أحد أبطال الشعب المغربي: الاتحادي محمد الجندالي – الحلقة الثانية –
بقلم: عبدالحق الريكي
« … يمشي وحده… »
« خالد محمد خالد » في كتاب « رجال حول الرسول »
سأتناول في هذا المقال الثاني، أربع قضايا، لقاءاتي بالمرحوم محمد الجندالي، وكذلك لأي تيار كان ينتمي داخل الحزب، علاقاته ب »الكبار » و كذا مختلفات.
لقاءاتي بالرجل
أول لقاء بالاتحادي الجندالي كان بكلية الحقوق الرباط-أكدال خلال السنة الجامعية 1977/1978 وبالضبط بتعاضدية كلية الحقوق المنضوية في إطار الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، حيث كان انتُخب كاتبا عاما لهذه الهيئة. كما أسلفت كان اتحاديا وأنا كنت قاعديا.
كانت سنوات جميلة على كل المستويات. كان التيار الطلابي الاتحادي، بكلية الحقوق الرباط، كبيرا جدا، سأذكر بعض مسؤوليه، كانا من ضمنهم محمد الجندالي، الأخوين فجري، ادريس لشكر (الكاتب الأول الحالي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، ومحمد الساسي وآخرين كثر جدا لا يتسع المجال لذكرهم. كما يجب التذكير أنهم كانوا يمثلون حزبا قويا، بمعنى خلفهم كانت قيادة الحزب (بوعبيد واليازغي) وزعماء للشبيبة الاتحادية (أذكر واحدا منهم المرحوم مالك الجداوي وبطبيعة الحال عبدالهادي خيرات الكاتب العام للشبيبة الاتحادية).
وكذا تيار الطلبة المنتمين لحزب التقدم والاشتراكية بمسؤولية …….*، وكذا التيار الذي سينشق عن حركة 23 مارس والذي سيبرز في منظمة العمل الديمقراطي الشعبي، وكان يمثل طلبته محسن عيوش. وكذا التيار القاعدي القوي، والذي كان يمثله أكنوش محمد وسعيد الطبل. والتيار التروتسكي الذي سيظهر على الساحة ذلك العام يقوده كلا من المرحوم بوخدة عياد وجمال البراوي. هذا التيار كان ينتمي للمنظمة الشيوعية العالمية للأممية الرابعة.
أما أنا فكنت مع المناضل رضى كراكشو وآخرين، طالبين بالسنة الأولى اقتصاد بمدرج المغرب العربي، الموجود بأحياء ديور الجامع ولقبيبات والمحاذي للعكاري، البعيد شيئا ما عن المقر الرئيسي لكلية الحقوق بأكدال. كنا للتو آتين من ثانوية مولاي يوسف بباكالوريا العلوم الرياضية. لماذا اختيار شعبة الاقتصاد وكلية الحقوق بالرباط بالضبط، تلك حكاية أخرى سيأتي الوقت المناسب لسردها وكذا عن دور صديقي ورفيقي رضى كراكشو، رغم أنه ابتعد عن السياسة المنظمة منذ 1982.
لنعد لموضوعنا حول المرحوم الاتحادي محمد الجندالي. قلت كان كاتبا عاما للتعاضدية، ورغم « انحيازه » لحزبه وشبيبته وطلبة الاتحاد، إلا أنه كان ديمقراطيا إلى أقصى حدٍ، سواء داخل اجتماعات التعاضدية وخاصة خلال التجمعات العامة بمدرج « تل الزعتر »، الذي سيصبح اليوم « المدرج الملكي » حيث تقام الندوات الفكرية. يجب التأكيد على كون باقي التيارات فرضت جوا ديمقراطيا بالكلية. الخاصية الأخرى هو كون ما يصدر عن التجمعات العامة بكلية الحقوق بالرباط، كان بمثابة توجيه عام لكل التيارات بمختلف المدن الجامعية (كانت هناك كليات بكل من الدارالبيضاء، فاس والرباط، حسب علمي).
أتذكر يوما كان مشهودا، حيث نظمت ندوة فكرية للاقتصادي المصري والمنظر العالمي سمير أمين. إن كانت لا تخونني الذاكرة، فالعميد والطاقم الإداري « انسحب »، وترك رئيس التعاضدية يتحمل وحده تبعات ذلك اللقاء مع كل أحزاب اليسار.
في الحقيقة كان « عدوان » شرسين للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، قطاع الطلبة المنتمين لحزب الاستقلال الممثلين في الاتحاد العم لطلبة المغرب، وكذا التيار الإسلامي الصاعد بجل الدول العربية وكذا في المغرب، بمباركة من السلطات التي كانت تحارب آنذاك التيار اليساري. وفي هذا الصدد، أتذكر أنه مرارا وقعت اصطدامات خارج الكلية ما بين التيارين اليساري والإسلامي. وهنا يتحدث البعض عن كون المرحوم محمد الجندالي وقع ضحية هذا الاصطدام العنيف. إلا أنه « أفلت » من ذلك عقب تدخل شخصية سيكون لها باع طويل في هرم السلطة. للصراحة كنتُ أطرح خلال كل هذه السنوات هذه القضية بالضبط، فيجاوبني بابتسامته المعهودة ولا غير.
من بعد لم أبقى قاعديا، إذ التحقت بالتيار التروتسكي وتقرر أن ندخل(Entrisme) عالميا في الأحزاب الاشتراكية والاشتراكية-الديموقراطية. فتم قبولنا الدخول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فتقدمت إلى وفاء حجي، المناضلة في صفوف الحزب والقيادية العالمية للمرأة الاشتراكية، والتي كنت أعمل بجانبها في بنك المغرب والآتية هي أيضا من كلية الحقوق بالرباط، بطلب لانضمام إلى الحزب وافق عليه القيادي محمد اليازغي.
هناك التقيت ثانية بمحمد الجندالي وكيف تم انتخابي عضوا بالشبيبة الاتحادية فرع الرباط، وتم انتخاب المرحوم رئيسا لهذا الفرع، وكيف لبقائي عضوا بهذا الفرع لم يدم إلا أياما معدودات. وتلك حكاية أخرى على القارئ أن يعرفها ودور المرحوم خلالها وجوابه عن ملاحظتي كل هذه السنين حول تلك الواقعة التي كانت في نهاية الثمانينات من القرن الماضي.
يبدو أنه عوض حلقات، سيكون القارئ مع سلسلة من الحلقات مع المرحوم الاتحادي محمد الجندالي، بطل من أبطال الشعب المغربي… لقاءاتي، أي تيار كان ينتمي له، علاقته بكبار الدولة ومختلفات…
وللتذكير، كانت صورا لمحمد الجندالي جالت المواقع الاجتماعية وبعض الصحف، لم أنشرها حينها. قررت أن أنشرها الآن، مع الإشارة إلى كون المرحوم، حسب علمي، كان « زاهدا » في أخذ الصور.
قلت في الحلقة الأولى أنني سأقول واحد بالمائة عنه، الكثيرون يعرفونه أحسن مني، إخوانه في الحزب وفي النقابة وآخرين كثيرين… وأقول دائما وأكررها أن من يعرفنا حق المعرفة منذ ولادتنا إلى وفاتنا، هم مختلف الأجهزة؛ فمتى يمكن لنا التوصل بالملفات.
رحم الرجل محمد الجندالي، بطل من أبطال الشعب المغربي… إلى الحلاقات القادمة…
بقلم: عبدالحق الريكي
الرباط، 17 يناير 2024
Aucun commentaire