أهل غزة يأكلون نبات الصبّار والعار والشنار على كل من قدروا من ولاة المورعلى إطعامهم ولم يغيثوهم وويل لهم من مليك مقتدرشديد العقاب ذي الطول
أهل غزة يأكلون نبات الصبّار والعار والشنار على كل من قدروا من ولاة المورعلى إطعامهم ولم يغيثوهم وويل لهم من مليك مقتدرشديد العقاب ذي الطول
محمد شركي
ما أشبه اليوم ربع غزة بشعب بني هاشم بمكة، يوم أكل من حوصروا فيه من المؤمنين، وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أوراق الشجر ، وشدوا من سغب على بطونهم الحجارة وفيهم أشرف المخلوقين عليه الصلاة والسلام ، الذي قال عنه الإمام البوصيري رحمه الله تعالى في بردته :
وشدّ من سغب أحشاءه وطوى تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
فهاهم اليوم المؤمنون المحاصرون في غزة، يأكلون بدورهم أوراق الشجر ، ونبات الصبّار، ويشدون بدورهم من سغب على بطونهم الحجارة ، والعالم بأسره يتفرج عليهم، ويتسلى بذلك عدوهم ،ومن يوالونه من كفار، ومنافقين ، كما تفرج مشركو مكة على المؤمنين في شعب بني هاشم ، وتسلوا بذلك .
وصدق الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد القائل :
أسلمني قومي ولم يغضبوا لسوءة حلّت بهم فادحة
كل خليل كنت خــــــــاللته لا ترك الله له واضحة
كلهم أروغ من ثعلــــــــب ما أشبه الليلة بالبارحة
وإذا كانت نخوة نفر من مشركي قريش قد حملتهم على نقض ما كان في الصحيفة الجائرة المعلقة على الكعبة، والتي قضت بحصار من حوصروا في شعب بني هاشم، وقد سلط الله تعالى عليها الأرضة، فقضمت ما فيها من جور وقطيعة ، فإنه لا نخوة اليوم لحكام العرب والمسلمين، تجعلهم ينقضون ما في صحف معاهدات الاستسلام للعدو الصهيوني ، وما في صحف التطبيع معه المعلقة هنا وهناك في عواصم بلاد المسلمين ، وقد فضح الله تعالى ما فيها من عار وشنار، وكشف أمرها للمسلمين وللعالمين ، وقد أنفت الأرضات أن تقضم ما فيها من ذل وهوان أمام العدو ، ومن جور واستكبار على المسلمين المستضعفين.
ولقد كانت خزائن مكة مليئة بالقوت ، يوم كان المحاصرون في شعب بني هاشم يموتون جوعا مدة ثلاث سنين ، وها هم اليوم أهل غزة المحاصرون فيها يموتون جوعا ، وعلى حدودها آلاف الشاحنات المحملة بالقوت رابضة عند بوابة رفح لا تتحرك ، وما تحرك منها قصف ، ومع ذلك لم تتحرك معها نخوة ولاة أمورنا عربا ومسلمين ، كما تحركت نخوة النفر القرشي ، ولم يعد فينا لا هشام بن عمرو ، ولا زهير بن أبي أمية ، ولا أبو البختري بن هشام ، ولا زمعة بن الأسود ، ولا المطعم بن عدي ، لهذا أكل أهلنا في غزة الصبّار ، الدينار العربي المحول إلى الدولار يصرف بسخاء على المطربين والمطربات ، والممثلين والممثلات ، واللاعبين واللاعبات ، وعلى الشواذ والعاهرات ، وعلى الحفلات والسهرات، والمباريات، فويل، ثم ويل ،ثم ويل لمن صرفوها على هؤلاء بسخاء ، وشحوا بها على أهل غزة حتى اضطروا من سغب إلى أكل نبات الصبّار ، وشدوا على بطونهم الحجارة . ألا يظن الخاذلون لهم من ولاة الأمورالمتفرجون عليهم ،والمتسلون بمسغبتهم وبحصارهم ، وإبادتهم الجماعية ، أنهم سيقفون بين يدي مليك مقتدر شديد العقاب ذي الطول ، وليس بينهم وبين ذلك سوى يوم أو بعض يوم ،كما سيشهدون بذلك على أنفسهم حين يبعثون ،ويسألون: كم لبثوا عدد سنين في حياتهم الدنيا ؟ ، التي أفنوها في اللعب والله ، وقد فرطوا في الإسلام و خذلوا المستضعفين ، وتركوهم يموتون جوعا تحت حصار خانق ، وهم يعيشون في بحبوحة العيش ،دوسون على الطيبات من الرزق بأرجلكم ، ويهدونها إلى أعداء الله الصهاينة المجرمين، ليتمرغوا فيها، وهم يزدرونهم، ويسخرون من سفههم ، ومن بذار مال الله تعالى الذي آتاهم، وجعل فيه حقا للسائل والمحروم ، وهم راضون بالدنية وقد هانوا أمام عدوهم، فهان عليهم الهوان. أي هوان أشد من صراخ الرضع في غزة يموتون جوعا وقد قتلت مرضعاتهم ، وشحت مصادر ألبانهم ، ولم تحرك النخوة من ينقذهم من الهلاك ؟؟؟
وأخيرا لكم الله عز وجل يا أهل غزة ،فوالله للصبّار الذي تأكلونه ألذ في أفواهكم من طيبات من نأكله جميعا ، وأنتم على تلك الحال ، ونحن متحلقون حول موائدنا نتفرج عليكم نتجرع مع الطعام والشراب الحسرات ، وفينا من شغل عنكم بإعداد الطيبات مما يسمونه « شهيوات « لاستقبال شهر الصيام يتلذذون بها وهم يتفرجون على المسلسلات ، والسهرات الفاكهة ، فأنتم السادة ، ونحن لكم عبيد لا نساوي التراب الذي تدوسون عليه بأقدامكم الطاهرة . لقد ابتلاكم الله عز وجل فصبرتم ، واحتسبتم ضحاياكم في سبيله بنفوس راضية غير جازعة ، فهنيئا لكم جنة وعدكم إياها ونعم الأجر ، وويل لمن خذلكم وبئس المصير.
Aucun commentaire