برلمان الجزائر يراسل الرئيس بايدن من أجل التراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء، والخارجية الأمريكية تردّ بتحذير مواطنيها « بعدم السفر » إلى الجزائر بسبب « مخاطر إرهابية »
عبدالقادر كتــرة
في خطوة غبية وغير مسبوقة، لم يسجلها التاريخ قط، أقدم البرلمان الجزائري، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة ، بأمر من النظام العسكري الجزائري، على مراسلة الرئيس بايدن من أجل التراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء، مع العلم أن هذا البلد القزم الذي لم يعد يعرف حجمه ولا حدوده يخاطب أقوى دولة في العالم وذات سيادة .
لكن يبدو أن النظام العسكري الجزائري الحاكم قد فقد البوصلة وأصيب بالجنون وعميت بصيرته وبصره وتاه في صحراء الأوهام والأحلام والكوابيس بعد الانتكاسات والضربات الموجعة المتتالية والمتواصلة التي تلقاها من دبلوماسية المملكة المغربية الشريفة، أججت عداءه وحقده وحسده، وبعد محاولات التودد والاستعطاف اليائسة للإدارة الأمريكية الجديدة التي لم تعر له أي اهتمام بل تجاهلته تجاهلا تاما، سلك البرلمان الجزائري مسلك التوسل أقرب إلى التشكي والتباكي..
نواب المجموعات البرلمانية الجزائرية بالمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة ختموا رسالتهم للرئيس الأمريكي « بالنظر لتجربتكم السياسية الرائدة وحنكتكم الدبلوماسية ومعرفتكم العميقة بالقانون الدولي، فإننا واثقون بأنكم ستعمدون لتصحيح ما قام به الرئيس السابق، خدمة للمواقف الأمريكية، وتحقيقا للعدل والإنصاف فيما يخص القضية الصحراوية »، وفق تعبير الرسالة التي تمثل محاولة جديدة من المحاولات اليائسة للنظام الجزائري من أجل دفع الرئيس بايدن على التراجع عن اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء.
إدارة الرئيس الأمريكي الجديد لم تلتفت إلى توسلات النظام العسكري الجزائري وأزلامه وبيادقه المأمورين، وكان الردّ قويا وصادما مرة أخرى بل ضربة قاضية حيث أوصت وزارة الخارجية الأمريكية مواطنيها بعدم « السفر » إلى الجزائر بسبب « مخاطر إرهابية ».
ورفعت وزارة الخارجية الأمريكية من مستوى تحذيرها للمسافرين الأمريكيين الراغبين في التوجه إلى الجزائر إلى المستوى الرابع، وهو أعلى مستوى على مقياسها المتعلق بانعدام الأمن، وعزت ذلك إلى مخاطر « الإرهاب والاختطاف ».
ومما جاء في موقع وزارة الخارجية الأمريكية الذي نصح الأمريكيين بعدم « السفر » إلى الجزائر، أن « الجماعات الإرهابية تواصل التحضير لهجمات محتملة في الجزائر. ويمكن للإرهابيين تنفيذ هجمات، بإصدار القليل من التحذيرات أو دون سابق إنذار، وقد حددوا كهدف لهم، مؤخرا، قوات الأمن الجزائرية ».
وأوضحت الوزارة، حسب ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن « معظم الهجمات تقع في المناطق القروية، لكن الهجمات يمكن أن تتم أيضا في المناطق الحضرية على الرغم من الوجود الأمني الكبير ».
كما أوصت وزارة الخارجية الأمريكية المواطنين الأمريكيين « بتجنب السفر إلى المناطق القروية الواقعة على بعد أقل من 50 كيلومترا من الحدود مع تونس، وتلك الواقعة على بعد أقل من 250 كلم من الحدود مع ليبيا والنيجر ومالي وموريتانيا، بسبب الأنشطة الإرهابية والإجرامية، بما في ذلك عمليات الاختطاف ».
للتذكير، أجلت محكمة بالعاصمة الجزائرية ، الخميس 04 فبراير 2021، قضية خطف وقتل « هيرفي غورديل » السائح الفرنسي عام 2014، إلى 18 فبراير الجاري، والذي قتل في عملية إرهابية بالجزائر وفصل رأسه عن جسده، حيث يتابع المتهمون في القضية من أجل الاختطاف والتعذيب والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإنشاء وتنظيم جماعة إرهابية مسلحة.
