VIDEO محمد بن قدور : يعتبر المغرب من الدول الرائدة في صياغة « الدبلوماسية الدينية
كلمة رئيس جامعة محمد الأول بمناسبة
الندوة الدولية:
الدبلوماسية الدينية وتحديات الأمن والاستقرار الإقليميين
يومي 9-10 مارس
2017 بقاعة الندوات – كلية الطب وجدة
بسم الله الرحمن الرحيم
»الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمّ ُالصَّالِحَاتُ » والصلاة والسلام على خير خلقه محمد الهادي الأمين
وبعد،
السيدة الوزيرة المحترمة
معالي الوزراء وسفراء الدول الشقيقة والصديقة
السيد والي الجهة الشرقية، عامل عمالة وجدة أنكاد؛
السيد رئيس مجلس الجهة الشرقية
السيد رئيس المجلس العلمي بوجدة؛
السيد رئيس المجلس الإقليمي وجدة
السيد مدير وكالة التنمية بجهة الشرق؛
السيد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف ورئيسها
السيد وكيل المحكمة الابتدائية ورئيسها
السادة رؤساء مؤسسات جامعة محمد الاول ونوابهم
السادة رؤساء المصالح الخارجية
زملائي السيدات والسادة الأساتذة الباحثون؛
السيدات والسادة موظفو وأعوان جامعة محمد الأول؛
بناتي وأبنائي الطالبة الأعزاء؛
حضرات الضيوف الكرام.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ايها الحضور الكريم،
يطيب لي، في البداية، أن أتقدم إليكم باسمي وباسم كافة مكونات جامعة محمد الاول بوافر الشكر وجزيل الثناء على قبولكم الدعوة لحضور هذا المحفل العلمي، وأن أسجل اعتزازي بعنايَتِكم، وتقديري لنَبَاهَتِكم وأنتم تَقْتَطِعون وقتا ثمينا من جدول التزاماتكم وانشغالاتكم العلمية والمهنية كي تشاركوا في أشغال هذه الندوة.
كما اتوجه بالشكر والعرفان لضيوفنا الكرام الذين قطعوا مسافات طويلة قادمين من دول افريقية شقيقة وصديقة فنشكركم – أيها الضيوف الكرام – أعمقَ الشكر وأزجله، ونُرَحِّب بكم من أعماق قلوبنا، ونستقبلكم بكل معاني الأخوة الإسلامية، وعواطف التقدير والإعزاز الجيّاشة، والاحترام البالغ، مع شعورنا بأنّ جميع معاني الحفاوة ستظلّ قاصرةً عن الارتقاء إلى المستوى الذي يليق بكم. والشكر موصول إلى جميع المتحدثين والمشاركين في المؤتمر، متمنياً لهم طيب الإقامة في المغرب ولأعمال المؤتمر النجاح والتوفيق.
حضرات السيدات والسادة
بادرت جامعة محمد الاول منذ تحملنا مسؤولية الاشراف عليها إلى تنظيم مجموعة من الندوات التي تسعى إلى فتح النقاش حول مواضيع الساعة ذات الصلة بالمستجدات الوطنية و القضايا ذات الاهتمام و النفع العام. وحتى لا نكون آخر من يتكلم عن اهمية الانشطة الملكية بمجموعة من الدول الافريقية الصديقة والشقيقة والتحاق المغرب بالاتحاد الافريقي نحن اليوم في هذه الندوة المباركة نناقش موضوع الدبلوماسية الدينية وتحديات الأمن والاستقرار الإقليميين ونروم من خلالها معالجة الموضوع ومواكبة هذه الحركة التي تدخل طبعا في اطار المجهودات الكبيرة التي يقوم بها صاحب الجلالة أمير المؤمنين نصره الله وأيده في سبيل نمو وتقدم وكرامة الدول الافريقية .
حضرات السيدات والسادة
إنه لمن دواعي الفخر أيضا أن نجعل من مؤسستنا الجامعية همزةَ وصلٍ يجتمع في رحابها وبفضلها ضيوفُنا الأعزاء، رجالُ العلم والفقه والسياسة والإعلام، وأن نلتئمَ في حضرتِهم لنُنصتَ إلى شجون النقاش الهادئ المثمر، ونَتَدَبَّرَ تصوراتِهم ومقارباتِهم لموضوع الندوة، ومشاريعَهم لمتابعة التفكير على هدي ما يقترحونه من الصيغ والحوامل والتدابير وفي سياق السعي إلى ترسيخ ثقافة الحوار والتفاوض والنقاش وقبول الاختلاف بوصفها مداخل لحل المشكلات وتجاوز الأزمات وتجسير وجهات النظر ارتأينا اختيار الديبلوماسية الدينية موضوعا لهذه الندوة الدولية، ليقيننا بحاجة الشعوب والأمم إلى تطوير أدائها الديبلوماسي المنبثق عن مؤسساتها الدينية، ولإيماننا الراسخ بقدرة الخطاب الديني على إشاعة القيم والفضائل المذكورة، وإبراز المشترك الإنساني، وخاصة إذا أوكلت مهمة البحث والإفتاء في أمور الدين وطوارئ الحياة إلى العلماء المقاصديين ذوي الدراية بعلوم الدين والتشريع والناظرين إلى حاجات الأفراد والجماعات من منظار درء المفاسد وجلب المصالح، وإشاعة السلم والسلام وغيرهما من القيم الدينية السمحة.
