تحسبا لتطورات عسكرية خطيرة في الجزائر
رمضان مصباح الإدريسي
تقديم:
» لن بفيد في شيء تشريح النظام الحالي؛انه الفشل التام منذ 1962.لقد حان الوقت لتغيير كل شيء…………
إن بناء الجمهورية الجزائرية الثانية هدف واقعي. سيتحقق عبر مسار يمتد عدة سنوات ؛حتى وان كانت بعض الإصلاحات سترى النور عاجلا،بدءا من 2014.إن خيار عدم التسرع في بناء واعتماد دستور جديد ،يستمد مصداقيته من هاجس تجميع أكبر قدر من شروط النجاح؛قبل العبور إلى نظام سياسي في منتهى الجدة. إن الانتقال الهادئ والسلمي مفضل على التغيير العنيف.خلال خمس سنوات سيتمكن البلد من بناء مؤسسات تامة الجدة. »
الخبير الاقتصادي علي بنواري:وزير الميزانية في حكومة أحمد غزالي و المرشح للرئاسة
http://www.algerie-focus.com
نهاية التاريخ:
التاريخ كالبركان ،بعد فورة الماغما بفعل الانضغاط الباطني المولد لطاقة الدفع ،يشرع في الهدوء تدريجيا حتى لا يقوى الا على حشرجة الانطفاء والموت..
انتهى التاريخ الجزائري الحديث ،بكل رعده وبرقه ،وحتى صواعقه،وليالي سكاكينه الطويلة،الى ملازمة كرسي متحرك ،في شخص عجوز يغافل الموت، في قصر المرادية، اسمه عبد العزيز بوتفليقة.
لقد عاش –التاريخ والرجل سيان- عنفوان تأسيس الجمهورية الخطأ ،والنظام السياسي الخطأ.
لم يكن صادقا إلا في أمرين: الانقلاب على قيم جبهة التحرير – وهي مغربية أيضا-وقياداتها التاريخية؛وكراهية المغرب الى حد ظهور « توحيمة » في جبهة الدولة ؛قررت مصيرها أكثر مما فعلت الخطب الثورية الخشنة للراحل هواري بومدين.
لتغتال الشرعية التاريخية عليك بشرعية السلاح والانقلاب؛ولتتقي الخطر المحتمل من جارك عليك بالقوة ورباط الخيل؛
ولتضمن إحساس الشعب بوطأتك عليك بأحذية ثقيلة .
هكذا ولدت دولة الجنرالات ،وتأسست عصبيتها التي تمكنت من اختطاف دولة الجزائر منذ 1962. وما كان لها أن تصمد كل هذه السنين لولا دروب الحرب الباردة ،وفزاعة المغرب التي تظهر وتختفي ،حسب الحاجة.
وحينما خفت بريق هذين السندين- خصوصا بعد أن بدا واضحا للشعب الجزائري أن المغرب استقر في صحرائه نهائيا ،وهو يرشف عصير الليمون ،كما قال المرحوم الحسن الثاني؛وظهر له جليا ضعف القوة العسكرية التي خولت لنفسها أكبر حصة من الإنفاق العام منذ تحرك الجيش الملكي صوب الصحراء – تم خلق عدو جزائري داخلي،بالانقلاب على الفوز الانتخابي الكاسح للجبهة الإسلامية للإنقاذ ،في بلديات1990 .
هذا ما مكن الجنرالات من تبرير مواصلة احتجاز الدولة ، متذرعين بتدبير حرب أهلية لم يكن وراءها أحد غيرهم. وقد انقلبوا في 11 يناير1992 حتى على الرئيس الشاذلي بنجديد- عضو مجلس الثورة- الذي خلق الظرف السياسي الانفتاحي الذي مكن الجبهة الإسلامية من الفوز ،كما انفتح على المغرب ،مما أدى إلى تأسيس اتحاد المغرب العربي في 17 فبراير1989.
