الى أمازيغي عرقي: لو جرح جسد المغرب، لما نزف بغير دم واحد
رمضان مصباح الإدريسي
يقول المعلق » زياد »:
« للمستعربين المتأسلمين اقول, انتهى زمن استغلال الدين لبسط السيطرة و الهيمنة و أنتم مكانكم في محمية طبيعية محروسة كالخنازير البرية, نعم انتم منبوذون في جميع انحاء العالم كالمصاب بالطاعون و لا مستقبل لكم هنا في هذا البلد, عليكم التأقلم مع الوضع الجديد و أن تلتزموا باحترام الاختلاف و التعدد او الرحيل…أنا ارفض دينكم غير المتسامح, ارفض دينكم الذي يأمر صراحة بالقتل و سفك الدماء, نحن الامازيغ لا أعداء لنا إلا من اختار ذلك و الاسلامويين العروبيين في خانة الاعداء طبعا و لا مشكل لنا مع اسرائيل و اليهود منا و نحن منهم و عاشوا قرونا هنا و لم يحاولوا ابدا السيطرة على البلد عكس رعاة الابل, أعداء الانسانية, عليكم بمراجعة انفسكم أو أن تغاذروا بسلام »
***************************
احتل هذا التعليق الرقم87 ضمن تعليقات القراء على موضوعي المعنون ب: »السياسة البربرية الفرنسية:طبعة2013 مزيدة ومنقحة »، ورابطه :
http://hespress.com/writers/75203.html
ورغم أن ستينيتي،وقد أمضيت ثلثيها في تربية وتعليم الأجيال ,بكل ما تعنيه هذه الرسالة النبيلة من التعامل مع عقليات متباينة,وذهنيات في طور التشكل؛مما جعلني أبعد ما أكون عن الانفعال السهل ،وأكثر تقبلا للرأي الآخر،ولو تهجما،مع تفضيل فهم بنية العقل الذي أنتجه ,وليس مضمونه فقط؛فان ما ورد في تعليق « زياد » جعلني أستشعر ضرورة عرضه ،كمدخل،على جميع الفرقاء ؛من مثقفين وسياسيين ونشطاء الحركة الأمازيغية المعتدلين والواقعيين.
فهذا الذي وقف واستوقف،وبكى واستبكى ,وذكر الحبيب والمنزل في بيت واحد ؛كما يقول النقد القديم عن بيت امرئ القيس الشهير،أفترض،فقط، أنه مواطن مغربي ؛اذ لا أستبعد أن يكون من الأصوات الانفصالية العدوة ،التي تندس
ضمن التعاليق، بمسميات وهمية شتى ،لتهاجم وحدة الوطن والهوية ، من خلال نهش لحم –وليس فكر- كتاب محترمين يسيرون تحت ضوء الشمس –أسماء وأجسادا- لا يثنيهم مشوش عن مواصلة تحمل رسالة معرفية ،نزيهة وشاقة نذروا نفوسهم لها- خدمة للوطن- الى أن يلقوا الله مطمئنين.
أهذا من بؤس السياسة؟
السياسة التي قد تغامر بوحدة الهوية المغربية ,كما رسختها قرون من الانصهار،من أجل تحقيق توازنات هشة وغير مضمونة النتائج؛ في صراع السلفية المتشددة،المستقوية بأجندة خارجية، مع نزوع يرتدي رداء العلمانية، دون أن تتوفر له شروطها الغربية المسيحية.
نزوع يركب على مطالب ثقافية مشروعة ،لنشطاء الأمازيغية ، ليخدم،بدوره، أجندة ما يمكن تسميته بالحركات الباطنية المعاصرة؛وقد أصبحت دولية ،عابرة للقارات .
مغامرة بالهوية واللحمة الموحدة ؛لا يمكن أن تفضي الا الى شفا الحفرة،ثم السقوط في هوة سحيقة لا نهاية لها.
ثم نصبح – لاقدر الله- على وطن فاشل ،كأوطان نعاين تشظيها كل اليوم ،وصولا الى التفرق ،شذر مذر،قبائل متناحرة في الأدغال.
و سياسة أخرى تظهر على شكل تلاعب عالمي كبير بالعقول ؛وفرت له الثورة الرقمية كل قنابل « الكيلوبايط » الكافية لتفجير جميع الأنظمة التي ثبت استبدادها وتمنعها ،أو مجرد استقرارها؛ أو تلك التي من المتوقع أن تسقط بين يدي عصاة ممانعين.
تلاعب بالاستقرار لا شك في وصوله إلينا ،عبر هؤلاء الذين لم يعودوا يؤمنون بشيء اسمه التاريخ ،أو الثابت
العقدي أ والوطني. كل من عليها زائف ،وكل كتابة إما أن تكون صفرية الدرجة ، أو لاتكون.
بؤس التأطير:
سبق أن أشرت ،في موضع آخر، إلى أن بعض الكتابات الأمازيغياتية كفت ،منذ مدة، عن الاشتغال لوحدة الوطن
هوية وثقافة ؛ في انقلاب واضح على الأطر الرسمية للثقافة الأمازيغية ،وعلى رأسها دستور لم يجف مداده بعد.
هي تشتغل اليوم في ورش العرقية ،ونقاء السلالة ؛وتقيم مأتما مفتوحا لكل ما يمت للعروبة بصلة؛بدءا باللغة طبعا .
ذكرت أن قراء هذه الكتابات ،قل ما يرقون الى مستوى خطابها ؛هذا إذا ارتقى ،أما إن نزل الى مستوى السباب واللعن
فلا فائدة في اتهام فهم القارئ؛لأن الكاتب فوق الشجرة.
