ترقية المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي لسنة 2011 بين واقع النصوص وقراءة اللصوص
الحمد لله وحده
ترقية المفتشين التربويين للتعليم الابتدائي لسنة 2011 بين واقع النصوص وقراءة اللصوص
دار أخيرا نقاش حاد حول ترقية مفتشي التعليم الابتدائي، مما حدا بالبعض إلى الطعن فيها بأسباب متنوعة ومتعددة، ودار سجال ساخن في شأنها أدى بالوزارة ونقابة مفتشي التعليم الاستنجاد بوزارة تحديث القطاعات العمومية من أجل تفسير مواد في القانون الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، فسرت لصالح أو لضد بعض المتخرجين الجدد. ونشط حولها الكلام حتى أغشى الحقيقة وجلب الضبابية والالتباس للقانون. وأظهر هيئة التفتيش وكأن أعضاءها يميل كل واحد منهم إلى تفسير النصوص وفق مقاسه وحالته الخاصة. في خضم تفسيره ينكر عن الآخر حقه في الترقي. وما يحز في النفس هو أن يظهر السجال أمية قانونية في ركن من أركانه. ويعطي صورة باهتة عن الهيئة وهي تقارب موضوعا قانونيا صرفا، يجب الوعي فيه بأن أي خطإ في القول يؤثر على الهيئة برمتها. ولكي يساهم كل منا في رفع اللبس عن الموضوع يجب الذهاب إلى نقاش قانوني رزين ورصين وموضوعي يؤسس لحقوق الهيئة بعيدا عن الأشخاص الذين يتداولون إطار التفتيش التربوي فيما بينهم. ومن باب الإنصاف وإقرار الحقوق يستدعي الأمر التمكن من الثقافة القانونية خاصة أن من بين أبعاد التفتيش التربوي البعد القانوني في اشتغاله لأنه يتعرض لقضايا وإشكالات قانونية. فإذا فسر القانون على مقاسه أو حالته الخاصة، ولم يفسره وفق روحه ومنطوقه الواقعي ونصه المنطقي والموضوعي. فكيف هو اشتغاله القانوني والتشريعي في الميدان؟ ومنه؛ أجد بكل أسف وبصراحة توقيف ترقية 2011 بناء على تأويل منطوق المادة 6 من الباب الأول من مرسوم 2003 كما وقع تعديله، الذي ـ أي التأويل ـ ينادي باعتبار امتداد أقدمية الدرجة الأولى من إطار أستاذ التعليم الابتدائي إلى إطار المفتش التربوي، والمطالبة بالإدراج في لائحة الترقي لسنة 2011 من الخطأ القانوني الذي لا يمكن القبول به لاعتبارات عدة سأفصلها بعيدا عن أية مزايدة رغم أني واثق من أن الورقة ستثير حفيظة البعض، لكن الحق والحقيقة لابد أن ندلي به مهما كان التعليق أو المآخذة. كما أن التوقيف ألحق ضررا بالمترقين وأدخل الهيئة في نقاش هي في غنى عنه لوضوح القانون والتشريع.
