أدولف هتلر المفترى عليه من طرف الصهيونية والغرب..!
المختار أعويدي
استمعت قبل أيام قلائل لخطاب الرئيس الأمريكي بايدن، بمناسبة الذكرى السنوية لكذبة « المحرقة اليهودية » خلال العهد النازي. وكان الخطاب بالإضافة إلى كونه سمفونية تباكي أمريكية متجددة ككل عام، لأجل ما تعرض له اليهود على يد هتلر والنازية من مزاعم الهولوكوست. كان مليئا بالأكاذيب والمغالطات، ومغازلة اللوبيات الصهيونية بفجاجة. خطاب جاء ليكرس معزوفة « مظلومية » الصهاينة، ويرفع عنهم كل حرج واتهام مما يرتكبونه اليوم من جرائم وعمليات إبادة وحشية في حق الشعب الفلسطسني في غزة. خطاب لم تنقصه الوقاحة والنذالة والبذاءة وهو يتباكى على ما حدث في 7 أكتوبر، الذي اعتبره بمثابة استمرار للكراهية ضد اليهود. لكنه لم يعبأ ولم يبالي بآلاف القتلى والجرحى والمشردين من الأطفال والنساء والشيوخ، حصيلة حرب الإبادة الوحشية، التي يشنها الكيان الغاصب في فلسطين على شعب أعزل. بالمجمل كان الخطاب بمثابة بروفا لكيفية ظهور دولة توصف « بالعظمى « ، في صورة دولة/عصابة صغيرة عديمة المبادئ والأخلاق والقيم والمصداقية. وكيفية ظهور رئيسها في صورة مهرج أو زعيم عصابة كاذب عديم الأخلاق والمروءة.. !
بينما كان هذا الرئيس المجرم يتحدث بنذالته الفاقعة المستفزة والمثيرة للأعصاب، ويحاول الظهور بصورة حامل القيم، المنتصب للدفاع عن ضحايا المظالم والفظائع، ومنها مزاعم « المحرقة اليهودية » موضوع خطابه هذا. كانت العديد من الأسئلة تتزاحم في ذهني بشأن ما الذي يميز دولة عظمى في حجم الولايات المتحدة الأمريكية، التي تدعي الدفاع عن القيم والمبادئ والمثل والحقوق والديموقراطية وكل التوابل السياسية والحقوقية المعطرة الفارغة عديمة الأثر والنظر، ما الذي يميزها عن أي كيان مجرم، يرتكب المذابح والفظائع والجرائم المروعة. وما الذي يميز رئيسها هذا، الذي يغدق بسخاء على الصهاينة بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، والذخائر الرهيبة التي تبلغ زنة الواحدة من بعضها 900 كيلوغرام من المتفجرات. التي يتم إلقاؤها على الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين العزل في غزة. ما الذي يميزه عن أي مجرم قتال مرتكب لصنوف المذابح والجرائم. فحتى هتلر الذي برعت دعاية المنتصرين في الحرب العالمية الثانية والدعاية الصهيونية في رسم صورة بشعة له، ولفقت له صنوف الفظاعات التي شهدتها الحرب العالمية الثانية، وعلى رأسها أكذوبة « الهولوكوست ». حتى هذا الزعيم الألماني، لا يصلح قياسا ومعياراً لمدى وحشية وجبروت هذه الكائنات الرهيبة، التي أصبحت تحكم هذا العالم بمنطق القوة والإستعلاء والحديد والنار. من قبيل هذا الروبو الأمريكي القتال بايدن. وصنيعته السفاح الصهيوني المتعطش للدماء نتنياهو.
لقد كان أدولف هتلر في الحقيقة، برغم كل ما لفق له من تهم غليظة، كان سابقا لعصره، حينما فطن إلى خطورة آباء وأجداد الصهاينة، من هؤلاء الذين يرتكبون المذابح والمجازر وعمليات الإبادة الجماعية اليوم في حق الشعب الفلسطيني في غزة، والذين كان قسم منهم يعيش وقتذاك في ألمانيا وباقي دول أوروبا. فتعامل معهم بما يكفي من الصرامة والإحتياط اللازم، الذي يجنب بلاده مكائدهم ومؤامراتهم ومخاطرهم. دون أن يعني ذلك أنه كان متورطا فعلا فيما ألصقته به الدعاية الصهيونية والغربية عامة، من تهم ثقيلة تتعلق بأكذوبة المحرقة (الهولوكوست)، وما ارتبط بها من غرف الغاز القاتلة، وإنتاج الصابون من جثث اليهود الذين تعرضوا للإبادة، وما إلى ذلك من افتراءات وترهات غليظة.