تفضي هذه الكتابات الى تقديم تأطير سيء، ينتج قارئا رديئا، بآراء في منتهى الرداءة.
راسلني أستاذ جامعي ينقل لي واقعا مريرا تعيشه الجامعة المغربية ،خصوصا في بعض المناطق .ذكر لي أن بعض
القيادات الأمازيغية ،خصوصا حملة الأقلام، حولهم الطلبة الى أصنام تعبد ؛ ولا يفيد في شيء دعوتهم الى التمحيص والتروي ،وتمييز الممكن من المستحيل ،وتحليل الخطاب وفق الأصول الأكاديمية .
هو داء الشعبوية،إذن، الهادف الى تكثير التابع بتهييجه ؛ومن المفارقات أن يكون هذا ما يؤاخذ به السلفيون المتشددون ،من طرف من يركبون- بدون تذكرة- قطار العلمانية ، وقد وصلوا به،تمويها، عربة الأمازيغية.
كيف نصدق ،ونحن نرى ونقرأ ونعاين الواقع،المرافعة التي حاول بها البعض الرد على من اتهم أمازيغيين بتهديده بالتصفية الجسدية؟ إذا انعدم الدليل فالشبهة موجودة.
وهذا التعليق ،في صدر الموضوع،وهو موثق في أرشيف هسبريس ،ألا يشكل تهديدا، ليس لشخص بعينه ،بل لاستقرار وطن بكامله،وأمنه العقدي ،وانتمائه الى أمة بكل قضاياها؟
وبؤس الحزبية:
وهي لا تتوقف إلا لماما عند قضايا الوطن المصيرية ،ومنها تدبير السياسة اللغوية والثقافية ،الفاعلة في ترسيخ الثوابت ؛هذا إذا لم تركب ،باستخفاف كامل، على مطالب مغرضة في مقايضة انتخابية ليس إلا.
لقد غاب الفاعل الحزبي عن كل المحطات الرسمية وغير الرسمية، التي تلت خطاب أجدير في موضوع الثقافة الأمازيغية . غاب عن الحركة الأمازيغية وهي ترسخ الاشتغال بذراعين:ذراع رسمية يمثلها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ؛قطعت ،تدريجيا،مع مضامين الخطاب المذكور؛وهي تزرع بذور الشقاق بين بنية الأمازيغيات في المغرب؛ثم وهي لا تفي بمطلب خدمة الهوية الواحدة والتاريخ المشترك.
وذراع طليقة اختارت أن تبني خطابا سياسيا- مظلوميا- قائما على العرقية المقيتة؛ تذكر كل تفاصيله بالذين مروا من هنا مستعمرين ومبشرين .ولم تمنعها المظلومية من التحول السريع الى قوة ظالمة حتى لذوي القربى من الأمازيغ.
بضربات فأس « ايركامية » وسياسية،هوت شجرة الأمازيغية الزناتية كلها ،رغم إسهامها في بناء تاريخ المغرب ،ضمن دوله المتعاقبة.
كل هذا ولا رأي للفاعل السياسي ،وكأن المعهد يركب وينحت-كما اتفق- لغة ستدرس في المريخ.
ولا رأي للفاعل السياسي وهو يتتبع –ان كان متابعا- ما ينشر من آراء عرقية متهافتة، في الصحافتين الورقية والرقمية؛آراء يختزلها المعلق « زياد » اختزالا بليغا .
ان حرية التعبير التي يضمنها الدستور،لكل مواطن، لا تعفي الأحزاب من مسؤولية التأطير ،بدراسة التوجهات والحركات الفاعلة في المجتمع ،والمساهمة في ترشيدها ،حتى لا تتحول الى حركات هدامة لهوية الدولة .
ها نحن إزاء حركة ابتدأت ثقافية ،وانتهت –نظرا لتوفر شروط بعينها- الى أن تصبح عرقية مقيتة ،تداهم كل ثوابت الوطن.
ماذا بقي لتقع « الفتنة الكبرى »؟ هل ننتظر أن تتشكل حركة عروبية عرقية لنتفرج على النزال؟
هانحن بدأنا نسمع عن التهديدات ؛وهي صادقة ،بمعنى ما، ولو كذبت.
لقد اتصل بي أصدقاء –بعد أن تناهى الى علمهم خبر التهديدات المذكورة- لثنيي عن نقاش الأمازيغية ،مادامت الأمور وصلت الى هذا المستوى. كان جوابي: خوفي على الوطن سابق ،وأنا على الثغر.وأحمد الله أن ابن آيت زكري الوحيدالذي يعلق في هيسبريس يكون ضدي دائما؛حتى لا أتهم بالشعبوية والتحشيد.
دم واحد في المغرب:
لا يصنف إلا وفق التصنيفات الطبية المعروفة؛سال في الأندلس واحدا،وفي بلاط الشهداء واحدا،وفي وادي المخازن واحدا،وفي وادي اسلي ، وبوغافر,ولهري…… وحتى في الجولان .وحيثما سال وسيسيل سيظل واحدا.
لا هو ينسب للعرب الخلص، ولا للأمازيغ الخلص. اذ لم يعد في المغرب وجود للعرقين منفصلين.
في المغرب شعب مغربي بثقافات متعددة ؛ولكل ثقافة مقوماتها التي لا يجب أن تشتغل في صدام مع الثقافات الأخرى.
انها ملك للجميع؛وما يملكه الجميع يجمع ويحبب ،ولا يفرق ويبغض.
ان حماقة الفتنة العرقية الكبرى لن تكون مغربية أبدا .سيستمر الوطن واحدا ؛وكل من جرب أن يشوش على مساره
هوى في من هوى.
Ramdane3.ahlablog.com
Aucun commentaire