قراءة في مشروع القانون التنظيمي للجهة وبطاقة إعداد الهيئة الناخبة
قراءة في مشروع
القانون التنظيمي للجهة
وبطاقة إعداد الهيئة الناخبة
نعلم ان الكل أجمع على أن الخطاب الملكي السامي للأمة يوم الاحد 03 يناير 2010 ،حدثا تاريخيا مهما في المسار العام للمملكة المغربية بإعلان جلالته عن تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية ،في اطار تفعيل مفهوم الجهوية الموسعة المتقدمة على أرض الواقع .
وأهم المرتكزات الاساسية لهذا الورش الهيكلي الكبير ،هو بناء حوار فاعل ومنتج مع كل الفعاليات المعنية والمؤهلة واشراك كل القوى الحية للأمة في بلورة تصور مغربي أصيل للجهوية
ولابد أن تؤسس هذه الجهوية على مثاق الالتزام بالتضامن ينطلق من مؤهلات الجهة على مستوى الاستثمار ليصب في مفهوم تلاحم الجهات وتعايشها تنمويا واقتصاديا وثقافيا .ولتحقيق كل هذا شكلا ومضمونا يجب انبثاق مجالس ديمقراطية لضمان نخب مؤهلة لجهوية مبنية على الحكامة الترابية الجيدة
لكون الديمقراطية المحلية والجهوية والانتخابات والجماعات وغيرها ليست هدفا في حد ذاتها بل هي وسيلة لدمقرطة السلطة ورفع تحدي التخلف والية للاندماج في المجتمع وخلق قاعدة لنخبة متشبتة بالقيم الاخلاقية والمقدسات الوطنية تؤمن بالديمقراطية والمشاركة والمصلحة العامة.
على هذا الأساس جاء الخطاب الملكي السامي مؤطر للجهوية المتقدمة بالاضافة الى ما نص عليه الدستور 2011.
وباختصار فعند قراءة : 1- مشروع القانون التنظيمي للجهة
2- مسودة بطاقة حول إعداد الهيئة الناخبة الوطنية
نلاحظ تراجع في ما دعاه الخطاب الملكي السامي المؤسس للجهوية لسنة 2010 وكذا لما جاء في بنود الدستور الحداثي الجديد ل 2011 .
وسنذكر باختصار النقط التي نرى أنها تستدعي التغيير والتعديل وذلك حسب تفكيرنا المتواضع :
أولا: في ما يخص مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة
1- المواد 11 و 12 و 13 و 14 و 17 وعلى الخصوص 16 :
من منطلق هذه المواد نلاحظ فرض فكر الوصاية بعمقه من خلال 11 و 12
إقرار في المادة 16 على انه يتم انتخاب رئيس مجلس الجهة من بين الأعضاء المرتبين على رأس لوائح المترشحين التي فازت بمقاعد داخل مجلس الجهة .
وهذا التوجه بعيد عن العملية الديمقراطية من جهة ، ومن جهة أخرى سيكرس هينة الوصاية والتلاعب والتجاذب وطغيان إرادة الوصاية على الاختيار الشعبي .
ومن هنا نرى انه يجب انتخاب رئيس المجلس انطلاقا من الإرادة الشعبية وذلك بجعل رئيس مجلس الجهة هو الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات . » أي اللائحة التي تحتل المرتبة الاولى « .
2 المادة 09 :
أقرت أن مهام رئيس المجلس تتنافى مع رئيس مجلس جماعة وغرفة ، وفي حالة الجمع بين هذه المهام يعتبر المعني بالأمر مستقيلا بحكم القانون من أول رئاسة انتخب لها .
نحن نرى انه لا يمكن قبول ملف المترشح إن كان رئيسا لجماعة أو غرفة قبل ان يؤدي استقالته منذ البداية وليس حتى أن يخوض غمار المنافسة الانتخابية على مجلس الجهة ،وان فاز يعتبر مستقيلا بالمنصب الأول الذي هو الجماعة مثلا .
وهو نفس الأمر الذي نقوله بالنسبة لعضو بمجلس النواب او المستشارين ، لابد من تقديم استقالتهم منذ وضع ملف الترشيح وليس حتى خوض غمار المنافسة ومعرفة النتائج .
3-المادة 27 :
نرى أن يكون كاتب الجهة من بين أعضاء مجلس الجهة وليس خارج أعضاء مجلس الجهة كما جاءت بذلك المادة 27 .
