كانت مدينتنا في الموعد كما عهدناها دائما ،أخرجت أجمل ما تملك  من لباس ،تزينت ،وتعطرت ، أم تستقبل زوارها  بعد طول فراق ،تسائلهم لماذا الغياب ،تعاتبهم ،تآخذهم، لكن ما أعظم  قلب الأم حين تغفر الجفاء، وكم هي جميلة لحظات العناق واللقاء . ونحن في استقبال ضيوفنا من كل بقاع العالم ،وخاصة من كافة أرجاء الوطن و من مغربنا الكبير ،لم نكن نحن من نستقبل كل هؤلاء النجوم،  بل كان الجميع في ضيافة أمنا الأرض ،هذه الأم، التي لنا الشرف أن نكون أبناءها وبكل الفخر نقول :شكرا لك أمنا الأرض .
لقد كان العرس سينمائيا بامتياز ،نجوم ونجمات تطأ أقدامهم أرض وجدة لأول مرة .
أوصتنا أمنا الأرض ،أن نترك البروتوكالات جانبا ،ونستقبل  الضيوف بكل الحب الذي نملك وبكل الصدق الذي نملك ،أزحنا الغبار عن روابط الأخوة ، وأرجعنا الدفء لأحاسيس كانت متجمدة في ثلاجة السياسة ،لنمنح للوافدين علينا ، قلوبا تؤمن بغد مشرق ،ومستقبل جميل ،يتحرك فيه القطار من موريطانيا إلى ليبيا دون حاجة  لاستعمال جواز سفر.
مرت أيام المهرجان بسرعة كالحلم  ،استمتعنا بكل لحظة عشناها ،افتتاح للترحيب بضيوفنا ،باقة أفلام مغاربية منتقاة بعناية ،ورشات تكوينية،ندوة علمية تناقش الهويات المتعددة واللغات المتجددة في السينما المغاربية  ،جلسة حول السينما المغاربية،لقاءات منتصف الليل لمناقشة الأفلام ،زيارات ولقاءات ،وفي الأخير الاختتام والتتويج .فاز فيلم صباط العيد للمخرج أنيس الاسود من تونس الشقيقة، ومعه فازت مدينة وجدة بشرف استقبال فناني مغربنا الكبير.
بعد حفل الاختتام  مباشرة  ،علامات الفرح والرضا بادية على كل الوجوه ،لم تتوج أفلام البعض طبعا ،لكن التتويج الحقيقي كان للوحدة المغاربية ،وللفن السابع ولأمنا الأرض .
بعد التتويج ،مأدبة عشاء أقامها السيد الوالي على شرف ضيوف المهرجان ، موسيقى راقية من  الطرب الغرناطي،تبادل التهاني ،والكلمات … انتهى الحفل …
استفقنا في اليوم الموالي باكرا على منظر حقائب متناثرة هنا وهناك،وعناق وقبلات ، حانت ساعة الرحيل  . في أعين الفنانين دموع جياشة وأحاسيس صادقة  ،ليست كتلك التي نراها  في مسلسل درامي أو في فيلم سينمائي .ما أقسى لحظات الفراق ،لكن إصرارنا على اللقاء هون علينا قسوة هذه اللحظات، سنجدد الموعد في شهر أبريل من سنة 2015 إن شاء الله،وأتمنى أن نستقبل ضيوفنا المغاربيين في السنة المقبلة بدون جواز سفر .
أمنا الأرض الآن بدون ضيوفها ،لكن، نحن الآن، أبناؤها، نستمتع  بجمالها ،بكل شبر من أرضها وهي تستمتع بنا أيضا ونحن نشتغل  ،نبني،  ونعيش حياتنا اليومية ،تحضننا جميعا ،وتمنحنا اعتزازا بالانتماء إليها ،لكننا لن نوفيها حقها …
تحية إجلال وتقدير للسيد والي صاحب الجلالة الذي بدونه ما كنا لنرتقي وننجح ،عنه التقطت جملة واحدة ما زالت تتردد على مسامعي:كونوا رجالا وأنا معكم…
شكر خالص  لكل الداعمين والشركاء والمساهمين المؤسساتيين والخواص ، ولباقي جنود الخفاء كل الاعتراف والتقدير.
شكرا للمنابر الإعلامية المحلية والوطنية والدولية على مواكبتها الإعلامية المتميزة.
أما عن اللجنة التنظيمية ،فلجمعية سيني مغرب شرف التأسيس والتنظيم  ،ولشركة الإنتاج S&J Event  الشكر الجزيل عن التميز.

خالد سلي      يكتب عن مهرجان الفيلم المغاربي الروائي القصير بوجدة