ما قل ودل من فكر العلامة مصطفى بن حمزة: أثر المذهب المالكي في تثبيت إمارة المومنين بالمغرب -7-
أعده للنشر: أحمد الجبلي
لقد عاش المغرب حالة من الاضطراب والتمزق السياسي قبل ورود إدريس بن عبد الله الكامل إلى المغرب، وحين وصل اختار النزول على قبيلة أوربة، وأقام فيها سنتين كانت له فيها صلات مع القبائل، وقد كان مضيفه إسحاق بن محمد بن عبد الحميد الأوربي قد انتسب إلى مذهب الاعتزال، وكان بحكم معرفته بمذهب عقدي له آراء كلامية واسعة، على وعي ولا شك بأحكام الإمامة العظمى، وعلى علم بمن تتوفر فيه شروطها، وبعد مرور سنتين كانت كافية للتأمل والتريث بايع المغاربة إدريس بن عبد الله، لأنهم علموا أنه جاء يحمل البيعة الشرعية التي تمت لأخيه محمد النفس الزكية بالمشرق، وكان مالك خصوصا يرى أنها هي البيعة الشرعية، ويرى محمد النفس الزكية أحق بالخلافة، وحين وفد إدريس إلى المغرب، بادر المغاربة إلى مبايعته مستأنسين بموقف مالك من بيعة النفس الزكية التي جاءت إلى المغرب تسعى بعدما ضاقت بها رحاب المشرق.
وقد مثلت إقامة الدولة بالمغرب على النحو الذي تمت به حدثا سياسيا كبيرا ذا دلالات عديدة منها أن البيعة كانت رضائية، لا أثر فيها للإكراه أو الإجبار، لأن إدريس لم يكن له ما يكره الناس به على مبايعته.
ومن دلالتها كذلك أن الدولة المغربية لم تقم على عصبية، كما يرى ذلك ابن خلدون، لأن إدريس لم تكن له بالمغرب عصبة حامية ولا قوم يسندونه، وإنما قامت على أساس من أحكام الإمامة العظمى.
وقد جلت بيعة إدريس معاني السمو والسماحة التي اتسم بها المغاربة الأمازيغ، حينما تنازلوا طواعية عن منصب رآسة الدولة للوافد الجديد لصالح بناء دولة قادرة على أن توحد القبائل في نطاق دولة قوية.
Aucun commentaire