هكذا فتحوا جبهة داخلية لصنع البطولات،وتكديس الثروات،وصنع الموالاة الخارجية بصفقات الأسلحة، وترهيب الشعب الجزائري بأطره وإعلامه ومثقفيه؛وقد أسكنوه في الرتبة العسكرية الدنيا لا يبرحها إلى اليوم ؛رغم كونه المالك الشرعي للدولة.
عشرية دموية لم تندمل جراحها بعد،ولولا وجود بوتفليقة ، الداهيةالمفوه والمخاتل، في رصيد العسكر لما توقف شلال الدم .
ان الدولة الجزائرية، الشعبية والديمقراطية، التي جاهد الجزائريون من أجل إقامتها لم تتأسس بعد ؛وهذه التي نرى اليوم مجرد ظل لشجرة أخرى غير شجرة الثورة .
ان الفشل الذي يتحدث عنه المرشح علي بنواري ليس فشلا تدبيريا فقط ،لمؤسسات الدولة؛انه فشل بنيوي لازم الدولة المستقلة منذ لحظات التأسيس الأولى وصولا الى فشل كل وظائف الجسد و استفحال تعفناته.
نهاية مسار دولة عسكرية ،لا شرعية تاريخية لها ،عدا ما أبدعته من أساليب الاستبداد الفاشستي .دولة لا تزال أحزابها تحتفظ بعذريتها لأنها لم تمارس السلطة قط .أحزاب حيل بينها وبين النشاط السياسي الموصل إلى الحكم.
قيادات عسكرية لم تر ضرورة في خلق ظروف سياسية سليمة تؤدي الى ظهور قيادات مدنية شابة؛وكأن قدر الجزائر أن تحكم الى الأبد من داخل الثكنات.
ولعل في هذا استنساخا لحكم المقيم العام،كما أسسه « ليوطي » ،وللآليات العسكرية والمدنية التي اعتمدها المستعمر الفرنسي في التهدئة والضبط.
قيادات عسكرية استنفذت اليوم كل فرص تجددها وتعاقبها على الحكم و التحكم في مقدرات البلد الاقتصادية.
حتى مرض الرئيس يتم التعامل معه على أنه مرض الدولة كاملة،وليس مرض رئيسها فقط؛وهو مرض لا خوف منه على الدولة حينما تكون المؤسسات ثابتة ،وآليات تجديد النخب ديموقراطية. كل شيء متوقف في الجزائر،على مستوى الرئاسة ،وكل ما تسرب عن مرض الدولة هذا سربه الفرنسيون ،و »فرونسوا هولاند » بنفسه ،حتى تساءل أحد الصحفيين الجزائريين بسخرية: هل سيخلف هولوند الرئيسَ بوتفليقة؟
يدل كل هذا التكتم على الضائقة الكبيرة التي ألمت بجنرالات الجزائر النافذين ،وهم يرون التاريخ يحتضر في أحضانهم،والجالس على الكرسي المتحرك لا يضمن لهم ما يلزمهم من وقت لتدبير الجنازتين معا.
الولادة القيصرية للحكم المدني:
بحثت كثيرا لأرسم ملامح هذا الجنرال الشبح الذي يسمونه توفيق ،وهو محمد مدين،فلم أعثر الا على نصوص شبيهة بروايات « آغاثا كريستي » البوليسية ،الشديدة الإلغاز. أي جنرال هذا التي تغلغل جهازه ألاستخباراتي الرهيب(DRS )في كل أحشاء الدولة ومفاصلها حتى عد ه أحدهم صانع ملوك الجزائر.
بعد أن أحطت بأغلب ما كتب عنه ،وهو في منتهى الشح،رغم أن العصر عصر معلومات مبحرة في كل اتجاه ،بدا لي أنه الكابوس المرعب الذي يسكن يقظة و أحلام كل القيادات الجزائرية المدنية والعسكرية،السياسية والاقتصادية ؛بما فيها الذين تعاقبوا على قصر المرادية.
وصولا إلى هذه النتيجة راودتني فكرة كون بوتفليقة لم يمرض مرضه هذا حتى استأذن الجنرال ؛وليس له أن يشفى حتى يستأذنه ،وليس له أن يموت حتى يمكنه من « الفيزا » الى العالم الآخر.