فقد كان الرجل يعلم ويفهم طبيعة هذه المخلوقات المجبولة على المكر والغدر والخداع، ويستشعر خطورتها على بلاده. وما يمكن أن يجره التساهل معها أو تجاهلها من مخاطر ومتاعب ومهالك لألمانيا. خصوصا أن شبهات كبيرة كانت تحوم حول دور اليهود فيما أصاب ألمانيا من هزيمة خلال الحرب العالمية الأولى. وما لحقها من بؤس وكساد اقتصادي كبير، خلال الأزمة الإقتصادية لنهاية العشرينات من القرن الماضي. كل هذا علما أن ألمانيا كانت فيما بين الحربين، محاطة بأعدائها من كل اتجاه، بينما كانت طبول حرب عالمية ثانية تدق أبواب أوروبا بقوة، طيلة فترة حكم الفوهرر.
إن هذا الأمر الذي تنبه له هتلر آنذاك، لم يبدأ العالم يدركه ويفطن إليه ويستوعبه، سوى بعد مرور ما يزيد على السبعين سنة عما يعرف بأكذوبة الهولوكوست المُفتراة. ليكتشف هذا العالم اليوم كائنات صهيونية متوحشة فاشية مجرمة فوق أرض فلسطين، وفي دواليب كل مؤسسات صنع القرار الأمريكي والغربي. ظلت ولا زالت تبتز العالم طيلة هذه المدة. ممثلة دور « المسكنة » و »المظلومية » والتباكي، الذي مكنها بعد الحرب العالمية الثانية من الحصول على تعاطف واسع في البلدان الغربية. وأساسا الكبرى منها، وتضامن كبير معها، ترجم في شكل مساعدات وهبات مالية كبيرة، قدمت لضحاياها المفترضين في المحرقة المزعومة، وتمكين لأقلياتها، وتسريع للهجرة اليهودية وتعجيل بتنفيذ وعد بلفور المشؤوم في فلسطين. ناهيك عن الحصول على تعويضات مالية فلكية، دفعتها ألمانيا والنمسا وبولندا، لدولة الكيان الغاصب بعد قيامها.
لقد استعملت الصهيونية واستثمرت بدعة الهولوكوست إلى أبعد الحدود. ووظفت مقولة « معاداة السامية » بشكل كبير في كبح وقمع وحتى تصفية خصومها وأعدائها، حتى أضحت تهمة « معاداة السامية » بمثابة بعبع مرعب للجميع، وأضحى إنكار الهولوكوست يمثل تهمة ناجزة بمعاداة السامية. حتى في الدول التي رعت وترعى مصالح إسرائيل الصهيونية، ناهيك عن سواها من البلدان. وبسببها تم الزج في السجون أو الإطاحة أو حتى تصفية العديد من السياسيين والكتاب والمفكرين والصحفيين والمؤرخين وحتى الأشخاص العاديين. وبالتالي إخراس وإسكات كل الأصوات التي كانت تحاول كشف حقيقة هذه الكائنات.
ومن سخرية ما أقدمت عليه دولة الكيان الغاصب في مجال تكريس بدعة الهولوكوست كحقيقة ثابتة، وهي تعلم الحقيقة علم اليقين، أنها قامت بدفن كميات من الصابون الألماني المفترى عليه في حيفا وتل أبيب، ووضع كميات منه في متحف الهولوكوست في القدس المحتلة. حتى يظل إرثا ماديا يستعمل في عمليات الإبتزاز وإذلال الخصوم والأعداء. لا بل وصل الإفتراء الصهيوني الغربي في هذا المجال حدا، تم فيه تقديم الصابون دليلا في محاكمات النازيين في نورمبرغ..!