ومن باب الاعتبار نجد:
ـ تعيين الخرجين من مركز المفتشين يسمح للوزارة بمعنى الإدارة المختصة بحذف المفتش التربوي الخريج من إطار أستاذ التعليم الابتدائي وإعادة ترتيبه في إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى وفق منطوق المادة 5 من نفس المرسوم السابق. وهذا الترتيب يفيد إجراءات قانونية وفق التشريعات المعمول بها. وهنا نتساءل: هل الدرجة الأولى من إطار أستاذ التعليم الابتدائي هي نفسها الدرجة الأولى من إطار المفتش التربوي؟ الجواب القانوني الصريح يفيد » لا « . حيث يمكن لنا الرجوع إلى ملحقات المرسوم السابق، فنجد الدرجة الأولى من إطار أستاذ التعليم الابتدائي يعبر عنها بجدول يتكون من 13 رتبة وفق منطوق المادة14 من نفس المرسوم السابق ـ مع العلم أن المرسوم لا يذكر البتة السلم 11 بل يقول بالدرجة ـ وهي درجة لا تسمح بالمطلق لأستاذ التعليم الابتدائي بالترقي إلى الدرجة الممتازة. في المقابل الدرجة الأولى من إطار المفتش التربوي للتعليم الابتدائي تتكون من جدول ذي 10 رتب ورتبة استثنائية، وتسمح للمفتش بالترقي إلى الدرجة الممتازة. وبالتالي الدرجتين مختلفتين تماما حتى في عدد السنوات التي يستغرقها سلم الترقي مع العلم أن إطار التفتيش التربوي هو الذي خول الترقية للدرجة الممتازة وليس العكس. ولا يمكن القول أبدا بالامتداد والسيرورة الزمنية وكأنه لا حد فاصل بين إطار أستاذ التعليم الابتدائي من الدرجة الأولى وإطار المفتش التربوي للتعليم الابتدائي من الدرجة الأولى. ومن المنطقي والقانوني في إعادة الترتيب أن يتم إدارج الخريج في الدرجة الأولى من إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي ابتداء من يوم تخرجه من المركز، والتي يقابلها الجدول رقم 3 الملحق بالمرسوم المذكور وليس الجدول رقم 4 الملحق بنفس المرسوم. وعليه؛ لنفترض جدلا أننا سنذهب إلى القضاء الإداري للفصل في هذا المشكل، فسنكون في حرج كبير أمام القضاء لأنه سيستفسر عن تاريخ استحقاق الدرجة الأولى من إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي؟فلم المطالبة بالامتداد الزمني في الدرجة الأولى مع وجود الاختلاف؟ فمن العبث أن يتحمل مرشحو ترقية 2011 خطأ التأويل والتفسير المغلوط المغالط!
ـ التأويل الذي يقول بارتباط الدرجة الأولى بالسلم 11 من إطار أستاذ التعليم الابتدائي ويعتبرها هي نفسها للسلم 11 من إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي، فهو خاطئ لأن لكل درجة مترتباتها المالية والقانونية. ذلك، أن الدرجة الأولى من إطار أستاذ التعليم الابتدائي لا توجب التعويض التكميلي، في حين الدرجة الأولى من إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي توجبه. وهب أن الوزارة عينت الخريج من المركز في الدرجة الأولى من إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي بتاريخ حصوله على الدرجة الأولى من إطار أستاذ التعليم الابتدائي. ألا يجب منحه التعويض التكميلي منذ ذلك التاريخ؟
إن التأويل الخاطئ للمادة 6 بربط الدرجة الأولى بالسلم 11 واعتباره نفس السلم ونفس الدرجة للإطارين معا رغم وجود الفارق والاختلاف، أدى إلى هذا اللبس بل إلى الحيف بحق مترشحي ترقية 2011 الذي عطل تسوية وضعيتهم الإدارية والمالية.
ـ قد يقول قائل لماذا يقع علينا الحيف ونحن نطمح إلى الترقي من أستاذ إلى مفتش؟ أجيب أن صياغة القانون يجب أن تدقق قبل نشرها والتعبير عنها بكلام واضح غير ملتبس. فحتى لا تضيع أقدمية الخريجين في درجتهم، كان يجب أولا توحيد الدرجتين ما بين إطاري أستاذ ومفتش تربوي للتعليم الابتدائي. بل كان الأجدر والأصوب توحيد الدرجات ورتبها وأرقام استدلالها بين جميع أطر وزارة التربية الوطنية إن أردنا العمل بهذا التأويل. وبما أن الدرجتين مختلفتين من حيث الرتب وسنوات الترقي ومترتباتها الإدارية والمالية ومتطلبات نيلها. حيث الأولى الخاصة بالأستاذ تنال من خلال الترقي بالاختيار أو الاختبار، في حين الخاصة بالمفتش التربوي تستحق بعد التخرج من المركز والحصول على دبلومه. وشتان بينهما موضوعا وقياسا، فلا يمكن العمل بهذا التأويل.