ولن يتحدث أحد طبعا عن مرض الرئيس والجنرال صامت.
هذا هو الجنرال توفيق الذي هاجمه أخيرا الأمين العام لجبهة التحرير عمر سعداني ، في سابقة لم يعهدها أبدا نادي الجنرالات:
اتهمه بعسكرة النظام السياسي في الجزائر، وبإهمال أمن الجزائر والانشغال بسياستها.
اتهمه بتلفيق التهم والتشكيك في نزاهة وعفة رجال الرئيس.
حمله أوزار الكثير من الدماء التي سالت في الجزائر،وصولا الى رهبان تبحرين و صرعى أميناس..
وفي كلمة واحدة قال له:أنت الكارثة العسكرية وأبوها وجدها….أطبق الصمت المرعب،وذُهلت الجزائر ،قاطبة،وهي ترى هرمها الكبير ،حيث تسكن كل أشباح الليل،يتشظى قطعة قطعة. ويكمل السعداني :ارحل يا جنرال ؛ويلتفت حوله ويختم مشهدا العالم وليس الجزائر فقط: إذا حصل لي مكروه فمن توفيق.
بعد أن اطلعت على أغلب ما كتب عن هذه الصعقة الكهربائية العالية التي رجت القمة الجزائرية رجا،دون أن يعتبرها الرئيس فرصة ليثبت بأنه ليس « جبلاوي » نجيب محفوظ ،ساكن القلعة الصامت أبد الدهر؛ فكرت في مدى تأثير ما سيقع على المغرب ؛وكيف سيواجه كل الاحتمالات ؛بما فيها احتمال انقلاب عسكري على الطريقة المصرية،وحل جبهة التحرير الوطني؛فرغم تقليص صلاحيات الجنرال خلال التعديل الحكومي الأخير،لا يزال أب الجزائر العسكرية العميقة.
فكرت طبعا في محتجزي تندوف ،كيف سيواجهون صراع الفيلة هذا؟وكيف ستتصرف قياداتهم ؟ وبدا لي أن احتمالي إيقاف الرقص مع الذئاب ،و تشتت المخيمات ،وانكفائها دفعة واحدة صوب الوطن الغفور الرحيم واردان، ما دامت القيادة العسكرية ستكون في شغل عظيم من أمرها . خصوصا وتركيبة الجيش الجزائري انشطارية ،وقياداته متكافئة ،و لا مركزية؛ مما يجعل التاريخ الجزائري يستعيد انشقاقات وفتن التأسيس.
لكن وراء وراء في التلافيف التي تشبعت بالأساليب الملتوية التي مارستها القيادة العسكرية الجزائرية لتظل في السلطة
نبتت فكرة كون الصاعقة المزعومة مجرد إخراج هوليودي لتمكين الجنرالات من تأسيس جمهورية جزائرية ثانية ومواصلة التحكم فيها بمسميات مدنية مزعومة.
بدا لي الجنرال الرهيب – وهو في مشرف على الثمانين عاما- يضرب آخر ضرباته قبل التقاعد.وبعبارة الصحفي الجزائري ،يصنع آخر ملوكه الجزائريين ،بعد أن يأذن لبوتفليقة بالموت لتبتدئ الجمهورية الثانية بلباس مدني لكن
بقلب عسكري لا ينتظر منه أبدا أن يهجر السلطة ،كما هجر بوتفليقة ذات شباب حبيبته الممرضة الوجدية.