ونقلت منذ أيام وكالة الأنباء الفرنسية أنه سيمثل أمام القضاء سبعة أشخاص منهم المتهم الرئيسي عبد المالك حمزاوي، الذي قبض عليه الجيش خلال مطاردة الخاطفين، والمرافقون الخمسة، الذين كانوا مع السائح الفرنسي وقت خطفه في قلب محمية جرجرة الجبلية، في 21 سبتمبر 2014، والذين خضعوا للتحقيق لمدة ستة أيام مباشرة بعد تقدمهم للتبليغ عن خطف زميلهم، واحتُجزوا أكثر من 14 ساعة، كما صرح حينها أحدهم لوكالة « فرنس برس ».
فيما يُحاكم غيابيا سبعة عناصر من نفس المجموعة الإرهابية، يوجدون في حالة فرار بتهم الخطف والقتل، تضيف المصادر ذاتها.
وعثرت قوات الجيش الوطني الشعبي، شهر ديسمبر 2015، على مكان دفن جثة الرهينة ثم رأسه، على بعد 15 كيلومترًا من مكان خطفه بأعالي جبال جرجرة في البويرة.
وكان هيرفي غورديل (55 سنة) وهو متسلق جبال، قد اختطف من قبل جماعة إرهابية في 21 سبتمبر بتيزي وزو وتم اقتياده إلى وجهة مجهولة قبل اغتياله يوم 24 من نفس الشهر.
وتعد الجزائر بؤرة للإرهاب ومعظم الزعماء جزائريون وأعضاء من « بوليساريو » حيث سبق أن تناقلت مجموعة من وكالات الأنباء الدولية والمواقع الإلكترونية، خبرا كشف عنه الموقع الأمريكي « سايت » المتخصص في رصد مواقع التنظيمات الإرهابية بأن فرع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عين مسؤولا جديدا خلفا لزعيمه الإرهابي أبو مصعب عبد الودود المعروف بـ « عبد المالك دروكدال ».
وذكر الموقع الأمريكي أن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي « اختارت بعد موت دروكدال زعيما ينحدر من جنسية جزائرية جديد يدعى مجاهد يزيد مبارك، المعروف باسم أبو عبيدة يوسف العنابي، خلفا له ».
وأشار المصدر ذاته إلى أن « القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عرضت جثة زعيمها السابق لأول مرة في مقطع مُصور، « عبد المالك دروكدال » الذي قتل على يد الجيش الفرنسي في يونيو المنصرم في مالي بعد مطاردته لأكثر من سبع سنوات في منطقة الساحل.
وسبق لوزيرة الجيوش الفرنسيّة « فلورنس بارلي »، في يونيو الماضي، أن أكدت مقتل زعيم تنظيم « القاعدة » في بلاد المغرب الإسلامي، الجزائريّ « عبد المالك دروكدال » في عملية عسكرية شمالي مالي، أسفرت أيضاً عن تحييد عدد من القيادات الأخرى، وأسر عناصر في تنظيم « داعش ». وأكدت واشنطن أنها قدمت دعماً استخباراتياً لرصد المطلوبين.
وقالت بارلي في تغريدة على « تويتر »، إنّ « العديد من المقرّبين من دروكدال تمّ تحييدهم »، موضحة: إن « دروكدال »، عضو اللجنة التوجيهيّة لتنظيم « القاعدة »، كان يقود مجموعات « القاعدة » في شمال إفريقيا وقطاع الساحل، بما في ذلك جماعة « نصرة الإسلام »، إحدى الجماعات الإرهابيّة الرئيسيّة الناشطة في الساحل.
يذكر أن قوة « بركان » الفرنسية في مالي تمكنت، الجمعة 13 نونبر 2020، من قتل « باه أغ موسى » قيادي عملياتي إرهابي من الصف الأول مرتبط بتنظيم القاعدة وورد اسمه في السنوات الأخيرة في العديد من الهجمات في المنطقة.
وأشادت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي في بيان بالعملية التي تطلبت « وسائل استخباراتية كبيرة وقوة اعتراض مكونة من مروحيات وقوات برية » شنت هجوما على « باه أغ موسى » الذي وصف بأنه القائد العسكري لجماعة ما يسمى بـ « نصرة الإسلام والمسلمين ».
ونجحت قوات النخبة الفرنسية في عملية وقعت بمالي في سياق عملية « بركان »، خلال غشت الماضي، في قتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية بمنطقة الساحل، أبو الوليد الصحراوي العضو السابق في جبهة « بوليساريو »، إثر عملية عسكرية فرنسية.
Aucun commentaire