ومن أجل إنصاف الخرجين والطامحين لتغيير الإطار بالتكوين والدراسة، يجب مراجعة المرسوم، لكي لا ينعكس سلبا على وحدة الإطار. ومنه ألتمس من نقابة مفتشي التعليم إدارج المراجعة في مطالبها بل أدعوها إلى الاستمرار في المطالبة بقانون خاص بهيئة التفتيش مدقق وعادل ومنصف. ولا يمكن المطالبة بإنصاف المتضرر من تغيير الإطار إلا داخل أطر قانونية مستحقة وعادلة، وليس على حساب الآخرين لأنهم لا دخل لهم في الإشكال.
ـ يستحق بناء على المادة 115 مكررة من نفس المرسوم الموظفون المنصوص عليهم في مرسوم 1985 سنتين تحتسب في الترقي عندما يغيرون الإطار دون تغيير السلم. وهنا يثار سؤال السلم: هل السلم هو الدرجة علما بأن مواد مرسوم 2003 وتعديلاتها لا تقول بالسلم وإنما بالجدول ذي الرتب والأرقام الاستدلالية؟ والسلم معمول به في مرسوم 1985 وليس في مرسوم 2003.
وفي نطاقه؛ المعني بالاستفادة كل إطار غير إطاره الأصلي بعد تكوين دون تغيير سلمه ولا يتعلق هنا الأمر بالسلم 11 أو السلم 10، وتحتسب هذه الاستفادة ابتداء من 2004. بمعنى كل من غير إطاره بتكوين دون تغيير سلمه يستفيد من سنتين للترقي في الدرجة. لهذا فالأساتذة الذين التحقوا بالمركز بالسلم 10 أو 11 لهم حق الاستفادة، ولكن مع انتمائهم لمرسوم 1985 الذي لا يشتمل على الدرجة الأولى من إطار أستاذ التعليم الابتدائي الحالية. أما من هم خارج هذا المرسوم ( 1985 ) فليس لهم الحق في ذلك بناء على نص المادة 115 مكررة. فكل توظيف داخل مرسوم 2003 لا يمكنه الاستفادة من السنتين. وهنا يتبين مدى وجوب تدقيق القراءة القانونية للنصوص وفحصها. وبالتالي، فالسلم 10 معني بالاستفادة من السنتين إن لم يكن قد استفاد منها في سنة 2004 فما فوق.
ـ عندما لجئ إلى وزارة تحديث القطاعات العمومية من أجل تفسير المادة القانونية محل التأويل بطعون السلم والدرجة ونكران السنتين عن فئة دون أخرى كان لجوءا في غير محله، لكون وزارة التربية الوطنية أدرى وأعلم بأن الدرجة الأولى في إطار أستاذ التعليم الابتدائي ليست نفسها في إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي، وهي تعلم حق اليقين أن الدرجة مرتبطة بالإطار ومستحقة بالتكوين والدبلوم وليس بما كان يسمى السلم. وتعلم أن أي تفسير سيأتي من وزارة تحديث القطاعات العمومية لابد أن ينضبط إلى النصوص القانونية ومنطوقها دون إيقاع الحيف على فئة لحساب فئة. ومنه يجب أن تكون حريصة على تمكين كل ذي حق من حقه دون تعسف على القانون بتفسير أو تأويل وفق المقاس.