هل يمكن تصور أن تقع مواجهة حقيقية وشرسة بين جناحي دولة الجزائر :العسكري و ‘المدني »؟ هل يعقل أن
تقفز وسائل الإعلام الجزائرية ،بسرعة،الى أتون هذه المواجهة لينتصر أغلبها للجنرال المرعب توفيق،على حساب
الرئيس ورجاله؟ هل يعقل أن تنفتح الجزائر المغلقة ،بكل هذه السرعة ،وتصبح « صراعاتها « الحساسة جدا والخطيرة جدا تدار بكل هذه الشفافية؟ يتحدثون الآن عن احتمال إحالة الجنرال على التقاعد،ويقولون على لسانه بأنه لن يستقيل وما على الرئيس إلا أن يقيله.ويتحدثون عن لجوء الجنرال المرعب الى القضاء لينصفه ،هو الذي لم يشتغل الا في الأزقة الخلفية وتحت جنح الظلام. وقد وصل الأمر بإحدى الجرائد الموالية للجنرال:le jeune indépandant الى اختيار عنوان ساقط جدا تقصف من خلاله السعداني: Quant un homo provoque un homme. أما يوسف حميدي رئيس الحزب الوطني الجزائري فقد اتهم عمر السعداني بكونه عميلا للمخابرات الفرنسية.
حذار الثعبان لا يتضور احتضارا:
انه يجدد قشرته فقط ليعاود سيرته الأولى: سينشرح المقهورون من الشعب الجزائري ،وهم الأغلبية،ويحمدون أنهم لم يجاروا الشعوب العربية في ربيعها الذي واجه العساكر بالدماء ؛خصوصا وقد آل الى خريف .هاهي أركان الجيش الجزائري – على غرار الجيش المصري- تقول للرئيس :كفى ،ارحل. وها هي جبهة التحرير تلقي بآخر قذائفها قبل أن تسلم الروح . هاهي ذي كل الشروط متوفرة لخنق أقطاب الجبهة بأقتاب العسكر لتخليص الجزائر من الأسر وتأسيس الدولة المدنية الديمقراطية التي استكثرتها فرنسا الاستعمارية على الجزائر ،حفاظا على مصالحها ؛غير واثقة إلا في الدبابات وفي جنرالات قفزوا من طائراتها في آخر لحظة.
سينتشر أكسجين « ثوري » جديد في الجزائر ،وسيخرج الشعب عن بكرة أبيه إلى الصناديق يوم 17 أبريل 2014 للتعبير عن ثقته في مؤسسات عرفت كيف تنبعث من الرماد،وكيف يفضح بعضها بعضا « حبا للشعب ».
ولا يهم أن يكون بوتفليقة مرشحا أو لا يكون ،لأن الجمهورية الجزائرية الثانية ستولد برجالها الجدد ،وتمضي الجزائر
مجيبة على السؤال التاريخي للمرحوم بوضياف:الى أين تمضي الجزائر؟ تمضي عسكرية دائما ،حتى ينهض الشعب الجزائري من بين الحفر ويقرر مصيره بيده.
Ramdane3.ahlablog.com
3 Comments
أن يكون الصراع الدائر حاليا بين جناحي، أو حتى أجنحة ، السلطلة في الجزائر جديا وحقيقيا هو في نظري أفيد وأهون على المتصارعين من أن يكون ما يجري مجرد مسرحية فرض إنتاجها مرض الرئيس وعدم جاهزيته الأكيدة، عشية الانتخابات الرئاسية. ذلك أنه إذا تبين مع الأيام أن الفرضية الثانية هي التي تطابق واقع الحال، فإن ردة فعل الشعب الجزائري في عمومه ستكون لا شك أعنف وأشرس وأهوج مما قد يتم تصوره
شكرا للأخ والأستاذ مصباح على مقاله التوقعي والذي ورد في توقيت سياسي مناسب
avec ou sans boutaflika , avec ou sans les militaires le peuple algérien , je dit le peuple , sont contre tout rapprochement avec le Maroc , c’est une promesse ! la preuve ! depuis 1963 a ce jours . wallah vous êtres nos ennemis , jusqu’à la fin du monde ( 85 % des algériens sont contre le Maroc , selon le dernier sondage )
A Mr akil: wallah ce que tu racontes est dictée par vos Moukhabarates.Wallah c’est devenu indéguisable.Wallah ton genre est l’ennemi des Algériens dignes de ce qualificatif. Wallah ton inimité n’est même pas la dernière des choses qui dérangerait les Marocains; oukssim billah alkhou!