من يجلجل الهر؟
من يجلجل الهر؟
يحكى أن جماعة من الفئران عانت ما عانت جراء تعسفات أحد الهررة،الذي نغص عليها حياتها وجعلها
تعيش في ذعر دائم بسبب غاراته الدائمة عليها، واستفراده كل يوم بواحد منها من منطلق غلبة القوي على الضعيف،فتمت الدعوة إلى اجتماع طارئ قصد تدارس الأمر والخروج بقرارات حاسمة تضع حدا لغطرسة هذا الهر، وتوقفه بالتالي عند حده.وبعد مداولات مريرة وأخذ ورد تفتقت قريحة أحد الفئران على رأي جريء، مفاده أن يوضع جلجل في عنق الهر، حتى إذا هم بالفتك بأحد الفئران سمع له صوت ومن ثم تأخذ الفئران حذرها وتأخذ ما يكفي من الحيطة تجنبا للوقوع في المكروه .استحسن الجميع الفكرة وتم الاجماع على المضي في هذا الاقتراح العجيب،ولما هموا بالانصراف ظنا منهم أنهم أنهوا هذا المشوار المرير مع الهر،صاح أحدهم: ولكن من يجلجل الهر؟ليصبح هذا السؤال مضرب مثل على ممر السنين لكل من يتبرأ من المسؤولية الملقاة على عاتقه ويرميها على غيره .
انتصبت أمامي هذه الحكاية ،وأنا أتابع حال أمتنا اليوم،فتكاد ترى الجميع يشكو غياب المسؤولية،لدى الطرف الآخر، غنيهم وفقيرهم ،صغيرهم وكبيرهم ذكرهم وأنثاهم،ولكن لاأحد يبادر إلى إصلاح نفسه .
ــ نشكو استفحال ظاهرة الأزبال في الطرقات،ونلوم عمال النظافة، ونحن أول من يساهم في تلويث البيئة بتصرفاتنا المشينة .
ــ نشكو الرشوة وعندما تتاح لنا الفرصة لقضاء مآربنا ندوس على المبادئ ولانتورع في تكريس الظاهرة.
ــ نشكو الإدارة المغربية وتلكأها في قضاء مآرب المواطنين بالسرعة اللازمة ،ولانملك قول اللهم إنا هذا لمنكر، ونطالب غيرنا بأن يقولها مكاننا .
ــ تسرق جارتنا أمام أعيننا ولانتدخل لنجدتها ونلقي اللوم على بقية الجيران الذين لم يتدخلوا.
ــ لانقوم بواجبنا اتجاه ابنائنا من رعاية وتوجيه ومراقبة فعلية،حتى إذا انحرفوا نلوم الشارع والمدرسة.
ــ نسهر الليالي في اللهو واللعب وننام طيلة النهار ولانبذل أي جهد في هذه الحياة،لانحن تابعنا دراستنا ولاتعلمنا صنعة،وأخيرا نلوم الدولة على عدم تشغيلنا .
ــ نبيع أصواتنا لمنتخب فاسد بدراهم معدودات ،وعندما ينام في البرلمان وينسى هموم المواطنين نكون أول من ينتقده.
ــ ننتقد الزبونية والمحسوبية ولكن عندما نوضع في المحك ،نبحث عن وسيط لقضاءمآربنا.
ــ نفرح لسقوط طاغية مثل القذافي ،لكن كم من طاغية في بيته،يستعبد زوجته وأبناءه،ويأكل أموال الغير بغير حق.
وهكذا لو استرسلنا في تعداد مسؤولياتنا التي لنا فيها نصيب ونلقيها على الغير لما وسعنا المجال،لذلك علينا أن نأخذ الحكمة من فم ذلك الفأر،لنصيح في وجوه بعضنا البعض: من يصلح سلوكه أولا قبل مطالبة غيره بذات الفعل؟
2 Comments
من يصلح سلوكه أولا قبل مطالبة غيره بذات الفعل؟ » أطلب ما شئت من المغاربة إلا هاته.فبالنسبة لكل واحد منا، الآخر هو دائما المخطأ
عدت بنا إلى مطلع الستينيات من القرن الماضي و نص التلاوة المعنون » فرفر يعلق الجرس » في كتاب المطالعة لأب التربية و التكوين المرحوم أحمد بوكماخ . أوافق سيادتكم لما تطرقتم له في مقالكم الوازن هذا ، و لعل السبب في هذه المناكر ضربنا عرض الحائط بكثير من ركائز ديننا الإسلامي الحنيف .فلوعرفنا حق غيرنا علينا لتجنبنا كل المساوئ المذكورة في هذا المقال .