حضرات السيدات والسادة،
لا يمكن تصور حدوث صراعات بين الديانات السماوية، بل يمكن أن تتعايش على أساس التعارف والاعتراف المتبادل بالمصالح المختلفة والاهتمامات المتعددة والانفصال القيمي والمفهومي، وعيا بأن الانزلاق الكبير المتعمد، هو تحميل عبء الأوضاع المزرية التي تعرفها مناطق متعددة، إلى الخصوصيات الحضارية أو الثقافية أو الدينية. ومن ثم فإن الهدف من تنظيم هذا المنتدى، يتمثل في ترسيخ الجامع المشترك وتذويب تضاريس اللاعقلانية والضغائن والأحقاد، ودراسة موضوع جديد، ألا وهو دور الديبلوماسية الموازية الدينية والثقافية، في خلق مرجعية فكرية هادفة، تؤسس لأسرة إنسانية واحدة وبيت مجتمعي مشترك
لقد ساهم المغرب، طيلة عهود طويلة، في استقرار محيطه الإقليمي والدولي بفضل ما حازه من مؤسسات دينية نشيطة ومؤثرة ذات حظوة رمزية واعتبارية، على رأسها مؤسسة إمارة المؤمنين، التي اضطلعت بأدوار ديبلوماسية شديدة الحساسية والأهمية، والتي أخذت على عاتقها تلبية حاجة المغاربة إلى الأمن والاستقرار، وتوحيد الصفوف، وإذابة الخلافات، وإشاعة مناخ الثقة والتضامن بين المغاربة فيما بينهم، ثم بينهم وبين جيرانهم في الشرق والجنوب والشمال، على اختلاف لغاتهم وثقافاتهم وأديانهم. تجربة المغرب في هذا الشأن تجربة رائدة، لذلك لم يتوان البلد، قديما وراهنا، في وضع خبرته في مجال تدبير الشأن الديني رهن إشارة البلدان الشقيقة والصديقة، ولم يدخر جهدا في سبيل رَدْمِ النزاعات الترابية، والخلافات السياسية الطارئة بالمنطقة.
أيها الحضور الكريم؛
اننا نهدف من خلال هذه الندوة إلى ترسيخ الجامع المشترك وتذويب تضاريس اللاعقلانية والضغائن والأحقاد، ودراسة موضوع جديد ألا وهو دور الدبلوماسية الموازية الدينية في خلق مرجعية فكرية هادفة تؤسس لأسرة إنسانية واحدة وبيت مجتمعي مشترك تعبر عن أفكار ذوي العلم والإصلاح لاجتثاث المغالطات والجهل من أصوله وجذوره،
ويعتبر المغرب إحدى الدول الرائدة في صياغة « الدبلوماسية الدينية » لا من خلال الإضافة النظرية والفكرية لما يشكله هذا المفهوم ولا من خلال التنفيذ والتجربة، ولعل سياسة الملك محمد السادس نصره الله وايده والتي تمحور جزء كبير منها حول مفهوم « الحوار » بشقيه الديني والثقافي أبرز دليل على ذلك، واليوم أصبح « مفهوم الحوار » ركيزة أساسية ضمن ركائز السياسة الخارجية للمملكة ومصدرا من مصادر قوتها على صعيد المسرح السياسي العالمي عامة والافريقي خاصة.
إن قضية تداخل الديني بالدبلوماسي آخذة في شحذ مزيد من الاهتمام نظراً لتبلور حقيقة الدور الكبير الذي بات يلعبه الدين على المسرح السياسي العالمي، وهو الأمر الذي دعا مجلس شيكاجو للشؤون الدولية إلى نشر تقرير في 23 فبراير 2010 تحت عنوان « الانخراط مع المجتمعات الدينية في الخارج: واجب جديد للسياسة الخارجية للولايات المتحدة »
نحن نجحنا في وضع الحوار على سلم الأولويات، واليوم آن الأوان أن نتساءل: الحوار انطلاقاً من ماذا؟ ولأجل ماذا؟ وذلك حتى لا تتخبط دبلوماسيتنا الدينية في وقت تزداد فيه أهمية الدبلوماسية الدينية يوماً بعد يوم.
ومما يدل على اهتمام أو توظيف المغرب لهذا النفوذ هو ما جاء في خطاب الملك محمد السادس حيث قال: »…وقد وجهنا دبلوماسيتنا كي تعمل على حسن استثمار التقدم الديمقراطي لبلدنا وإشعاعه الروحي ورصيده التاريخي وموقعه الجيوستراتيجي… ». وإذا كان الملك قد أبدى بصريح العبارة توجيه الدبلوماسية المغربية إلى حسن استثمار نفوذها الروحي، فإنه سيعمل على تأكيد ذلك في العديد من الخطب ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قوله: »…وسنولي تكثيف جهودنا ليظل المغرب وفيا لتوجهه الدبلوماسي ولثوابت سياسته الخارجية التي يمليها عليه تاريخه العريق وموقعه الجيوستراتيجي الذي يتوسط العالم وينفتح عليه ودوره كقطب للاعتدال والتعايش والحوار والسلم وحسن الجوار
. أجدد ترحيبي، في الختام، بضيوفنا الكرام الأفاضل، وأتمنى لهم مقاما طيبا يَغْنَمُون به علما وَفائدةً وَصِلاتٍ،كما أتمنى أن نجعل من هذه الندوة تقليدا علميا دوريا نسائل خلالَهُ مسؤولياتِنَا في موضوع تأهيل القَيِّمين على الشأن الديني بهدف إكسابهم المهارات العلمية والمعرفية والكفايات الديبلوماسية التي تسمح لهم بمباشرة مهمة الحوار بين المذاهب والأديان. وختاما لا أجد من قول يوجِزُ الغاياتِ والنِّيَاتِ، ويدعونا إلى تَدَبُّرِ حِكْمَةِ الاختلافِ ،أفضلَ من قول رب العالمين في سورة هود: (لَوْشَاءَ رَبُّكَ لَجَعَل َالنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ، إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾. صدق الله العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
Aucun commentaire