… الحق في النجاح لجميع أولادنا
بعد الحق في التمدرس ..؛
نريد الحق في النجاح لجميع أولادنا .
الحلقة الأضعف في نظامنا التعليمي هي : جنس الذكور و التعليم الإعدادي .
ـــــ
استعدادا لبداية كل موسم الدراسي ، يكون الشغل الشاغل لكل من يهمهم الأمر ببلادنا توفير العرض المدرسي الكافي لتلبية الطلب المتزايد على حق التمدرس ؛ و تزداد القضية حساسية عند استحضار قضية تمدرس الفتيات .
و إنه من خلال المعطيات المتوفرة في هذا الشأن ، لا يمكن لكل منصف إلا أن ينوه بالنتائج المحققة على مستوى العرض : فقد بلغت النسبة العامة للتمدرس 96,6 % في موسم 2020/2021 ، و تبدو في سلكي التعليم الإلزامي الابتدائي و الإعدادي إيجابية للغاية (على التوالي : 103,7 % و 94,7 %) . و بالنسبة لمؤشر تمدرس الإناث بشكل عام ، فقد بلغت 95,9 % ، و لا يزيد عنهن زملاؤهن الذكور إلا بـ 1,4 % . و هذا مؤشر إيجابي سواء أمن حيث ضمان حق التمدرس لعموم الأطفال أم من حيث ضمان حق المساواة بين الجنسين في التمكين من هذا الحق .
غير أنه ، و نحن على مشارف نهاية الموسم الدراسي 2021/2022 ، و بمناسبة تمرير الامتحانات الإشهادية ، و في إطار النقاش الدائم حول مردودية المدرسة المغربية ؛ لا بد أن نلفت انتباه الجميع إلى ظاهرة تربوية يشتد بروزها مع ظهور نتائج التلاميذ : إنها ظاهرة نجاح و تفوق الإناث دراسيا مقارنة بالذكور !
من خلال المعطيات المتوفرة (*) ، نجد مؤشرات مختلفة تؤكد معاناة الذكور من صعوبات تربوية في المدرسة المغربية :
ــ ففيما يتعلق مثلا بنسبة التكرار : بلغت عموما عند الذكور 9,8 % مقابل 5,1 % عند الإناث . أي أن الذكور أكثر تكرارا من الإناث بما يقارب الضعف . و تزداد هذه النسبة حدة في التعليم الإعدادي حيث إنها ترتفع عند الذكور إلى 15,6 % مقابل 6,8 % عند الإناث ، أي أن الذكور أكثر تكرارا من الإناث بما يقارب ثلاثة أضعاف !
ــ و فيما يتعلق بنسبة الانقطاع : بلغت عموما عند الذكور 5,9 % مقابل 4,6 % عند الإناث . و هما هنا إن كانتا متقاربتان ، فإنه في التعليم الإعدادي ترتفع النسبة عند الذكور إلى 11,8 % مقابل 7,4 % عند الإناث !
ــ و فيما يتعلق بنسبة النجاح : هنا كذلك يستمر المنحى السلبي للأداء الدراسي للذكور ؛ فالإناث أكثر نجاحا منهم في الأسلاك الثلاث بفارق يبلغ في السلك الابتدائي 1,4 % ، ثم يرتفع في السلك الإعدادي إلى 6,8 % ، و في السلك التأهيلي إلى 6,3 % .
ــ أما فيما يتعلق بنسبة التفوق الدراسي : و اعتمادا على عينة أولاد موظفي التربية و التكوين الذين يستفيدون من منحة الاستحقاق المخولة لمن حصلوا منهم على الأقل على ميزة حسن جدا في شهادة البكالوريا ؛ فإنه في سنة 2021 ، استفاد من هذه المنحة 1884 تلميذ : منهم 1168 إناث (بنسبة 62 %) ، مقابل 716 ذكور (بنسبة 28 %) . بما يعني أن ثلثي هذه المنح استحوذت عليها الإناث مقابل الثلث فقط للذكور !..
إنه إذا حُق لنا أن نفتخر بالنتائج التي تم تحقيقها على مستوى تعميم التمدرس لعموم أولادنا ، و تمكين إناثنا منهن على الخصوص من هذا الحق ..، و إذا حق لنا كذلك أن نفتخر بالنتائج الدراسية المتميزة التي تحققها بناتنا على مستويات استمرارية التعلم و النجاح و التفوق الدراسي ..؛ فإن الواجب يفرض علينا كذلك أن ننتقل بأنفسنا إلى مستوى القلق على تدني الأداء الدراسي لأبنائنا الذكور ، و البحث في أسباب ذلك ، و الوصول إلى إجابات علمية و عملية .
نقول هذا و نحنى نرى (و منذ عقود) اهتمام الآخرين غيرنا بهذه القضية بدليل العديد من الدراسات التربوية التي صدرت في هذا الشأن ، في حين أن مسؤولينا و أهل الاختصاص في علوم التربية عندنا ما يزالون حبيسي الخطابات المساواتية التقليدية ، رهيني خطاب تحدي تدريس الفتيات ، و لا يكادون يتجاوزون هذا السقف . و حتى إن صدرت مقالة هنا أو هناك للإشارة إلى ضعف مستوى الأداء الدراسي للتلاميذ (الذكور) فبشكل محتشم متردد حذر من أية اتهامات و تأويلات خاطئة تترصد كل من يقتحم هذا الموضوع .
الخطاب التربوي الغربي تجاوز مستوى « الحق في التمدرس للجميع » إلى مستوى « الحق في النجاح للجميع » ، و خرج في هذا الشأن بخلاصات جديرة بالاهتمام ، و قامت على أساسه عدة مبادرات تربوية رائدة وجدت من الدعم الرسمي و الأهلي ما جعلها محط نظر و اهتمام ، و خاصة مع النتائج الباهرة التي حققتها على مستوى الحق في النجاح للجنسين معا (الذكور+الإناث) .
سؤال مهم يطرح هنا : هل الخلل في أبنائنا الذكور أم في نظام تربوي يحابي الإناث ؟
بتعبير آخر و حتى يفهم السؤال دون تأويلات خاطئة : ما مدى استجابة نظامنا التعليمي للشروط الواجب توفرها حتى ينجح و يتفوق ذكوره كما تنجح و تتفوق إناثه ؟
سؤال ملح يجب أن تنبري له أقلام التربويين لإنقاذ تلاميذنا الذكور مما هم فيه كما سبق لأقلام الآخرين أن انبرت .
(*) ــ « مؤشرات التربية لموسم 2020/2021 » ، وزارة التربية الوطنية ، المملكة المغربية ، 2021 .(يمكن تحميله من موقع الوزارة) .
ـــــــــ
عبد المجيد النحكامي . ورزازات .
Aucun commentaire