جامعاتنا جامعات مفاسد وضرار
جامعاتنا جامعات مفاسد وضرار الفساد
آفة اجتماعية ومفسدة أخلاقية يتحدث عنها الجميع ويتناولها عامة الناس الذين هم أكثر مما يعانوا من مظاهره وويلاته ، ويعتبر الفساد مفسدة لكل جميل في هذا الكون ، والعدو الذي نُحاربه ، كما أنه يشكل مدخلا من مداخل الاستحواذ على أفئدة كل العطشى للعدالة والطهارة والنقاء . ومجتمعنا الفلسطيني كجزء من المجتمع العربي أصبح ضحية للفساد وعناوينه وتجلياته ، فغزا كل مكامن حياتنا العامة ، مبتدأ من المؤسسات الحكومية والوظيفية والخدماتية متدرجا ليصبح أحد سمات ومؤهلات الاستمرار والبقاء والتدرج المهني ، بل تعدي ذلك ليغزو مؤسساتنا الفكرية والعلمية ومراكزنا البحثية وتحول إلي ضيف دائم وملازم للنفس والعقل ، وأكسيد النمو والتطور. كنت قد قررت الكتابة بهذا الموضوع منذ أشهر مضت ولكنني أجلته عشرات المرات حتى لا يفهم منه أشياء بعيدة عن حساباتي ، خاصة وإنني أحد طلاب الدراسات العليا ولكنني حسمت أمري وقررت أن أكون أنا كما أنا لا أتغير تحت ضغوط الذات والنفس مهما كلفني الأمر ، ولا أعتقد إنه سيكلفني أكثر مما دفعت سابقا حيث أبيت إلا قول كلمة حق في وجه كل سلطان جائر وفاسد ، هذه الكلمة التي دفعت ثمنها بالاعتقال من أجهزة السلطة الفلسطينية ، ولا اعتداء بالضرب والقذف بأفظع ما يمكن أن يسمعه المرء من قاموس الشتائم الدنيئة التي لا يتقنها سوي العرب ، وأحيانا الركل بالأقدام ، والإهانة الوظيفية التي أنكرت كل حقوق تمتع بها الآخرون ، ولكن لا ضير فقضيتي ليست شخصية بل قضية عامة ، وعليه لن أرتد عنها ولن ألقي آخر ما أملك من أسلحة ألا وهو قلمي الذي يعتبر آخر الوسائل التي يمكن أن أتثبت بها ، فإن أرادوا أن اصمت فعليهم أن ينزعوا روحي أو عقلي من رأسي ، فحينها لن يسمعوا صوتي وسيخرسوني للأبد ولن يسمعوا (لا) .
قفوا يا من أفسدتم هوائنا ، ومائنا ، وحياتنا ، كفوا وارحلوا عن سمائنا وفضائنا وأرضنا ، فالفساد لم يعد ممثلا بالوظائف والخدمات فحسب بل أصاب عقولنا عندما اقتحم جامعاتنا تلك الصروح العلمية التي تعتبر أهم مؤسسات المجتمع ، وحواضن المستقبل ، فتحولت لمرتع للواسطة والمحسوبية والانطلاق من " الأقربون أولي بالمعروف " وأصبح المدرس الجامعي شريك فاعل ووسيلة إفساد للمجتمع وبنائه المستقبلي المتمثل بتعليم الأجيال وصقلها ، إبتداءاً من حملة الدرجات العلمية التي أصبحت لا تعبر عن مستوي أكاديمي للعشرات منهم وهذا وجد تجلياته بعمليات الواسطة في إنجاح وترسيب طالب عن آخر ، أو رفع طالب عن الآخر ، وتحولت العملية التعليمية الأكاديمية لحوار بين الطالب والمدرس يخضع لإملاء المنطقة الجغرافية أو علاقة الموبايل ، وهي الوسيلة لضمان النجاح إن لم يكن الحصول علي درجة الامتياز . " من طلب العلا سهر الليالي " هكذا تعلمنا وهكذا نعرف ، لكل مجتهد نصيب ، ولكننا في زمن الرداءة والتفاهة أصبح يفرض علينا شعار من طلب العلا طلب ود المدرس ، وأقام علاقة معه ، أو كان من ضمن دائرته السكانية الجغرافية ، أو أحد ذوي القربى ، أو معرفة لصديقه وهكذا ممارسات .
حقائق عديدة أشاهدها واسمعها ، وتروي لي من مفاسد أهل العلم وحملة الدكتوراه والماجستير في جامعاتنا الفلسطينية التي أصبحت تتحول رويدا رويدا إلي جامعات ضرار تجني على مجتمعنا مفاسد أكثر من تلك التي نعيش فيها ، وكأن أوضاعنا الفلسطينية لم يتبق لها سوي فساد أولئك الذين نعول عليهم بالخير والأمل في إنقاذ المجتمع من مفاسده . هذا الفساد لا يخفي وليس حالات بسيطة ولكنه حالة عامة أثبتها لها (جينج) مسئول وكالة الغوث في قطاع غزة عندما وضعنا أمام فسادنا العلمي من خلال اختبارات التلاميذ المدرسية التي أوضحت حجم الفساد العلمي المترتب علي منح خريجي الجامعات الدرجات هباء منثورا ، فأصبحوا لا يمتلكوا من وسائل المهنة سوي مفاهيم الصداقة التي نسجوها مع المدرس في الجامعة والتي كفلت لهم التخرج . إنه الفساد الذي يحاربه المثقفون بالخطابات ويمارسونه في الواقع . وللحديث بقية سامي الأخرس 16/3/2008
1 Comment
بارك الله فيك يا أخي و الله هدا حال جل الجامعات العربية .