لنركز على التأهل لمونديال قطر..
اسماعيل الحلوتي
هي نكسة أخرى جديدة تنضاف إلى سجل النكسات الرياضية المتوالية، تلك التي خلفها إقصاء المنتخب الوطني من دور الربع في بطولة كأس أمم إفريقيا « طوطال إنيرجي » الكاميرون 21، إثر انهزامه ب(2/1) في المباراة التي جمعته بنظيره المصري مساء يوم الأحد 30 يناير 2022 بملعب أحمدو أهيدجو بالعاصمة ياوندي، ليؤدي بذلك ثمن أخطاء وعناد الناخب الوطني البوسني وحيد حليلوزيتش.
وكان طبيعيا أن يخلف الخروج المبكر من العرس الإفريقي حسرة كبرى لدى المغاربة، الذين استشاطوا غضبا وأبوا إلا أن يعبروا عن استيائهم وحزنهم العميق لمرارة الإقصاء الصادم، من خلال تحميل المسؤولية لكل من رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع وقائد العارضة الفنية « وحيد » زمانه حليلوزيتش عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي المقاهي والبيوت ومقرات العمل. حيث توالت الانتقادات الحادة الموجهة إليه على بسبب سوء اختياراته وتماديه في معاكسة الرأي العام، وتعالت الأصوات المطالبة بإقالته فورا، خاصة أن من بين البنود الواردة في العقد المبرم مع الجامعة في غشت 2019 خلفا للناخب الوطني هيرفي رونار، قيادة المنتخب الوطني إلى نصف نهائي كأس إفريقيا للأمم المقامة بالكاميرون من 9 يناير إلى غاية 6 فبراير 2022، والتأهل إلى نهائيات كأس العالم المزمع إقامتها في قطر 22 والظفر بكأس إفريقيا 2023.
ولم يقف الأمر عند حدود المطالبة بإقالة الناخب الوطني ومعه رئيس الجامعة، بل هناك من نواب الأمة من طالب خلال جلسة الأسئلة العامة بالكشف عن حجم الأجور والتعويضات التي يتقاضاها الناخب الوطني ومعه باقي أفراد طاقمه التقني والطبي والإداري. وهناك أيضا من اعتبر في جلسة المساءلة الشهرية المنعقدة بمجلس النواب يوم الإثنين 31 يناير 2022 أن المغرب يعيش على إيقاع انتكاسات متتالية في الرياضة والثقافة والسياسة. إذ قالت إحدى النائبات من فرق المعارضة بأن الهزيمة قبل أن تكون رياضية، فهي أيضا هزيمة ثقافية بسبب التفريط في القيم المغربية الأصيلة وجعل التفاهة عنوانا لكل شيء، وزادت أن طالبت بضرورة تفعيل مبدأ « ربط المسؤولية بالمحاسبة » أمام هدر ملايير الدراهم من أموال دافعي الضرائب باسم الرياضة بدون نتائج مرضية…
فبعيدا عن أي مزايدات سياسوية مغرضة، من حق أي مواطن يسكن قلبه حب الوطن ويعتز بانتمائه للمغرب أن يغضب وينتقد بشدة السياسات العامة في الرياضة وغيرها من القطاعات الأخرى، بيد أنه وعلى الرغم من أن بنود العقد واضحة وأن الإخلال بواحد من شروطها يؤدي إلى إقالة الناخب الوطني من جانب واحد، فإنه من باب التعقل والحكمة وبالنظر إلى ضيق المسافة الزمنية التي تفصلنا عن المبارتين الحاسمتين ضد منتخب الكونغو الديمقراطية، لا يجوز لنا التمادي في اللوم والتوبيخ وعلينا أن نتريث قليلا ونمنح الناخب الوطني والمنتخب الفرصة في تدارك الأخطاء التي أدت إلى الإقصاء المخيب للآمال، والانصراف إلى التركيز على مباريتي الحسم ضد المنتخب الكونغولي المرتقب إجراؤهما ذهابا وإيابا في 24 و29 مارس المقبل ضمن الدور الفاصل المؤهل إلى مونديال قطر 22…
ذلك أن ما لا ينبغي أن يغيب عن أذهان الجميع في هذه الظروف العصيبة التي تمر منها بلادنا جراء الوضع الوبائي المقلق والهزيمة الكروية القاسية في ربع نهاية كأس إفريقيا، أنه يتعين علينا أن ننظر إلى واقع الأمور بالجدية اللازمة، لاسيما أن الخصم المقبل لا يقل قوة و »شراسة » عن باقي المنتخبات المؤهلة إلى خوض مباريات نصف النهاية ونهاية كأس إفريقيا للأمم، إذ لم يسبق لمنتخبنا الوطني التغلب عليه في إقصائيات كأس العالم، حيث أن المنتخبين التقيا في تصفيات عامي 1974 و1990، انتصر في الأولى منتخب الكونغو الديمقراطية بحصة (3/0)، قبل أن ينسحب المنتخب الوطني من مقابلة الإياب احتجاجا على سوء التحكيم ويعتبر منهزما بنتيجة (2/0). فيما تعادل المنتخبان بدون أهداف في ذهاب تصفيات مونديال إيطاليا 1990، قبل أن يحسم التعادل الإيجابي (1/1) مواجهة الإياب.
من هنا بات لزاما علينا أن نسارع إلى طي صفحة كأس إفريقيا بما لها وما عليها ولو بشكل مؤقت، وأن نعمل على دعم ومساندة نخبتنا الوطنية بكل الوسائل اللازمة والمتاحة، حتى يمكن لها أن تتجاوز بسلام كبوتها وتكون جاهزة وفي أحسن حالاتها للاستحقاق القادم، وأن يكرس الناخب الوطني ومعه كل العناصر الشابة والواعدة التي أبان عدد منهم على مهارات فريدة، كل جهودهم من أجل الإطاحة بالفريق الكونغولي وفك ما بات يسمى ب »عقدة الكونغو » وإعادة البسمة إلى شفاه المغاربة.
إننا بصرف النظر عن حجم الشعور بالإحباط الذي بات يتملكنا جراء الفشل المزمن الملازم لكرتنا، ندعو إلى إرجاء الحديث عن استقالة المسؤول الأول عن الجامعة الذي لم يكن في مستوى تحقيق آمال وأحلام الجماهير الرياضية العريضة على مدى حوالي عقد من التسيير، لاسيما أن المغرب لا تعوزه المواهب الكروية المتميزة وذات الكعب العالي، بقدر ما يعوزه الناخب الكفء الذي بإمكانه تشكيل نخبة وطنية منسجمة وقادرة على صناعة الفرح، فضلا عن المسؤول الناجح الذي يستطيع ترتيب الأولويات، وإعادة النظر في التصور العام لإصلاح منظومة كرة القدم الوطنية، انطلاقا من العمل القاعدي والسهر على التكوين الجيد للفئات الصغرى، والتشجيع على الاستثمار في التكوين وتطوير الأندية الرياضية والإدارة التقنية، وإلا فإننا سنظل تائهين في دوامة تبديد أموال الشعب ومراكمة الخيبات والانتكاسات…
Aucun commentaire