حملات التوعية الطبية ما زالت تتميز بالتقصير تجاه المرأة
اليوم العالمي للمرأة ، الذي يصادف 8 مارس من كل سنة ، هو فرصة لتسليط الضوء وللتحذير بوجود فجوات وتمييز و نمطية و عدم مساواة لا تزال تؤثر على المعلومات الطبية وحملات التوعية الصحية ذات الصلة بالمرأة . هذه الإخفاقات تتعلق بقضايا رئيسية للصحة العامة ولها تأثير كبير على صحة المرأة ، وخاصة في بلدان متوسطة مثل المغرب.
ظاهرة جسيمة متجاهلة: أمراض المناعة الذاتية، مشكل يعني مرآة من كل ستة نساء خلال حياتهن
هذه الظاهرة تخص أمراض المناعة الذاتية، هذه الأمراض المتعددة التي يصل عددها إلى المائة و تصيب النساء في 75 ٪ من الحالات! بالإضافة إلى ذلك ، تشكل السبب الثالث للمراضة في العالم بعد أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطانات ، اد أنها تؤثر على حوالي 10 ٪ من سكان العالم وتحتل المركز الثاني أو الثالث في نفقات الصحة في البلدان المتقدمة. تشير التقديرات، في المجموع، إلى أن عدد النساء المصابات بأمراض المناعة الذاتية يصل إلى ضعف عدد النساء اللواتي يعانون من سرطان الثدي ونحو مرة ونصف مرة أكثر من تلك المصابات بمرض الشريان التاجي!
بعض أمراض المناعة الذاتية معروفة جداً بأسمائها ولكن دون أن تعرف أن لها علاقة بالمناعة الذاتية وأنها تنتمي إلى نفس العائلة ، حتى و إن اختلفت في التعبير السريري وفي الأعضاء المصابة.لكن لديها قاسم مشترك و هو نفس ميكانيزمات الحدوث- يتجلى في خلل في الجهاز المناعي ،نفس جهاز المناعة الذي يكون على عاتقه حماية الجسم من العدوان الخارجي (الفيروسات والبكتيريا …) ، هدا الجهاز ينقلب على الجسم و يبدأ في مهاجمة مكونات الجسم السليمة ضانا أنها عدو خارجي – بالإضافة إلى ذالك غالبًا ما تستجيب هذه الأمراض إلى نفس الاستراتيجيات العلاجية. وتشمل هذه الفئة: مرض جريفز (فرط الدرقية) ، التهاب الغدة الدرقية المزمن مرض هاشيموتو الذي يؤدي إلى قصور الغدة الدرقية، مرض الذئبة الحمراء، الوهن العضلي الوبيل ، التصلب المتعدد ، داء السكري من النوع 1 ، التهاب المفاصل الروماتويدي ، مرض السيلياك (عدم تحمل الغلوتين) ، مرض كرون ، متلازمة شوغرين….
مثال أمراض المناعة الذاتية مثال نادر جدا لكن قوي على عدم المساواة بين النساء و الرجال على حساب النساء من الناحية الفسيولوجية. هذه الإشكالية معترف بها بشكل جيد من قبل المجتمع الطبي لكنها متجاهلة إلى حد كبير من طرف الجمهور المغربي، و ذالك بسبب نقص التغطية الإعلامية.لدالك ، فهي تستحق أن تكون موضوع حملات توعية على نطاق واسع موجهة للنساء ، مثل ما هو الحال في ما يخص مرض السرطان ، لا سيما وأن هذه الأمراض تهاجم في كثير من الأحيان النساء في سن مبكرة و تعطي في بادئ الأمر أعراض غير ملحوظة ، مع ظهور واختفاء لهذه الأعراض قد تودي حتى إلى التشكيك في وجود المرض أصلا. و غالباً ، ما يكون في الواقع تشخيصهم متأخراً.
حاليا أكبر نسبة الوفيات الناتجة عن الجلطة القلبية تخص النساء
مثال آخر على إخفاق حملات التوعية الصحية تخص خطر احتشاء عضلة القلب الذي غالبًا ما يزال يرتبط في الحملات التوعية ، لا سيما في المنطقة المغاربية ، بمثل رجل في منتصف العمر. ونتيجة لذلك، لا يتم تشخيص المرض لدى النساء بسبب عدم اخذ شكاوي النساء بشكل جدي قبل اندلاع الأزمة القلبية. وهذا يفسر سبب كون النساء يشكلن حاليا 56٪ من الوفيات المترتبة عن احتشاء عضلة القلب. وقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة ماكجيل في مونتريال في عام 2014 أيضا أن هذا « التحيز » بالمعلومات يترجم دون وعي على كيفية التعامل مع المريض وفقا لجنسه و ذالك من خلال أحكام مسبقة وصور نمطية « نوع الجنس ». في هذه الدراسة، طلب الباحثون من 1123 مريض يرتدون على المستشفيات، و يعانون جميعا من متلازمة الشريان التاجي الحادة، من الإجابة على استبيان من بعد ما يتم دخولهم إلى المستشفى. كشفت النتائج أن ممارسة الصورة البيانية الكهربائية للقلب والصدمات الكهربائية تكون أسرع على الرجال منها على النساء. و غالبا ما يكون العاملون في المجال الصحي، أقل رد فعل تجاه النساء،و أكثر ميلا إلى استبعاد احتشاء عضلة القلب عند النساء و نسب ألام الصدر الذين يعانون منها إلى القلق و إلى الضعف النفسي الجسمي الأنثوي الشهير!
هذان المثالان بعيدان كل البعد أن يكونا هامشيين عندما نعلم أن الدراسات السريرية ، في سياق التجارب العلاجية ، تتم في الغالب على الرجال ، ظنًا خطأً أن ما هو جيد وموثوق بيه لدى الرجل هو جيد أيضا بالنسبة للمرأة . حتى أن بعض الأبحاث حول خطر الإصابة بسرطانات تخص النساء قد أجريت حصرا على الرجال! لكن في السنوات الخمس عشرة الأخيرة ، أصبح التشريع الأوروبي يفرض إدماج النساء في التجارب السريرية.
بشكل عام ، قد بذلت جهود كبيرة في السنوات الأخيرة في المغرب لزيادة وعي النساء بمشاكل صحتهم (أمراض النساء ، مشاكل الحمل ، سرطان الثدي ، التخسيس ، إلخ) ، ولكن هناك الكثير الذي يجب عمله لزيادة وعي النساء إلى بعض القضايا الصحية الهامة ووضع حد لبعض الصور النمطية التي لا تزال متنامية.
Dr MOUSSAYER KHADIJA الدكتورة خديجة موسيار
اختصاصية في الطب الباطني و أمراض الشيخوخة
Spécialiste en médecine interne et en Gériatrie
Présidente de l’Alliance Maladies Rares Maroc
رئيسة ائتلاف الأمراض النادرة المغرب
Présidente de l’association marocaine des maladies auto-immunes et systémiques (AMMAIS)
رئيسة الجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية و والجهازية
Aucun commentaire