تحصين أمننا الفكري ضد الفكر الداعشي ضرورة حتمية
تحصين أمننا الفكري ضد الفكر الداعشي
ضرورة حتمية
بقلم :ذ. عبد الفتاح عزاوي
يـرجع تأسيس ما يسمى »بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام » »داعش » حسب العديد من المحللين والمتتبعين لمراحل تطوره ،إلى اتحاد مجموعة من الفصائل العراقية المقاومة للاحتلال الأمريكي ضدا على القرارات التي اتخذها الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر بعد سقوط نظام حكم صدام حسين ، حيث قام بحل القوات المسلحة العراقية وإلغاء عدد من أجهزة الأمن .
كما قام بريمر بحل حزب البعث العراقي ، وقطع طريق المشاركة السياسية أمام العديد من مكونات الشعب العراقي ،وذلك باعتماد صيغة دستورية تعطي الأهمية الكبرى للمكون الشيعي على شاكلة الصيغة اللبنانية .
بالإضافة إلى كل هذا ساهمت التجربة الفاشلة لرئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي في تأزيم الوضع العراقي إلى حد لا يطاق ، بسبب زرعه لبذور الفتنة الطائفية والمذهبية في الجسد العراقي المتهالك لما يزيد عن 8 سنوات .
وبعدها امتد توسع هذا التنظيم إلى مناطق أخرى وخاصة بسوريا التي أصبح يسيطر فيها حتى الآن على ما يقارب ثلث مساحتها ،وبلغ عدد مقاتليه أزيد من 50000 ألف مقاتل ينتمي أغلبهم إلى جنسيات مختلفة، في حين بلغ عدد المغاربة الذين يقاتلون في صفوفه أزيد من 1500 مقاتل .
هذا التطور المطرد لأعداد الوافدين إلى التنظيم من كل حدب وصوب، جعل المنطقة العربية برمتها تقفعارية أمام قباحتها وتوحشها ، دون عمليات تجميل أو تشذيب ،مفجوعة بواقعها المعقد، تاركة رصيدها الحضاري والثقافي في عهدة الماضي والذكريات ،وعرضة للمزيد من تهديدات هذا التنظيم الهمجي المتعطش لسفك الدماء والذي اتخذ من التكفير عقيدة ومن الإرهاب منهجا .
اليوم و بعد كل ما حدث، تناسلت العديد من الأسئلة المحيرة في زمن العنف هذا من قبيل: كيف أمكن لما حدث أن يحدث ؟ وما مصير طموحات النهضة والحداثة في منطقتنا ؟
ان تـــــــكــــــــاثر مثل هذه التساؤلات هو نتيجة طبيعية لواقع غير طبيعي يحتم على الجميع، مؤسسات وأفراد ، ضرورة التعجيل بتمنيع المجتمع والناشئة على وجه الخصوص من الأفكار الضالة ، ومن كل مظاهر التشدد والتطرف وذلك عبر إعادة النظر في النظام التعليمي السائد لأنه هو المدخل الرئيسي لتحصين الأمن الفكري.
ومن أجل ذلك، يجب أن يتضمن هذا النظام التعليمي فكرا تربويا سليما يتصف بمجموعة من المواصفات والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
– الأهمية العقلية: إذ يجب أن يستهدف الفكر التربوي تحرير الإنسان من الأساطير والخرافة في الاعتقاد أو السلوك ، ورفع الحواجز الوهمية التي تحول دون استعمال طاقة العقل .
– الأهمية الدينية : وتتجلى في توجيه العملية التربوية لتكون قادرة على إحياء القيم الإسلامية التي تمثل الإنسان المتكامل في الإسلام .
– الأهمية الوجدانية : لأنه بدون التمتع بالجانب الوجداني يفقد الإنسان شخصيته ويصبح عرضة للعديد من الأمراض النفسية .
– الأهمية الاجتماعية: فالفكر التربوي يجعل الفرد يتكيف مع مجتمعه ويساهم في تطويره
– الأهمية الحضارية: يساهم الفكر التربوي في الانفتاح على حضارات أخرى والحفاظ على التراث ونقله و تطويره .
– الأهمية الاقتصادية : يعتبر الفكر التربوي أداه فاعلة في التنمية التي تحقق مصالح المجتمع.
– الأهمية السياسية: وذلك عن طريق إشاعة قيم الديمقراطية والحداثة والمشاركة في قضايا المجتمع.
خلاصة القول ، يبقى الفكر التربوي السليم ركيزة أساسية من أجل ضمان التوازن الإنساني بين الفرد ونفسه فيصبح سويا ، وبين الفرد ومجتمعه وبذلك يساهم في تحصينه وتمنيعه من كل خطر قد يحيق به .
Aucun commentaire