4-المادة 30و 31 :
نرى أن يتم تغيير صيغة أسلوب المادتين : بجعل مصطلح » امكانية » مثلا « المادة 30 : « يمكن لأعضاء المجلس الترشح لرئاسة اللجن الثلاث الدائمة
كما يمكن إن تنتخب لرئاسة إحدى اللجن الدائمة مترشحة من خارج أعضاء المكتب وذلك بمقرر يتخذه المجلس . »
-وهو نفس الأمر يمكن صياغة المادة 31 بأسلوب خال من الغموض واللبس .
5 – المادة 40و 41 :
أولا : تاريخ توصل أعضاء المجلس بجدول أعمال النقط المدرجة بالدورة الاستثنائية المقترحة من قبل والي الجهة المحددة في ثلاث أيام قبل موعد انعقاد الدورة تعتبر مدة غير كافية بالنظر إليها كدورة استثنائية وبطلب من السيد الوالي ، ولابد أن تكون تلك المقترحات مهمة .
ثانيا : لم تنص المادة على الجزاء أو الحالة التي يمتنع فيها رئيس مجلس الجهة بعقد دورة استثنائية لمناقشة اقتراحات السيد الوالي ؟؟
6- يبقى الغموض والتداخل بين اختصاصات الجماعات الترابية والجهة قائما ،وهذا ما سيؤدي إلى تضارب في الاختصاصات وبروز تنازع .
7- منصب المدير العام لم يتم وضع معايير اختياره وشروط قبوله » خاصة كفاءاته «
8- سلطة الوصاية في شقيها القبلي – المادة 103 و193 والبعدي حاضرة وبقوة ،
9- غموص في كثير من المواد : خاصة المادة 105 : والتي تتحدث عن الاختصاصات بذكرها : التخطيط ’ البرمجة ، الانجاز …هذه تعتبر مصطلحات فضفاضة و تستوعب تأويلات متعددة وحسب الزاوية العلمية التي يمكن قراءة بها هذه المصطلحات .
10- المادة 109
تتحدث عن التدرج في منح الاختصاصات للجهة وهذا سيؤدي إلى اعتبار المجالس الجهوية مازالت قاصرة على منحها كل اختصاصاتها .
لذلك لا يمكن أن نؤسس الجهة المتقدمة وفي نفس الوقت لا نثق بتسييرها .؟
11-المادة 139
تتحدث عن أعضاء لجنة الإشراف والمراقبة للوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع : وحددت ثلاث أعضاء من مجلس الجهة يعينهم الرئيس .
وهنا نرى أن ثلاث أعضاء بالمقارنة مع حجم مهام الوكالة من جهة وعدد أعضاء مجلس الجهة الذين يتركب المجلس منهم غالبا بين 40 و 75 عضو ،ومن جهة ثالثة شساعة مساحة الجهة وأعمالها ،ومن هذا كله نرى أن يكون العدد مضاعف أي 6 أعضاء يعينهم رئيس المجلس بدل ثلاثة أعضاء فقط .
ثانيا : في ما يخص مسودة إعداد الهيئة الناخبة الوطنية
فأول ملاحظة
هي التواريخ : حيث من المرتقب في السنة المقبلة وخاصة في منتصف يونيو 2015 ،سيكون شهر رمضان المبارك ،وبذلك كيف يمكن ان تكون هناك حملة انتخابية أو دعائية في جو مخصص مسبقا للذكر والتعبد .
فلذلك نقترح أن تكون الانتخابات بعد شهر رمضان أي ما بين شهر غشت وشتنبر .
الملاحظة الثانية :
الاعتماد على مراجعة اللوائح الانتخابية ،ونحن نرى أنه لابد من تجديد اللوائح الانتخابية بدل مراجعتها .واجل ست أشهر مدة كافية لمراجعة اللوائح الانتخابية مراجعة شاملة بالاعتماد على البطاقة الوطنية .
ويمكن الاعتماد بشكل ضبطي وميداني على عملية الإحصاء .