ـ إن الطعون المقدمة من هيئة التفتيش في واقعها لا ترتكز على نص قانوني جلي متين. غير أنها ترتكز على تأويل هش للقانون، سيسمح للآخر المتتبع للسجال أن يسجل علينا نقطا تحمل تساؤلات كبرى حول فهمنا للقانون، بل فهمنا لاشتغالنا الميداني في بعده الإداري. وأعتقد وجوب الوعي بما نطرح ونقدم لعموم القراء والمتتبعين. الذين سيجد القانونيون منهم مساحة تشريعية لما ذهبت إليه الوزارة في تسمية الخريجين الجدد بتواريخ جديدة في الدرجة الأولى من إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي مستحقا بعد تكوين بالمركز ووفق القانون المعمول به، وليس بترقية اختيار أو اختبار. فتصنيف إطار أستاذ التعليم الابتدائي حسب مرسوم 2003 وتعديلاته غير تصنيف إطار مفتش تربوي للتعليم الابتدائي. وبالتالي لا امتداد ولا خلط بينهما حتى لا توسم هذه الهيئة الكريمة بمصطلحات هي بعيدة كل البعد عنها لرزانة تدخلاتها وأطروحاتها. وحين يقع الخلط يقع الغلط، وحين يقع الغلط في القانون، فالمحكمة الإدارية هي المؤهلة قانونيا لتفسير القانون دون غيرها والفصل فيها. ويمكن في هذه المسألة اللجوء إلى القضاء لمعرفة كيفية اشتغال القانونيين في الفصل بين الأطر ودرجاتهم وشروط نيل تلك الأطر والدرجات. فنظرة المفتش التربوي للموضوعات والمشاكل والإشكاليات هي أشمل وأعمق. لذا عار علينا أن يعري عن مخزوننا الثقافي والمهني سجال يبين الغث من السمين أمام الجميع.
ـ هذه الورقة هي ورقة لرفع سجال في قضية وقع فيه خلط كثير ولغط كبير وشطط وحيف أوقف عجلة الترقية على جميع مفتشي التعليم الابتدائي ابتداء من سنة 2011 لشطحات تأويلات خاطئة أو على المقاس دون درايتها بأن الخريج من المركز يسمى في إطار الدرجة الأولى ذات الجدول 3 بعد التخرج وليس الدرجة الأولى ذات الجدول 4. ومنه؛ تاريخ التسمية يكون بعد التخرج وليس قبل التخرج، وأن الرتبة هي التي تحتفظ بتاريخها دون الإطار. وبناء عليه ينظر في الخريج هل رصيده من سنوات إطاره الجديد بدرجته المرتب فيها بالإضافة إلى السنتين إن كان من أهلها يؤهله إلى الإدراج ضمن لائحة الترقي أم لا؟ هذا، هو منطوق القانون المميز بين الأطر ودرجاتها. وأي مذهب جائر في التفسير سيؤدي بهذه الهيئة خاصة المتضررين إلى اللجوء إلى القضاء الإداري لاستيفاء حقوقهم. ومن ثمة فالترقية قراءة الفاتحة عليها واجبه إلى حين إصدار القضاء قوله الفصل في الموضوع.
فهذه الورقة لابد أن تطلب نقاشا مسؤولا وواعيا وجادا يحيد عن التغليط والقياس الخاطئ والتأويل المغلوط.
عبد العزيز قريش
1 Comment
بصراحة كلما تعمقت التمعن في اجتهادك القانوني، هالني حجم المغالطات المتضمنة به.ولكي لا أطيل إسمح لي بإثارة انتباهك لبعض الحقائق ذات الصلة بالموضوع و لبعض النصوص القانونية لربما غابت عن مخيلة سيادتكم و أنتم تستفيضون في مرافعتكم السرمدية.
-حسب النظام الاساسي الدرجة تعني السلم بخلاف ادعاءك كونها تعني الإطار، راجع المادة الفقرة الأخيرة من المادة 96 الباب الثالث.
-ترقيات 2004 و 2003 تمت وفق الأقدمية في السلم، ما تفسيركم؟!!
-بعد مراسلة مؤسسة الوسيط حول موضوع مرافعتك ،و دائما وفق رد الوزارة يتم الاحتفاظ بالأقدمية تامة غير منقوصة لمن تخرج من المركز و لم يغير السلم .