Home»Débats»من،،ناس الغيوان،،إلى موازين

من،،ناس الغيوان،،إلى موازين

0
Shares
PinterestGoogle+

محمد شحلال


تزامن ظهور مجموعة،،ناس الغيوان،،أوائل السبعينات من القرن الماضي ،مع ظرف سياسي استثنائي ببلادنا،حيث كان الصراع على أشده بين اليسار والنظام السياسي،حيث كان القمع الممنهج سبيلا لإسكات الأصوات التي تنادي بالتغيير،وإقرار الحريات العامة.
كانت الأنظمة،،التقدمية،،تعيش أزهى أيامها،وانتشرت التيارات المناهضة لبعض الأنظمة خاصة الملكية منها، باعتبارها رمزا للرجعية والتخلف،وهو ما أدخل بلادنا في نفق لم تخرج منه إلا بعد أداء ضريبة اجتماعية ثقيلة.
كان من الطبيعي أن يتأثر الميدان الفني بما يجري في الساحة الدولية والوطنية بعدما أصبح،،الالتزام،،مقياسا للشعر والغناء والمسرح وغيره من أشكال التعبير،الأمر الذي أفرز نمطا جديدا من الغناء سرعان ما بخس الغناء التقليدي لدى الشباب وعصف بمكانة الفنانين الكلاسيكيين الذين عجلت الأغنية،،الملتزمة،،بكساد بضاعتهم.
كنا على عتبة أبواب الجامعة حينما اكتسحت مجموعة،،ناس الغيوان،،المجال الغنائي عبر القضايا التي يتناولها أعضاء الفرقة الذين تقمصوا ،،لوكا،،يحيل على العديد من الرموز الشعبية من دراويش و،،هداويين،،بل وثوار أحيانا،مما أكسبهم قبولا وشعبية لم يسبق لها مثيل،إلى درجة أن أجهزة الدولة كانت تراقب هذه المجموعة بكثير من الحذر مخافة أن يظهر تيار معارض جديد يصعب احتواؤه،فجاء الدواء من جنس الداء : لقد تناسلت المجموعات المنافسة لفرقة ،،ناس الغيوان،،وربما بمباركة من جهات معينة،ولم تتأخر النتائج،حيث تم تشتيت اهتمام الشباب، وصار لكل مجموعة أتباعها ومحبوها مثلما حصل في مجال الأحزاب والنقابات لكبح جماح من لا يراد له الصعود والشعبية !
لقد تخلى الجيل يومئذ عن الأغاني العاطفية،وأصبح الإلمام بألبومات،،ناس الغيوان،،مقياسا لدرجة التقدمية والالتزام بالقضايا،،المصيرية،،إلى درجة أننا كنا نحمل أغاني المجموعة أكثر مما تطيق، عبر إسقاط جل ما يعتمل في دواخلنا على هذه الأغاني، أو تأويل مقاصدها وفق أحلامنا الوهمية في بناء المجتمع الفاضل !
كانت سهرات ،،ناس الغيوان،،تحظى بمتابعة قياسية ،لاسيما من قبل الشباب الجامعي الذي كان يتخلص من أثقاله عبر الهيمان مع صوت المرحوم،،العربي باطما،،وروحانية زميله عبد الرحمان باكو،،الكناوي،ثم نغمات ،،بانجو،،الساحر ،،علال يعلا،، وإيقاعات ،،عمر السيد،، وقبله صوت الفقيد ،،بوجميع.
كان الانسجام بين الفرقة والجمهور يصل درجة التماهي،وتميز الجيل بكثير من التوافق في الذوق والتطلعات،وهذا توجه لا يخدم بعض المستفيدين مما هو قائم،لذلك لم يتأخر رد الفعل،حيث فتح المجال الفني أمام كل من يتقن الصراخ وساقط الكلام عبر وسائل الإعلام العمومية فكانت النتيجة التي نحصد نتائجها الان.
لقد تناسلت المهرجانات ،وخصصت لها اعتمادات معتبرة يستفيد منها مطربو الجهر بالفاحشة ،مقابل أن يخلقوا جيلا لا يعرف من الفن إلا ما كانت فيه شهوانية مفرطة تشخصها مغنيات بارعات في الإيروسية التي غدت وسيلة وغاية، في سهرات المهرجانات الصيفية،وفي مقدمتها مهرجان موازين الذي انتزع مناصري،،غزة،،من ساحة،، النضال الشفوي،،فجأة،لينغمسوا في البوهيمية التي تخلى عنها شباب الغرب في هذه الظروف ،ووجه صفعات موجعة لحكامه وفضح نفاقهم وعنصريتهم،أما نحن فلا نستطيع أن نكون إلا كائنات مزاجية بوسع أول راقصة أن تنسينا في كل القيم.
لله الأمر من قبل ومن بعد.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *