ما قل ودل من فكر العلامة مصطفى بن حمزة :أهمية الحوار والقبول بالمخالف -1-
ما قل ودل من فكر العلامة مصطفى بن حمزة
أهمية الحوار والقبول بالمخالف –1-
أعده للنشر أحمد الجبلي
إننا كثيرا ما نحضر نقاشات أحادية، يناقش فيها الناس أنفسهم بأنفسهم، لأنهم يضيقون بالمخالف ولا يرون أن ما يقوله يستحق أن يستحضر في نقاشاتهم. ومن تمة تعودنا أن نرى هذه النقاشات التي لا تفضي إلى نتائج لأنها ليست نوعا من الحوار الفكري، ليست جدلا فكريا وليست مدافعة أيضا، وبالتالي فإنها تسير في مسار سرعان ما يرتطم بمسار آخر في نهاية الطريق لتبقى الطرق متباعدة وغير ملتقية مثلما لا تلتقي الخطوط المتوازية.
إن موائد الحوار والمطارحات الفكرية والعلمية عادة ما تستحضر تخصصات عديدة وأطيافا كثيرة وأفكارا متنوعة، وهي جديرة بأن تقرب الرؤى وتجسر الهوة القائمة بين الأفكار. ونحن في مجتمعنا، بعدما رأينا من وقائع ومن نقاشات في العالم الإسلامي وفي بلدنا، نراهن على المعرفة بالمعنى الحقيقي للمعرفة مجردة عن الآراء المسبقة وعن التموقعات الإيديولوجية، لأننا نستهدف شيئا واحدا هو الخير لهذه الأمة، فلابد أن نعطي وأن نستفيد، لابد أن نصغي ونتحدث ليكون في نهاية الأمر نقاشا حقيقيا مثل ما تم في مجالس المامون مثلما تم في كل اللقاءات التي كانت فيها النقاشات حقيقية على حد ما ترويه كتب المناظرات ومنها كتاب عيون المناظرات للسكوني. فأمتنا قادرة على الحوار ولا تخاف من النقاش إن الذي يخاف من النقاش والذي يقصي الآخر إنما هو شخص ليس مؤمنا بذاته وليس قادرا على الرد والدفاع عن أفكاره، ففكرنا الإسلامي قائم على نمط خاص هو استحضار المخالف والكاتب قد يكتب لنفسه قد يكتب لمن يوافقه ولكن حينما يحرر ما يعتقده يستحضر دائما أن هنالك مخالفا فيقول: إن خالف المخالف كذا وكذا فيحضر حجة المخالف ثم يرد فيقول: نرد عليه بكذا وكذا. وكان هذا الأسلوب قد سمي فيما بعد بأسلوب الفنقلة. إن قال فنقول وهو الحوار الحقيقي الذي عاشت عليه الأمة والتي فرت منه بعد تدني المستوى وهبوط المدارك.
Aucun commentaire