رسالة الجزائر
رسالة الجزائر
رمضان مصباح الإدريسي
جنرالات وجنرالات:
لقد أزعجت سلسلة مقالاتي عن رئاسيات الجزائر حتى القيادة العسكرية العليا لدى الجيران ؛رغم أن هذه المقالات لم تزد على استثمار ما يرشح عن الساحة السياسية ،من تصريحات وكتابات ووعود لها ارتباط مباشر ، أحيانا، بوطني.
ومن هنا يبدو لي -اعتبارا لقناعتي الخاصة – أنني غير متطفل ،وغير محرض على سوء حبا في السوء،حينما أنخرط في مقاربة الشأن السياسي الداخلي للجزائر؛باعتباري مواطنا مغربيا لم تدخر الجزائر الرسمية جهدا – قولا وفعلا وتمويلا- في عرقلة جهود بلاده وهي تمارس سيادتها على صحرائها ،ثم وهي تحصنها وتنميها.
لقد أصبحت الصحراء المغربية – وقبلها كل ما اقتطعه المستعمر الفرنسي من خريطتنا وضمه للجزائر- شأنا يخص كل المغاربة ؛عليهم أن يستميتوا في الدفاع عنه ،والمطالبة به ،بكل الوسائل المتاحة .
أيها القادة الجزائريون لن تسقطوا القلم أبدا من يدي إلا إذا رفعتم الحصار عن المغاربة الصحراويين المحتجزين فوق أرضهم المغربية ليعودوا الى مضاربهم وأهلهم .
أنا لا أحمل بندقية ،ولا أواجهكم بغير الكلمات ،بغير المرايا التي تعكس صوركم ؛فكفوا أكف.
ها أنا أترجم للقراء رسالتكم « العسكرية » الأنيقة أسلوبا ؛مما يدل على ارتقاء الرتبة الكاتبة؛خلافا لسابقاتها التي لم تبدع سوى في معجم السباب ،وهو العملة الجزائرية الثانية بعد الدينار.
أما عن اتهامكم لي بأنني قلم في خدمة الملكية والمخزن فأقول لكم : »فَبِها ونِعْمَتْ » ؛وهما أيضا في خدمتي كمواطن.ونحن جميعا في خدمة ترابنا المغربي وسيادتنا وأمننا،على هذا تعاقدنا جميعا،منذ الأزل.
وعقد بكل هذا الثقل لا ثمن له،خلافا لما تتوهمون . ثقوا بهذا أنتم الذين تدفعون لشراء سكوت مواطنيكم ؛ ثم تدفعون لشراء ضجيج الشباب الصحراوي في العيون وفي غيرها.
أما عن جنرالاتنا فلا تقعوا في التناقض :تؤكدون على خدمتي للملك،وفي نفس الوقت تدلون بخوفي من جنرالات المملكة.
وعلى أي فلست مخولا للدفاع عنهم ،خصوصا وهم حماة البلد. أما ما أبنتم عنه من خبرة بالأجور ،ومعرفة بالأسماء العسكرية،فهو خير دليل على الجهة التي تصدرون عنها.
لكن ثقوا أنها أجور معلنة عندنا منذ زمن،ومستحقة اعتبارا لبلائهم في حماية الدار من الجار؛ومثل هذه الحماية تتطلب يقظة دائمة ،وفي مجاهل الصحراء.
جنرالاتكم لا أجر محددا لهم ،اذ يملكون الجزائر كلها،بشهادة مواطنيكم. ومن يملك الجزائر يملك ما فوق الأرض وما تحتها. ويملك أيضا أن يكون أكبر مرتاد لأسواق الأسلحة،بشهادة المعاهد المتخصصة.
وختاما كفوا آذاكم عنا ،وتربصكم بصحرائنا ؛حتى لا نضطر إلى الزيادة في أجور جنرالاتنا؛إن كانت رفاهية الشعب المغربي تهمكم حقا.
هذا ما يمكن لكاتب مغربي لا رازق له ،بعد الله،غير الصندوق المغربي للتقاعد-وبما لا يتجاوز حاجياته الأساسية- أن يقول لكم : ثروتي الكبرى في بنك الوطن – وليس بنك المغرب المعروف-وبالمناسبة فهو على شكل قلب كبير.
المتن المترجم:
« بداية يجب ،رغم كل شيء،الاعتراف بأنكم تتفوقون كثيرا في لغة القرآن المقدس .لكن خلافا للتعاليم الإلهية التي تنادي بحب الآخر ،خصوصا إذا كان هذا الآخر أخا في الدين (على دين الإسلام) فإنكم – في مقابل هذا- تبثون الشقاق
والكارثية،وإنكار الآخر.
انكم تعميميون وسطحيون في أحكامكم وتنبؤاتكم المستقبلية المزعومة،وتفسيراتكم المطنبة ، المؤسسة لها .
( إنها ماضوية تاريخية مزيفة،حسب زاوية نظركم ،تعزيزا لمصالح أولائك الذين جندوكم ،وخصصوا لكم عمودا أسبوعيا للعن بلد جار.)
إن أسلوبكم في الكتابة ،المنتحَل كلية من أساليب قدماء الكتاب الكبار ،لا يذهلنا إطلاقا،و أيضا لا يمنعنا أبدا من تحدي اتهاماتكم المجانية ،وثرثرتكم الفارغة والمفخمة.
إن الشعب الجزائري ليس غِرّا لينتدبكم للتحدث باسمه.
إنكم مكلفون بمهمة دنيئة ،من المرتبة الساقطة ؛تستهدف انجاز عمل ساقط ،ليس الشعب الجزائري غفلا إزاءه.
