Home»Débats»العدالة والتنمية بين التراجع والاعتذار

العدالة والتنمية بين التراجع والاعتذار

0
Shares
PinterestGoogle+

كمتتبع للحياة السياسية بالمغرب، وما تزخر به في الآونة الأخيرة من أحداث ونقاشات وقرارات جريئة وتراجعات وخصومات ومصالحات  ، وبخاصة مع وصول حزب العدالة والتنمية  ، الحزب المحافظ ، حتى لا أقول الحزب الإسلامي ، إلى السلطة وقيادة أول حكومة مغربية بعد دستور 2011 المغربي ، على ما يبدو ، هو كذلك  ؛ وبعيدا ، ما أمكن ذلك ، عن التموقع الفكري والمرجعي والحزبي والعاطفي ، بدأت أقف على ظاهرة خطرها محدق وماحق ، تعطي انطباعات أسوأ من أسبابها و دلالاتها المحتملة .

هذه الظاهرة يبدو أنها علامة أضحت تطبع عمل وزراء العدالة والتنمية وحدهم ، وتميزهم بالتالي عن باقي زملائهم المتمرسين من شؤون السياسة وأعرافها وحساباتها.

هذه الظاهرة لكثرة تكرارها أصبحت ظاهرة ، ولارتباطها برجالات العدالة والتنمية

أصبحت مقلقة ، حتى لأولئك ، الجد متفائلين من كفاءتهم ، بعد الاطمئنان الكبير لصدقهم و أمانتهم .

هذه الظاهرة بدأت تخلق نوعا من الشك في قوة فريق العدالة والتنمية وقدرته على مباشرة الاصلاح الحقيقي بعد أزيد من نصف سنة من التسيير .

هذه الظاهرة ، ولمزيد من الحيرة والإرباك ، أصبحت قاسما مشتركا بين رئيس الحكومة والأقوياء من عائلته السياسية من المستوزرين .

هذه الظاهرة لها وجهان : الوجه الأول هو الإقدام على خطوات واتخاذ قرارات جد عادية في عمل أي وزير مسؤول حقيقة عن قطاعه ، ثم التراجع وبسرعة  عن كل

 ذلك عند أول احتجاج  أو شبه مقاومة . ولا أحتاج لتعداد الأمثلة ، فالمتتبع العادي لعمل الحكومة أصبح يقف على هذا السلوك الغريب والموحي بأشياء آخرها و أخفها التسرع و الارتباك ، و الذي لا يمكن البتة أن  تخفيه النية الصادقة في حب الخير للدولة  والوطن والشعب والسعي لتقديم أجود الخدمات وأنفعها وأدومها .

الوجه الثاني لهذه الظاهرة هو كثرة اعتذارات رئيس الحكومة السيد بنكيران والتي أصبحت لازمة لمعظم تدخلاته وتصريحاته . فالرجل يعتذر عما بدر منه من قول أو

فعل في  حق الخصوم والأصدقاء والمعارضين والحلفاء ورجال الداخل  ونساء الخارج على حد سواء . ولا يجد هذ الرجل ، الذي نحبه في الله ونقدر حبه لوطنه و

لا نشك لحظة في مؤهلاته وقدراته ، حرجا في ذلك . بل سمعناه يعتذر عما يمكن أن يفهم منه إساءة أو تجريحا من كلام قاله أو لم يقله ، قصده أم لم يقصده .

هذه الاعتذارات المتكررة ، إن كانت لا تحرج أستاذنا عبد الإله ، فإنها تحرجنا نحن الذين وضعنا ثقتنا ، بعد الله جل جلاله ، في رجالات ونساء هذا الحزب لافتكاك

 المغرب من قبضة التسلط  والتحكم والاستبداد و الفقر والتخلف ، وربح رهان العزة والكرامة والحرية والتنمية والتقدم .

إن كثرة الاعتذارات تدل ، فيما تدل عليه ، على كثرة الأخطاء والعثرات ، وهي وإن كانت مقبولة  ومحمودة من طرف العاديين من الناس ، فهي غير مقبولة ولا محمودة من أناس يتقدمون لتحمل المسؤولية وحمل مشعل تغيير واقع الناس .

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. abdeslam
    05/08/2012 at 16:59

    إذن عليهم استبدال إسم الحزب باسم آخر له دلالة في الوقت الراهن أقترح؛حزب التراجع والاعتذار هكذا سيفهم المغاربة قوة اللوبيات التي تحد عنها شيخكم أيده الله وإن أردتم الحفاظ على نفس الاسم من دون معنى فسيعاقبكم الشعب هذا أكيد.

  2. Rachid
    05/08/2012 at 18:36

    الشعب المغربي عاقب الفاسدين والمفسدين والمتسلطين والمتحكمين ،وعاقب ويعاقب بشكل خاص البعيدين عن هويته المرتمين في أحضان أقصى اليمين أو أقصى اليسار .وسيعاقب أكثر مع اتضاح الرؤية وانفضاض الغبار المنافقين الذين يخفون هويتهم الحقيقية ومشروعهم المجتمعي .
    الشعب المغربي إذا كان سيعاقب العدالة والتنمية على التسرع والارتباك في بدايات أول ولاية حكومية له ،مع النية الصادقة في خدمة الوطن والشعب ،وسعي أطراف عديدة إلى استدراجه إلى معارك هامشية ووضع العراقيل أمامه لثنيه عن التقدم بخطى ثابتة نحو الإصلاح الشامل،ودفعه للتسليم بالأمر الواقع أمام الفساد باستعمال الإشاعة والكذب الصراح و….. وعلى فرض وجود بديل حقيقي أكثر صلابة ونباهة وعزما ونزاهة ،فسيحصل على علامة 10/10. وهذا غير حاصل ولن يكون لأن الشعب المغربي أذكى وأنبه مما يتصور بعض محترفي السياسة .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *