسؤولية والشك والانحلال وإلاه المادة الجديد والقضاء على إرادة الحياة والتدمير والعدمية وإرادة القوة معا.
وبعد جولة شيقة وفي بساتين بعض مدارس الفن المتعددة، وحقول ألغام أخرى تخلص الدكتورة زينب إلى أن هذا السباق يسعى إلى تفتيت المجتمع الإنساني وضبط إيقاع الحياة اليومية في نسق بعينه ليخدم مصالح بعينها، وتنميط الأشخاص، تنميطا يؤدي إلى طمس معالم الأصالة الحضارية لكل بلد وضياع معالمها، وإلى سحق كل الفنون بوحشية، ومحو أي شيء يؤدي إلى التمييز بين فن وآخر ..إنها حرب تسمى أمركة العقول والعادات لا تقل ضراوة عن الحرب العسكرية أو الذرية.
ورغم ما خلفه تفجير هذه القنبلة النووية الفكرية والثقافية والتربوية في وجه الغرب الصليبي المتوحش، من شظايا قد مست السيدة زينب تجلت في الحصار والمنع، فقد ظلت ولازالت محتسبة عند الله عملها الجبار هذا وباقي أعمالها التي كشفت بها مؤامرات خطيرة حيكت بدقة من أجل تدمير الإسلام وتشويه القرآن وطمس هوية الشعوب الإسلامية، فإنها لازالت مجاهدة تجلس أمام الحاسوب لساعات طوال يوميا باحثة وكاتبة ومراسلة وهي بنت الاثني والثمانين سنة.
ستجدون رابط تحميل الكتاب أسفله
1 Comment
رابط لتحميل كتاب لعبة الفن الحديث
link to ar.beta.islamway.net