إنكم تمطرقون رؤوسنا بخطاباتكم الأخوية ؛والحال أنكم قلم تابع للقصر الملكي. إن هذا هو اليقين الذي ينبعث من مقطوعاتكم المدحية المجزأة التي تبيضونها لمخزنكم.
إنني من جيل ما بعد الاستقلال ،وقد تربيت في مدرسة أحمد الطالب الإبراهيمي وهواري بومدين .في جميع الكتب المدرسية ،وبالنسبة لجميع الأسلاك ،تعلمنا حب الآخر ؛خصوصا حينما يكون هذا الآخر أخا مغربيا وجارا لصيقا.
لا حقد لنا على الشعب المغربي ؛والكراهية التي تشيرون إليها في كتاباتكم هي مجرد مزاعم للنظام الفيودالي المخزني للملكية ؛خصوصا حينما تُحبط خُططُها وخدعها، المزعزعة للاستقرار والتوسعية .
ان الشعب الجزائري مسيس كثيرا وواع بالتحديات التي تنتظره في مستقبله القريب؛وعليه فلا شفاء له إطلاقا في دروسكم المطبوعة و المحملة بالنفاق. ان له الثقة الكاملة في مؤهلاته و مؤسساته ومسؤوليه .
ان الجزائر هي – حصريا- المحمية الخاصة بالجزائريين .فَلْتَرْعوا بعيدا .
إنكم غالبا ما تثيرون المساعدة والدعم اللذين تلقتهما الجزائر من المغرب ،خلال حرب التحرير(1954-1962)لكنكم تغفلون شيئا أساسيا – وليس هذا الإغفال خاصا بكم ،بل تشتركون فيه مع جميع المغاربة- وهو كون نضال الجزائر من أجل التحرير سمح لكم،جليا، بتحقيق سيادتكم سنة 1955. ان الكولونيالي الفرنسي ركز كل قوته على الجزائر لمحاربة الثورة الجزائرية التي نهض لها الشعب قاطبة. كل ما زاد عن هذا هو مجرد إنشاء أدبي تم تدوينه ونشره وزرعه ،إلى حد الإسراف، من طرف نظام المخزن؛في الرؤوس الصغيرة والغبية.
لقد حان الوقت ،بالنسبة لكم – بل ومن الحكمة- أن تسخروا قلمكم لخدمة الشعب المغربي ؛وهو في أمس الحاجة إليها.
أمامكم ورش أعمال شاسع جدا لتنكبوا عليه:أذكر على سبيل المثال لا الحصر :
*الركوع لله القادر على كل شيء ،وليس للملك(في المتن يستعمل التصغير).
*الافتقار الشامل ،لشريحة عريضة من المواطنين،الى الماء والكهرباء؛مع النسبة الأعلى ،مغاربيا،للأمية.
*القضايا الكبرى التي تزعزع الاقتصاد المغربي: الأقلية المحظوظة (الملكية وخدامها) التي تستحوذ على الشطر الكبير من ثروات البلاد(عبد العزيز لحلو مثالا).
*وإذا تأتت لكم الشجاعة،هاجموا جنرالاتكم بدل الثرثرة حول الوضعية المادية والمالية لجنرالات الجزائر.
*ان جنرالات الجزائر ،الورثة عن استحقاق لجيش التحرير الوطني ؛تحولوا الى كوابيس بالنسبة لكم في المغرب ؛لسبب بسيط هو كونهم يشكلون حصونا منيعة ،غير قابلة للاختراق؛تتكسر حولها كل المؤامرات التوسعية للمخزن المغربي.
أطلب منكم ،بتواضع، أن تهتموا بالحياة المادية/الدنيوية لجنرالاتكم ؛وبصفة خاصة بجنرالات الملك(بالتصغير دائما) محمد السادس .
–
–
هو ذا أمامكم موضوع مهم ،ومفيد أيضا لمواطنيكم ؛يمكنكم الانكباب عليه بدل النظر شرقا.
ان الجزائر لها أبناؤها الشد يدو الغيرة ،حينما يرون أجنبيا يحوم حول حماها، أو يكتفي بإشارة من طرف العين.(تهديد مبطن:المترجم)
تحية لمن يستمع جيدا.
توقيع محي الدين،مواطن جزائري
الاسم في معطيات goglmail: MAHI RAHAOUI
خاتمة: أيها الكاتب ،ان كتاب المغرب لهم كرامتهم وأنفتهم ؛وفي نفس الوقت يتمتعون بهامش مهم لحرية التعبير،يزداد اتساعا،وأقرب دليل إلينا دخول كتاب الأمير هشام؛وفي نفس الوقت تربطهم بالجيش الملكي –من جميع الرتب- علاقة عادية،غير قائمة على الخوف كما يحصل بالنسبة لمثقفي الجزائر ؛والذين هاجر أغلبهم خارج البلاد ليستنشق هواء الحرية ولو مغتربا.
ورحم الله من قتل منهم في العشرية السوداء ،ومن سيقتل حينما يخالف الروح العسكرية التي تصدر عنها في خطابك القوي الدلالة ،ظاهرا وباطنا.
ها أنذا ترجمت رسالتك بكل أمانة ،بما فيها التعريض بجنرالات المغرب ،والانتقاص اللفظي غير المهذب من قدر ملك البلاد الشديد التواضع ،بدون مجاملة مني ولا نفاق.
فهل اقتنعت أن المغرب –وهو اليوم من نمور إفريقيا- هو غير الجزائر،قلعة الخوف؟
Ramdane3@gmail.com
Ramdane3.ahlablog.com
Aucun commentaire