وجدير بالذكر أن من مخلفات تهويل بدعة الهولوكوست (المحرقة) من طرف الدعاية الصهيونية والغربية، أن أصبح إنكارها يعتبر مخالفة للقانون في العديد من البلدان، من قبيل ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، بولندا، أستراليا، لوكسمبورغ، البرتغال، إسبانيا، رومانيا، سويسرا وإسرائيل. وهو ما كان سببا في تنكيل هذه الدول بالعديد من مواطنيها، فقط بسبب إبدائهم رأيا مخالفا لترهات الدعاية الصهيونية بشأن « المحرقة » المزعومة.
لقد وفر المناخ العام الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، وما ميزه من تعاطف واسع، ودعم مالي كبير للأطروحة الصهيونية، نتيجة العمل الدؤوب للآلة الإعلامية والدعائية لهذه الأخيرة، وفر كل الشروط اللازمة لتغلغل الصهاينة في جميع مفاصل صنع القرار السياسي والإقتصادي والمالي والعسكري والإعلامي في الدول العظمى، وعلى وجه الخصوص في الولايات المتحدة، على شكل لوبيات متمكنة ومتحكمة قوية. وبالتالي التحكم فيها وتوجيهها وفق ما يخدم المصالح الصهيونية. وهو ما وفر لهم الغطاء والدعم الكبير لاغتصابهم أرض فلسطين، وضمان وجودهم وتفوقهم العسكري في المنطقة. وبالتالي تمكينهم من دحر كل محاولات الجيوش العربية لاستعادة فلسطين، وإلحاق العديد من الهزائم بها.
لقد غرز الغرب في خاصرة ألمانيا المنهزمة المنكسرة بعد نهاية الحرب، عقدة الشعور بالذنب عندما لفق لهتلر مزاعم جرائم الهولوكوست الشنيعة. عقدة ظلت تلازمها، وتكبح فيها أي قدرة او حتى إرادة في التحرر الكامل، والإنطلاق إلى استرجاع مجد ألمانيا الضائع.. ألمانيا التي تسرح فيها وتمرح القوات الأمريكية اليوم دون حسيب او رقيب، في قواعدها العديدة المنتشرة في البلاد، كما لو أن الأمر يتعلق بولاية أمريكية. وبذلك أصبح اللوبي الصهيوني المتمكن من زمام القرار الأمريكي اليوم، يعيد الصاع صاعين لألمانيا، ويعمل على إبقائها على الدوام، قوة ناعمة مستكينة، وآلة اقتصاد جبارة تقوم وتتأسس على الإنتاج الصناعي الكبير، لكنها آلة منزوعة الأنياب والأظافر. لا تملك قرارها الأمني والعسكري، الذي رسمت الولايات المتحدة سقفه وحدوده القصوى.
لئِن كان هتلر قد قام بعمل استباقي للحيلولة دون إلحاق اليهود الأذى ببلاده، بتحجيمهم وتقليم أظافرهم، فقد خلفه اليوم خلفٌ، أضاعوا عزة ألمانيا، وفرطوا في كرامة الألمان. هم أقرب إلى أن يكونوا عبيدا للصهيونية منهم بمواطنين أحرارا أعزاء. أقرب إلى أن يكونوا خدما لإسرائيل منهم بخدام لمواطنيهم. حتى قد أصبحت ألمانيا تعيش بعقدة ذنب تطاردها على الدوام. ذنب وهمِ الهولوكوست المزعوم. الذي تحاول الفكاك منه باستمرار وبكل السبل والأثمان. بالتملق والتودد للكيان الغاصب في فلسطين، والإغداق عليه بالمساعدات والأسلحة، وكل أشكال وصور الدعم المختلفة. حتى من ذلك كراهيتها للعرب والمسلمين، ومعاداة مصالحهم ومناهضة قضاياهم، إرضاء للصهاينة في فلسطين، وللوبي الصهيوني المتمكن من زمام القرار الأمريكي. حتى قد أصبحت ألمانيا راعٍ رسمي مخلص لإسرائيل، يزاحم الولايات المتحدة في صهينتها ودعمها الأعمى لإسرائيل. لا بل وأصبح من أعرافها المقيتة عند انتخاب كل مستشار جديد على رأس حكومتها، أن يقوم أول ما يقوم به، بزيارة عاصمة الكيان الغاصب لفلسطين، ويقدم فروض الولاء وحسن السيرة للصهاينة. من خلال القيام بطقوس استنكار الهولوكوست. وإشهار الندم وتقديم الإعتذار عن وهم لم يقترفه هتلر ولم ترتكبه ألمانيا.
