الاحتجاجات التلاميذية التي اندلعت خلال هذا الاسبوع بالمؤسسات التعليمية التأهيلية تطرح عدة نقط استفهام ، هل هي احتجاجات ضد منظومة مسار ؟ ام ان منظومة مسار ما هي الا النقطة التي افاضت كأس المنظومة التعليمية  ؟
لا احد ينكر ان الواقع التعليمي  في بلدنا  يعيش حالة من  الانحطاط ،  ويغرق منذ سنوات في العديد من المشاكل على جميع المستويات  سواء منها البنيات  التحتية او على مستوى البرامج والمناهج وطرق التدريس حتى ان تعليمنا صار عبارة عن  مختبر للتجارب  ،  فما ان نبدأ  طريقة منهجية او ديداكتيكية معينة حتى نتخلى عنها لنبدأ اخرى كي نتخلى عنها ،  الشيء الذي جعل منظومتنا التربوية عبارة عن نزيف اقتصادي  يرهق ميزانيات الدولة ، ناهيك عن غموض يلف العديد من الصفقات  التي تتم بالملايير وليس بالملايين ، كان آخرها البرنامج الاستعجالي  الذي   تم  التخلي عنه  ـ  هكذا وبكل بساطة  ـ   دون فتح اي تحقيق  بصدده خصوصا وان المبلغ الذي صرف عليه  يعد بعشرات الملايير ….
عيب منظومتنا التعليمية  تكمن في وزرائه ، فكل وزير  يأتي بمنظومة خاصة به  حسب هواه  ، وتصوره وخياله ،  بل وأوهامه ، فأول  قرار يتخذه اي وزير يتولى الحقل التربوي  هو  قرار التخلي عن منظومة سابقه ، حتى ان تعليمنا اصبح تعليم  » الكانة  » كل وزير يسير هذا الحقل  حسب  » كانتو  » ، تعليمنا  لا يتوفر على اي مخطط لا قصير ولا متوسط ولا طويل  الأمد ، تعليمنا  صار حقل  » تجارب فئران »  بامتياز …مما جعل المشاكل الحقيقية تتراكم لعدة عقود ، وكل وزير  لا يسعى الى ايجاد حل جذري بقدر ما يحاول اقتراح  مسكنات حتى  يقضي فترته الوزارية بسلام ، وكل وزير يتولى  شأن التعليم الا ويقوم بنظم  قصائد  » العام زين …والتعليم بخييير  » …
فكان الخطاب الملكي ل 20 غشت  صريحا واضحا  بخصوص  منظومتنا التعليمية حيث اعتبر جلالته ان هذه المنظومة ليست بخير ، وانه حان الأوان  لتشخيص امراضها بكل جرأة وشجاعة  ، ودون لف او دوران او مغالطة ،  غير انه ومع كامل الأسف لم يحدث لحد الآن اي شيء في هذا الاتجاه ، واستبشر  رجال التربية والتعليم ، والآباء خيرا بتعيين وزير جديد هو رشيد بالمختار ،  وانتظر الكل مالذي سيقوم به بالمختار ، الا ان الجبل تمخض فولد فارا اسمه منظومة مسار  » قالوا  اش خاصك العريان ….قال الخاتم امولاي  » …
ان التعليم في حاجة الى اصلاحات جذرية ، ان التعليم في حاجة الى  تجديد البنيات التحتية  وتوفير المزيد من الحجرات فاي تعليم هذا الذي  يدرس فيه 50 تلميذا في حجرة واحدة ؟  فاي تعليم هذا الذي مازال يعتمد التمدرس فيه على السبورة السوداء والطباشير في ظل آخر الصيحات الرقمية البيداغوجية السمعية البصرية  ؟  فاي تعليم هذا الذي   تحولت فيه  قاعات الدرس الى مزابل  في ظل انعدام الموارد البشرية المكلفة بتنظيف الحجرات ؟ اي تعليم هذا الذي تعتبر فيه برامج ومناهج التدريس متجاوزة   ، اي تعليم هذا الذي لا تتوفر فيها قاعات الدرس على التقنيات الرقمية للتدريس ، اي تعليم هذا في ظل الارتجال في اصدار مذكرات  لا تهتم الا بالشكليات ولا تسعى الى الجوهر ، اي تعليم هذا  وكل المسؤولين عليه يدركون تمام الادراك انه يغرق ويغرق ويغرق …الا انهم يقرون ويتمسكون بطرد خيط دخان … غير انهم يكذبون علينا   بترديد  الاسطوانة المشروخة   » كلشي مزيان …والتعليم بخير   » اي تعليم هذا  وكل الوزراء لم يتفقوا طيلة 60 سنة  حتى على تواريخ العطل المدرسية  ومددها ، فكل وزير   يتولى الشأن التعليمي  يختزل مشاكله في  اعادة النظر في تواريخ العطل ومددها …أهذا هو الاصلاح ؟؟؟
ان تعليمنا يوجد في غرفة الانعاش ، على وشك السكتة القلبية ،  وان الأمر يتطلب الصراحة  وليس الكذب على التلاميذ وآبائهم ، ورجال ونساء التربية والتعليم ،   ان اصلاح التعليم يتطلب الجرأة والشجاعة والوضوح والشفافية …اليس ذلك ما ورد في الخطاب الملكي ل 20 غشت ؟ فلم اللف والدوران …
ان منظومة مسار ، بسلبياتها وايجابياتها ما هي الا النقطة التي افاضت الكأس ، وان  احتجاجات التلاميذ   هي مجرد  دق لناقوس الخطر …..فهل  استوعب  السيد الوزير رشيد بالمختار الرسالة ؟