مؤسسة الوسيط تنهي جدل مباراة المحاماة
اسماعيل الحلوتي
بداية دعونا نشد بحرارة على أيدي أولئك المرشحين من ضحايا امتحان الأهلية لولوج مهنة المحاماة برسم دورة 4 دجنبر 2022، الذين عملا بالمثل القائل ّما ضاع حق وراءه طالب » ظلوا صامدين ولم يستسلموا للأمر الواقع، كما كان يتمنى ذلك وزير العدل عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب « البام »، وأبوا إلا أن يستمروا في نضالهم المشروع واحتجاجاتهم السلمية والحضارية، إيمانا منهم بعدالة قضيتهم التي تحولت إلى قضية رأي عام، في ظل ما طال الامتحان ونتائجه من مفسدة وتجاوزات.
حيث أنه مباشرة بعد الإعلان عن نتائج امتحان الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بجدل واسع، واستغرب الكثير من المرشحين الراسبين والمنتسبين للمهنة وغيرهم من المهتمين بالشأن العام من نجاح 2081 متباريا فقط من أصل 70 ألف مرشح شاركوا في هذا الامتحان. ولم يتوقف الأمر عند عدد الناجحين بل تجاوزه إلى التشكيك في مصداقية ونزاهة الامتحان، خاصة بعد ظهور أسماء في قائمة الناجحين يحملون ألقاب معروفة في سلك القضاء من أبناء وحواشي المحاماة والقضاة والمسؤولين…
وبما أن الكثير من الجهات والمنتديات والمنظمات الحقوقية سارعت إلى التنديد بالعشوائية والشبهات التي طاولت نتائج الامتحان والأجواء التي خيمت عليها ولاسيما بعد ظهور أسماء مجهولة لم يتم استدعاؤها لإجراء الامتحان، مما أدى إلى ضرب عرض الحائط بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة واستقلالية الوزارة الوصية والهيئات واللجان التابعة لها. وتزايدت المطالب من أجل فتح تحقيق في الموضوع، حيث دعت جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان إلى تدخل النيابة العامة قصد إجراء تحقيق عاجل، يكون نزيها وشفافا، والحرص على ملاحقة المتورطين في أي فعل جرمي سواء تعلق الأمر بأطر وزارة العدل أو غيرهم، وإلى ضرورة تدخل البرلمان وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق والمطالبة كذلك بإقالة الوزير الوصي.
وبما أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي وجد نفسه محاصرا بعدة مطالب ومنها إلغاء الامتحان، وخاصة بعد أن أثار ظهور اسم ابنه ضمن قائمة الناجحين، الكثير من الجدل في أوساط الراسبين من طلبة الحقوق المعطلين، المتذمرين مما شاب المباراة من فساد ومحسوبية وزبونية، والذي رفض بشكل قاطع أن تقوم وزارته بفتح تحقيق في ظروف المباراة، معتبرا أنه ليس هناك من داع لذلك مادامت ليست هناك أي جريمة تستدعي الاستجابة لمطالب الراسبين وغيرهم من الجمعيات والمنظمات، مؤكدا على أن امتحان الكفاءة لمزاولة مهنة المحاماة، مر في ظروف عادية وسليمة وأن تم اعتماد الحاسوب في تصحيح أوراق الإجابة، تفاديا لكل ما من شأنه أن يمس بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة.
فإنه وعلى إثر الانتقادات الشديدة لنتائج امتحان دورة دجنبر 2022 ومجرياته، وتواصل عملية « الشد والجذب » بين المتضررين من نتائج « مباراة المحاماة » ووزير العدل، لم تلبث مؤسسة وسيط المملكة أن دخلت على الخط بهدف الحد من الغليان المتصاعد وإنهاء الجدل المتواصل منذ شهور، خاصة بعد أن عجزت الحكومة في شخص وزير العدل عن إيجاد حل مقبول يرضي جميع الأطراف وخاصة المتضررة. حيث أوصت من خلال الوساطة التي باشرتها بمقترحات وتوصيات ضمن تقرير خاص رفعته إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش بالإعلان عن امتحان جديد، يستجيب لنفس شروط سابقه. ودعت كذلك إلى الحرص على نشر النتائج النهائية ومنح شواهد الأهلية للممتحنين الناجحين في الامتحان الجديد بداية شهر أكتوبر 2023 المقبل، لتمكين الراغبين في الاستفادة مع زملائهم من مقتضيات المادة 11 من القانون المنظم لمهنة المحاماة في شأن تقديم طلب الترشيح للتقييد في لائحة المحامين المتدربين.
ولم يقف الأمر هنا بل دعت مؤسسة الوسيط أيضا إلى التزام وزارة العدل بتوفير متطلبات القرب الارتفاقي في إيداع طلبات الترشيح لمن يتعذر عليهم الإيداع المادي لملفاتهم، وذلك من خلال اعتماد الإيداع الإلكتروني. وأوصت بالاستمرار في إتاحة الفرصة لكل المتبارين للاطلاع على أوراق الامتحان وإيجاد حلول استثنائية للمترشحين الذين لم تعد تتوفر فيهم الشروط المطلوبة مثل عامل السن أو غيره، دون إغفال إحاطة الامتحان الجديد بكل الضمانات الممكنة…
وبمجرد تسلم رئيس الحكومة تقرير مؤسسة « الوسيط »، وقيامه بالمشاورات اللازمة مع وزير العدل عبد اللطيف وهبي حول ما تضمنه من مقترحات وتوصيات، تقرر التعاطي الإيجابي معها بدعوى الانسجام التام مع ما توليه حكومته من اهتمام بمختلف شكايات مرتفقي الإدارات العمومية، والحرص الحكومي على دعم أدوار المؤسسة الدستورية المستقلة في دفاعها عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف…
وتجدر الإشارة هنا إلى أن مؤسسة الوسيط جاءت في 17 مارس 2011 خلفا لمؤسسة ديوان المظالم بواسطة ظهير رقم 25.11.1 لمواكبة الإصلاح المؤسسي الذي يعرفه المغرب، من أجل الانتصار للمظلومين من خلال النظر في تظلمات وشكايات المواطنين في مواجهة المرفق العام. وهي مؤسسة دستورية تهدف إلى رفع المظالم وتقويم الاختلالات التي تطبع سير الإدارات والتصدي للتجاوز أو الشطط في استعمال السلطة بكل مظاهرها من محاباة ومحسوبية وعدم احترام المساواة أو تكافؤ الفرص واستغلال النفوذ إلى غير ذلك…
Aucun commentaire