ولا يخفى أن وهْم الهولوكوست قام بدحضه العديد من المؤرخين والمفكرين، حتى بعض اليهود أنفسهم. الذين فندوا مزاعم المحرقة بالأدلة الدامغة والحجج القوية. منهم الكاتب والباحث الأمريكي آرثر بوتز، الذي يعتبر أول منكري كذبة الهولوكوست، من خلال دراسة علمية دقيقة قام بها تضمنها كتابه « أكذوبة القرن العشرين » الذي نشر سنة 1975. يؤكد من خلالها أن سبب نسج أكذوبة الهولوكوست هو إنشاء إسرائيل. ويری بأن المحرقة اليهودية هي أسطورة صاغها اليهود الإسرائيليين عن عمد لتبرير اغتصاب فلسطين وإنشاء إسرائيل. وقد استندت دراسته إلى جمع معطيات علمية عن معتقل أوشفيتز حيث تمت المحرقة كما يزعم الصهاينة. فتأكد أن المكان كانت تحرق به فعلا جثث قتلى الحرب، اليهود منهم وغير اليهود، لا بل حتى الحيوانات النافقة كالخيول. وذلك منعا لانتشار الأمراض المعدية، بسبب تركها لمدد طويلة في الشوارع.
وقد خلص بوتز بعد قيامه بتحليل عينات من بقايا المحروقات، مأخوذة من أماكن المحرقة المزعومة، إلى أن الهولوكوست هي أكذوبة صهيونية آن أوان فضحها. وقد كاد الرجل أن يدفع حياته ثمناً لرأيه العلمي هذا، جراء استهدافه من طرف الصهاينة. كما تعرض كتابه للمنع في العديد من البلدان منها كندا وألمانيا.
ومنهم أيضا المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفينغ الذي أثار موجة عارمة من الغضب والسخط والإحتجاج داخل الكيان الغاصب، حينما اعتبر أن المحرقة « لا تعدو كونها دعاية تجارية وكذبة دعائية »، وأنها مجرد شعار ومُنتَج لا يختلف عن المناديل الورقية (كلينكس) أو طابعات زيروكس. حوَّلوه إلى ظاهرة تجارية، ونجحوا بذلك في جني الأموال وكسب الملايين. معززا رأيه بالقول : إنه « لم يظهر شيء عن هذا الحدث، في أي سيرة ذاتية لكبار قادة الحرب العالمية الثانية ». ولا أكدته الوقائع الدامغة على الأرض. وقد دفع إيرفينغ هو الآخر نظير رأيه هذا حول إنكاره بدعة الهولوكوست، 11 شهرا من حريته سجنا في النمسا سنة 2006، بسبب ضغط الآلة الصهيونية وتفعيل القانون المذكور آنفا.
وهناك آخرين أنكروا وقوع المحرقة منهم الأستاذ الجامعي الفرنسي روبيرت فوريسون، والناشر الكندي إرنست زوندل. والمؤرخ الأسترالي فريديريك توبن. ومن منكري المحرقة اليهود الذين فندوا بدعة الهولوكوست وشرحوها. واعتبروا صابون اليهود الألماني أكذوبة وضربا من الخيال والسخافة. هناك مارك ويبر ووالتر لاكور.. غير أن هذه الحقائق العلمية لم تكبح الصهاينة، بل دفعتهم إلى الإستمرار في تمثيل دور المظلومية ومواصلة ترويج خرافاتهم، التي عمدوا إلى المتاجرة بها، وجني المكاسب المالية والسياسية من ورائها. لكنهم لم يكتفوا بذلك، بل راحوا يطاردون ويقومون حتى بتصفية كل المنكرين بجميع السبل ويعملون على إخراسهم.
