عباءة ميسي وسعار وسائل الإعلام الغربي
المختار أعويدي
سعار كبير ذاك الذي عبرت عنه جهارا، بعض وسائل الإعلام الغربية، التي لم تستسغ ولم تهضم قيام أمير قطر، بإهداء عباءة (الشبت) من اللباس القومي القطري لميسي، وقيامه بإلباسها إياه خلال حفل تسليم كأس العالم، في أعقاب انتصار المنتخب الأرجنتيني على نظيره الفرنسي في المباراة النهائية. ما جعل ميسي بذلك، يظهر في جميع وسائل الإعلام الدولية رغم أنفها، ومنها تلك التي تمقت العرب وكل ما يمت إليهم بصلة، حاملا كأس العالم ومرتديا العباءة (الشبت) القطرية. لا بل وراقصا بها وسط أفراد منتخب بلاده
لم تستسغ هذه الوسائل العنصرية رؤية نجم كبير في مستوى ميسي، في أكبر محفل رياضي دولي (المونديال)، خلال أهم لحظة فيه، هي لحظة تسليم كأس العالم، يرتدي لباسا قوميا عربيا وهو حاملا لكأس العالم، في قمة سعادته وانتشائه ورقصه.
لست أدري ما هو وجه الضرر الذي لحقها أو لحق غيرها من ذلك، حتى تكشف عن عنصريتها المقيتة هذه، سوى رغبتها في إثارة وإشهار حقدها وبغضها لكل ما هو عربي، وحتى تنتصب وتبخس البادرة وتستنكرها، رافضة أن يتم التسويق لأي رمز من الرموز التي تشير إليهم من قريب أو من بعيد، حتى لو تعلق الأمر بلباس بسيط عادي
.
لقد قامت هذه الوسائل العنصرية بكل شيء حتى تعبر عن حقدها وعنصريتها في هذه النازلة، وتصب كما هائلا من سمومها، لكنها لم تكلف نفسها عناء فهم رمزية ودلالات هذه البادرة التي قام بها أمير قطر تجاه ميسي، وما ترمي إليه من مغازي، وما تحمله من إشارات التقدير والإحترام والحفاوة وكرم الضيافة..
فهي لم تكتفي بما قامت به من حملة العداء البغيضة، ودعوة المقاطعة والتبخيس الظالمة، التي شنتها ضد دولة قطر، منذ حصولها على شرف تنظيم المونديال، وطوال فترة الإعداد والبناء والتجهيز والإستعداد. لا بل وخلال انطلاق منافسات المونديال وطول مجريات أطوارها. لم تكتفي بكل ذلك بل توجت حملتها، بهذه الجرعة الكبيرة من العنصرية والكراهية. بعدما لم تجد في مونديال قطر من العيوب ما يشفي غليلها، وهو الذي حقق نجاحا باهرا، وكان الأفضل منذ انطلاق هذه المسابقة قبل ما يقارب القرن من الزمان، باعتراف رئيس الفيفا. سوى حرمانها من الدعاية لقيمها الشاذة، ومحاولتها تصريفها داخل هذا البلد العربي المسلم
.
لقد عبرت هذه الوسائل الغربية، وهي التي طالما كانت تسوق نفسها مرجعا للحقوق والمهنية والإستقلالية وأخلاقيات المهنة، عبرت عن مستوى منحط وحقير جدا لممارسة المهنة، وعن مستوى عنصري كبير، وهي تقوم بنفث سمومها، محاولة مصادرة كل شيء جميل، من شأنه تلميع صورة هذا البلد وسائر البلاد العربية.
حتى الصورة المشرقة التي ظهر بها لاعبو المنتخب الوطني المغربي، وهو يحضنون أمهاتهم بحب وتودد، لم يتقبلها إعلام المثلية والعهر، فخرجت بعض كلابه من الدانمارك، في محاولة يائسة منها لتشويهها وتبخيسها. فشبهت ذلك التلاحم الأسري لدى مواطنينا بالقردة. هذا في الوقت الذي تعاني فيه أسر مجتمعاتها من التفكك والإنحلال الأخلاقي، وتعاظم التوجه نحو تكوين أسر شاذة، ما أنزل الله بها من سلطان. من قبيل اسر المثليين، المشكلة من اللواط والسحاق.
لا بل حتى لاعبي المنتخب الفرنسي الأفارقة، الذين أبلوا البلاء الحسن الذي أوصل فرنسا إلى المباراة النهائية، لم يسلموا هم أيضا من عنصرية وتعالي هذه الوسائل التي شنت حملتها ضدهم، وحملتهم ما لا يحتملوا، بعد خسارة المباراة النهائية.
لقد فعل هذا الإعلام الغربي الرخيص كلما فعله، من أجل تشويه الجوانب المشرقة التي أبان عنها مونديال قطر، وتحديدا التي أبان عنها العرب هناك، وذلك بدافع تعاليه واحتقاره لكل ما هو عربي. لكنه لم يهتم ولم يلتفت، على سبيل المثال لا الحصر، إلى بعض الجوانب السوداء التي كان أبطالنا مشجعين ليسوا عربا أو مسلمين، من قبيل الحركة الجنسية البذيئة، التي صدرت عن حارس مرمى الأرجنتين، بعد تسلمه للقفاز الذهبي كاحسن حارس في المونديال، مفسدا بلوثته تلك، أجمل لحظة من لحظات المونديال، ومعكرا صفو العديد من الجلسات العائلية الحميمة، المسلمة منها على الخصوص، التي كانت تتفرج في بيوتها على مراسيم نهاية المونديال.
لم يفعل هذا الإعلام العنصري ذلك، لأن ما قام به حارس المرمى الحقير المذكور، يندرج في صميم الثقافة والقيم الغربية الفاحشة الوضيعة.
يبدو أن معاناة العرب والمسلمين مع الغرب ومع إعلامهم العنصري المضلل، والمتعجرف المتعالي الظالم، لن تنتهي في القريب المنظور، لا بل ستتفاقم وتتعاظم مستقبلا، ما لم تتم دمقرطة أنظمتهم، وردم فجوة التخلف الكبيرة التي تفصلهم عنه، والإرتقاء بمواطنيهم، وبالتالي تقوية بلدانهم ودولهم، فهذا الغرب المتسلط لا يفهم غير لغة القوة السياسية والعسكرية والإقتصادية.
Aucun commentaire