الإتحاد الإشتراكي و أزمة المشروع المجتمعي
قسط كبير من المواطنين و المثقفين المغاربة،يبتلعون المرارة، و هم يتابعون عبر مختلف و سائل الإعلام الوطنية، عملية اختيار مؤتمري حزب عمر بنجلون من طرف فروع الحزب ،و التي شابتها صراعات، و مشاجرات، استعملت فيها أنواع شتى من الأسلحة البيضاء،بين مختلف الأطياف،التي تنتمي إلى المترشحين إلى قيادة سفينة الإتحاد الإشتراكي إبان المؤتمر القادم.هذا الحزب الذي انتمى إليه منذ انشقاق 1959 – كما سوق لنا – ، جهابدة من الشخصيات الوطنية التي راكمت التجربة، و أفنت زهرة عمرها في النضال من أجل مغرب جميل، يتقاسم فيه المواطنون المغاربة – لا الرعايا- الحرية و الديمقراطية و عملية التراكم من أجل التقدم،و الوصول إلى ركب الدول المتقدمة. أجيال من المغاربة حلمت بقيادة الإتحاد الإشتركي، لمشعل التغيير، و لواء التفكير العقلاني و الحداثي و التقدمي،و قطاع غير يسير من الطبقة المتوسطة المتنورة التي سايرت هذا الطموح المشروع،كلهم رفعوا البيارق معلنين هزيمة اختياراتهم التي اعتبروها أخطأت جادة الصواب.هذا الصورة النمطية التي ترسخت في أذهاننا الشبابية، و نحن نروم العيش بشكل جماعي في غد مغربي مفعم بالرفاهية، سرعان ما تكسرت،عندما سرنا نلحظ بقرة أعيننا،هرولة المنتمين إلى ما كنا نعتبره يسارا عذريا، إلى المناصب، و إضفاء تبريرات غير عقلانية،على دخولهم معمعة التيهان السياسي،المسمى حينئذ من طرفهم ب » التناوب التوافقي » و « الإنتقال الديمقراطي ».
لقد تابعت استجوابات السياسي المخضرم محمد الحبابي في إحدى الجرائد الوطنية ، و هو يعري على جزء من الواقع السياسي لحزب المهدي بنبركة،من قبيل ما قاله في حق بعض رفاقه، من حقائق صادمة، تضرب عرض الحائط لوثوقياتنا الثابتة، فعبد الرحمان اليوسفي،مهندس « التناوب » اعتبره السيد الحبابي، حامل لثقافة تآمرية،و محمد اليازغي،حسب شاهدنا، كان متيما بمنصب الكاتب الأول،و أنه يستبيح كل ممنوع و محرم بما في ذلك المؤامرة لبلوغ مراميه.
التصريحات الأخيرة لبعض المتسابقين للظفر بمنصب الكاتب الأول لحزب الوردة،و الذين قدموا نقدا ذاتيا لنقائص تجربة التناوب،خاصة بعد الخروج عن المنهجية الديمقراطية، و إصرار الإتحاد على الدخول للحكومة تحت يافطة مسوغات استكمال الأوراش الكبرى.كثيرون هم من اعتبروا جلد الذات بهذه الطريقة، مناورة من طرف أصحابها، لتهييج العواطف قبيل المؤتمر، و رفع اسهمهم في بورصة السباق نحو الظفر بمنصب الكاتب الأول للحزب.
الحزب اليساري الكبير، الموحد لكل الطاقات المؤمنة بالفكر الإشتراكي النبيل، التواق إلى تحرير الإنسان، يحتاج إلى الإتحاد الإشتراكي، و إلى طاقاته، لقلب موازين القوة السياسية و الإجتماعية لصالح قوى التغيير، في تناغم مع المؤسسة الملكية. لكن ما نراه من صراعات بين الإخوة الأعداء، يشير إلى أن هذا المبتغى قد تم تأجيله إلى حين، لأن الإتحاد الإشتراكي انفتح على كائنات انتخابوية، و على أعيان،وهمش المناضلين.و الإنحراف عن المسار، ترك الطريق للتحالف بين القوى المحافظة و اليمينية، التي لا تملك مشروعا مجتمعيا،اللهم التماهي مع خطابات أخلاقية،ممزوجة بممارسات يمينية.و هذا هو عمق الأزمة !!!!!!!!
Aucun commentaire