لقد صورت دعاية الحلفاء المنتصرين في الحرب مدعومة بالدعاية الصهيونية، الزعيم الألماني أدولف هتلر في أبشع صورة، واعتبرته رأس الشرور كلها، حينما لفقت له تهم الإبادة الجماعية لليهود، من خلال نازلة المحرقة المزعومة. وما نسج حولها من أحداث ووقائع وهمية مرعبة ومروعة. ونسبت له كل الفظاعات التي شهدتها الحرب. ولا عجب في ذلك، ما دام أن التاريخ عادة ما يكتبه/يلفقه المنتصرون لا المنهزمون، وفق مزاجهم وما تقتضيه مصالحهم القريبة والبعيدة، وليس وفق ما تنطق به القرائن والوثائق والحقائق.
حتى ما تعلق من مواقف الرجل من دعمه العرب والمسلمين ضد عدوهما المشترك بريطانيا والصهاينة، لم يسلم من تهجم وتشويه وافتراء. وذلك للتغطية على الجرائم والمؤامرات التي كانت ترتكبها وتنسجها الدول الإستعمارية الغربية في الشرق العربي عامة وفلسطين تحديدا، وخاصة منها بريطانيا.
ففي الوقت الذي كان فيه الإحتلال البريطاني ينكل بالفلسطينيين والعرب، ويمهد الظروف لتنفيذ وعد بلفور المشؤوم، وكان نفوذ الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة يتعاظم ويتفاقم. لجأ مفتي القدس الذي كانت تطارده قوات الإحتلال البريطاني، بعدما أقصته من مناصبه. إلى التحالف مع ألمانيا النازية دفعا لهذه الأخطار، ودعما لاستقلال البلاد العربية. وقد كان تفاعل الزعيم الألماني مع الحسيني كبيرا، وعبر عن استعداد الأمتين الألمانية والعربية للكفاح معا ضد عدوهما المشترك الإنجليز واليهود. مؤكدا اعترافه باستقلال البلاد العربية استقلالا تاما.
لقد اختصر الغرب إرث أدولف هتلر، الذي أذل دوله الإمبريالية وأهانها شر إهانة في الحرب، اختصر إرثه في كذبة الهولوكوست المفتراة، وبشاعة ما ارتبط بها من جرائم وحشية ملفقة. حتى أصبحت صورة الرجل في المخيال العالمي، مطابقة تماما لصورة الشيطان. والحال أن هذا الغرب المتسلط المجرم، كان وهو يحاكم إرث زعيم ألمانيا ويشوهه، يعبر عن قمة النفاق الصارخ والإزدواجية السافرة. إذ في الوقت الذي كانت فيه بلدانه تكيل التهم الثقيلة للرجل بعد نهاية الحرب، وتلفق له جملة من الجرائم الغليظة، التي تنوء بحملها الجبال. وخرجت تدعي تسويق القيم الإنسانية، وتتباكى على ما لحق اليهود من جرائم وإبادة، وتذرف الدموع الكاذبة لأجل مزاعم المحرقة التي لحقتهم. وتحاول الظهور بمظهر المخلوقات الإنسانية رقيقة المشاعر مرهفة الأحاسيس. كانت قواتها الإستعمارية ترتكب صنوف المذابح الوحشية في حق شعوب مستعمراتها بإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. بعيدا عن الأضواء وعن عيون الإعلام الحر. وتسرق وتنهب خيراتها وتستعبد سكانها وتعرضهم لأفدح الإنتهاكات. بالمجمل كانت ترتكب ما هو أبشع وأكثر وحشية من جميع الإتهامات التي كالتها هي نفسها لأدولف هتلر.