الملاحظة الثالثة :
الاعتماد على بطاقة التعريف الوطنية كوثيقة أساسية في التسجيل والتصويت
وصفوة القول :
وكما قلنا سابقا في مقال لنا » كلنا شركاء في الجهوية التشاركية » فلابد أن تؤسس الجهة على الاستقامات التالية «
-1الاستقامة القانونية :
وذلك لتكون الجهة مؤطرة بمقتضيات قانونية واضحة وزجرية وأن يتم تنفيذها على الجميع وعلى سبيل المساواة مع ضرورة اعتماد الجماعات على مساطر سلسة وواضحة في اتخاذ القرارات واليات المراقبة الداخلية والتدقيق والاستشارة القانونية ،مع إعطاء صلاحيات واسعة للمؤسسات الجهوية : المجلس الجماعي والادارة المحلية ،والتزام الدولة للحياد التام في العمليات الانتخابية .
2-الاستقامة الإدارية :
لابد ان نؤسس لتنظيم إداري جهوي ومحلي يسير على منهج الانتقال من منطق الوصاية إلى منطق المواكبة الجيدة ،ومن تنظيم تقليدي بيروقراطي إلى تنظيم تشاركي حديث يفعل الحكامة الترابية الجيدة و يراعي اختلاف المناطق والجهات وخصوصيات كل واحدة على حدة .
وبالتالي يصبح التنظيم الجهوي أحد الأساليب لإدارة المرافق العامة لتلبية حاجيات الأشخاص –معنوية ،وطبيعية – بالشكل الذي يتلاءم ورغباتهم وخصوصياتهم بفعالية وكفاءة وأخلاق ومسؤولية ،
وبذلك يكون القرار قريب من مكان تنفيذه وعلى مسؤولياته .
3-الاستقامة السياسية :
وذلك من اجل ضمان انتخابات حرة ونزيهة في اطار أحزاب قوية بأفكارها وبغيرتها على ثوابت الأمة، ذات برامج وقدرة اقتراحية فاعلة ،و بروز كتل سياسية راقية في تعاملها مع بعضها البعض ،قريبة من المواطن ،تنتج نخب كفوءة وذات أخلاق عالية وغيرة وطنية .وتتخذ المؤسسة الحزبية كمصدر لقواها وليس فقط كمطية للمتاجرة في التزكية .
وتكون هذه الأحزاب شغلها الشاغل رفع نسبة المشاركة وإعمال مبدأ التداول على السلطة بكل شفافية وتشارك ،وبذلك نرقى إلى فعل سياسي يتوافق و مفهوم الجهوية الموسعة .
وكذا الاستقامة السياسية في تحديث الموارد البشرية وذلك من خلال تمكين الجهات من تأطير أفضل للكفاءات وخلق اليات التحفيز والتكوين ،حتى تمارس الطقات المحلية المهام المنوطة بها في أحسن الظروف ،وكذا ايلاء عناية خاصة للطاقم والاطر التي تتولى المسؤولية في المناصب العليا في تدبير الجهة .
وأمام هذا التحول والتقدم لابد من رفع مستوى العضوية في الجماعات المحلية والجهات وخاصة رفع مستوى رئيس الجماعة من مستوى الشهادة الابتدائية التي تعتبر عار على احزابنا التي ظل أغلبها يساند هذا التخلف ، وذلك برفعها الى الاجازة على الاقل .اذ لا يمكن وضع مستقبل جهة أو جماعة قروية أو حضرية في يد شخص أمي ؟.
ثم الاستقامة السياسية في محاسبة ومسائلة و متابعة منتخبينا وتقييم أداء جهويتنا وجماعاتنا لضمان تسيير ناجع وتدبيرهادف عبر تعزيز أليات الشفافية .
4 الاستقامة الاعلامية ( قنوات ،جرائد ،اداعات ..)
وذلك بخلق إعلام محايد قوي ومحترف جهويا ووطنيا يعيد الثقة إلى الشعب المغربي والساكنة المحلية عبر الاهتمام بمشاكلها ويتناول قضاياها ويراعي خصوصياتها ويساهم في النهوض بالتنمية الجهوية المندمجة وبالتالي يرسخ قيم المواطنة الحقة ويسعى للحفاظ على الهوية المغربية ووالوحدة الوطنية .
هذه أهم الاستقامات التي لا يمكن أن نتحدث عن جهوية متقدمة أو موسعة بدون أن نؤسس لها الإطار القانوني الجريئ والعمل السياسي الواعي عبر خلق تنظيم إداري متطور وربط المسؤولية بالمحاسبة .
ذ : محفوظ كيطوني
محام وفاعل سياسي وجمعوي
Aucun commentaire