وها هو نفس هذا الغرب الذي سوق بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لكذبة الهولوكوست، ورسم للزعيم الألماني هذه الصورة المفتراة، الموغلة في البشاعة والعنصرية. وظل يتفاعل ويتجاوب ويتضامن مع بدعة المظلومية والتباكي الكاذب للصهاينة. ويرسم الخطوط الحمراء لحمايتهم وتمكينهم، وتوفير الحاضنة المالية والإقتصادية والعسكرية لكيانهم الغاصب لفلسطين. هاهو اليوم، من غريب تلونه وتقلبه وازدواجيته الفاقعة، يتفرج على فظائع وحشية صارخة يندى لها الجبين، تفوق في وحشيتها كل ما لفق لهتلر من جرائم ومذابح. يرتكبها نفس ذلك » الحمل الصهيوني الوديع »، الذي تكبد ويلات المحرقة المزعومة، وذلك في حق الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة على رؤوس الأشهاد. مذابح منقولة بالصوت والصورة لكل العالم. دونما حاجة إلى أرشيف أو قرائن أو أدلة أو بحوث تؤكد ذلك. وعلى عمليات إبادة جماعية، لم يخجل الصهاينة من الإعلان عنها جهارا نهارا. في تحد صارخ لكل المواثيق والقوانين والأخلاق والقيم. لا بل ولا يكتفي هذا الغرب المنافق بالتفرج المتواطئ فقط، بل ويمعن في دعم هذه المظالم الشنيعة والإبادة الوحشية، بالمال والسلاح والذخيرة والدعاية والغطاء السياسي والدبلوماسي للكيان الصهيوني، دون أن يتحرك فيه وازع أخلاقي أو قانوني أو إنساني. أو ذرة مشاعر إنسانية أو دموع كاذبة، كتلك التي سكبها حزنا على ما أصاب يهود ألمانيا من إبادة كاذبة.
لقد أدرك العالم اليوم، وهو يرى ما ترتكبه الآلة العسكرية الصهيونية من مذابح ومجاز وحشية وعمليات إبادة جماعية واسعة في غزة، وصمود أسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة. أدرك حقيقة هذه الكائنات الصهيونية المجرمة، التي خرجت يوما ما بعد الحرب العالمية الثانية، بدعم من الغرب المنافق، تتباكى وتمثل دور المظلومية والمسكنة، متهمة الزعيم الألماني هتلر بارتكاب عمليات إبادة جماعية واسعة في حقها، من خلال كذبة المحرقة، التي ادعت أن عدد ضحاياها تجاوز الستة ملايين ضحية. أدرك هذا العالم حقيقتها وهي ترتكب ذات الفظاعات والجرائم التي ادعت أنها كانت هدفا لها، وبحقد كبير وانتقام هائل. أدرك حقيقة هذه الوحوش المفترسة بشكل متأخر جدا، بينما كان هتلر قد دق ناقوس خطر هذه الكائنات المدمرة قبل سبعين سنة. وها هو هذا العالم الظالم مع ذلك، لا زال يتفرج على المذابح والجرائم الصهيونية في غزة، دون أن يحرك ساكنا. اللهم من تحرك بعض الشعوب والمنظمات والطلبة خاصة في البلدان الغربية، والقيام باحتجاجات واسعة والتنديد بالمذابح الوحشية الصهيونية، مصرين على وقف مسلسل الإبادة الجماعية الذي تتعرض له غزة. والذي فاق وحشيته كل محرقة وتصفية وإبادة عرفها العصر الحديث. لا بل أطاح بكل الإعتقادات الواهمة والإفتراءات الزائفة والمسلمات الكاذبة التي صنعتها الدعاية الصهيونية والغربية.
لقد كان لغزة الجريحة وشعبها الأبي وصمود مقاومتها الأسطوري في وجه كل هذه الجحافل الصهيونية والغربية، الدور الفاعل في كشف معدن هؤلاء الصهاينة المجرمين، وإظهار وحشيتهم ووجههم البشع على حقيقته للعالم أجمع. وهو لعمري ما يستوجب من جهة، إعادة النظر في طبيعة العلاقات التي تربط بلدان العالم مع هذا الكيان الغاصب، والعمل على عزله وإخضاعه لعقوبات صارمة، في أفق استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المسلوبة كاملة.
ومن جهة أخرى إعادة الإعتبار لهتلر فيما يتعلق بما لفق له من تهم ثقيلة، تتعلق بالإبادة الجماعية لليهود، بينما كان الرجل قد فطن إلى خطورة هذه الكائنات، فعمل على حماية بلده من مكرها وغدرها، دون أن يعني ذلك أنه قد قام فعلا بإبادتهم.
Aucun commentaire