تغطية إعلامية جزائرية لحرب وهمية ل »بوليساريو » تثير السخرية والضحك بالجزائر وداخل المخيمات ولدى وسائل الإعلام الدولية
عبدالقادر كتــرة
عاشت الجزائر الشقيقة خلال هذه السنة التي توشك على الانقضاء (2020)، على وقع وضع مؤلم وغير مسبوق، حيث تزامنت أحداث مثيرة مع احتفالات الأمة الإسلامية بعيد الأضحى، فاندلعت النيران في غابات البلاد وانقطعت المياه عن كبرى حواضر البلاد وفرغت خزائن البريد من السيولة ولم يجد الموظفون والمتقاعدون رواتبهم في الوكالات، وأصاب محولات الكهرباء عطل فانقطع التيار عن مدن بأكملها وتضررت المستشفيات والمؤسسات العمومية بالأعطاب التقنية…، إضافة إلى صدمات سياسية ودبلوماسية تلقاها النظام العسكري الجزائري بعد قيام القوات المسلحة الملكية المغربية بتطهير معبر الكركرات من قطاع الطرق التابعين ل »بوليساريو » وافتتاح عدد من التمثيليات الدبلوماسية بعاصم لصحراء « العيون » ولؤلؤتها « الداخلة » واستقالة « خواكيم شوستر » كبير أصدقاء القضية و رئيس « المجموعة المشتركة للصحراء الغربية » واعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه والاستعداد لفتح تمثيلية دبلوماسية في لؤلؤة الصحراء المغربية « الداخلة »…
وبدل الاعتراف بالواقع الذي فرضته المملكة المغربية بالشرعية التاريخية والدولية والبحث عن حلّ واقعي كما دعمه الصحراويون أنفسهم بداخل المغرب ومن المحتجزين بالمخيمات بتندوف ومن طرف الأمم المتحدة وغالبية بلدان العام خاص منهم الدول العظمى ويتعلق الأمر بالحكم الذاتي الذي اقترحته المملكة المغربية الشريفة، بدل كل ذلك يتعنت النظام العسكري الجزائري حيث فَقَد البَوْصلة وجُنّ جنونه والتجأ إلى الكذب والبهتان والتزوير والتلفيق واختلاق أحداث وهمية بأسلوب سخيف ومقيت وظف فيه زبالة الأنباء الجزائري لترويج أخبرا زائفة عن حرب وهمية خيالية من الأفلام الكرتونية لحروب النجوم لا يصدقها حتى أصحابها، بل ذهب به الأمر إلى تصوير مشهد ليلي من مسرحية لحرب وهمية بطلاها إعلامي جزائري يتحدث عن قصف بلغة ركيكة وضعيفة لا هي عربية فصحى ولا عامية، ثم رجل ملفوف في لباس عسكري وملثم بعمامة يتمعن في الظلام مستعملا منظارا…
مشهد لمسرحية بليدة وبذيئة ودنيئة روجت لها قنوات الصرف الصحي الجزائرية والبوليسارية « زبالة الأنباء الجزائري » و »مزبلة الأنباء الصحراوية »، بعد أن صدمها الواقع للقوات الملكية المغربية التي دكت جحور قطاع الطرق لبوليساريو بالكركرات الذي فرّوا مثل الجردان إلى خيامهم البالية بتندوف بالجزائر، مشهد أثار السخرية والضحك وتحول إلى موضوع للتنكيت في أوساط الشعب الجزائري والصحراوي بتندوف وحتى وسط « بوليساريو » ، قبل أن تستغله بعض برامج ولقاءات القنوات الدولية للفرجة والتهكم والضحك…
مدون صحراوي علق على هذه الحرب التي تتأرجح بين الوهم والواقع بتدوينة تقول: « هي المرة الأولى في حياتي التي أسمع فيها عن حرب حامية الوطيس ولا أراها على قناة الجزيرة في تغطية مباشرة »…
موقع بوليساري علّق على هذا الواقع الميؤوس بقوله « بلاغات قيادة بوليساريو لم يصدرها حتى « الصحّاف » في حرب العراق الحقيقية والواقعية ضد التحالف الدولي، وبعد أن عجزت صفحات الذباب الفيسبوكي للبيت الأصفر التسويق للحرب على أنها أمر واقع، وسقطت أمام الحشد الذي قام به المغرب على كل المنصات وكشف بهتان الصور وزيف المشاهد…، عثر قادتنا أخيرا على منفذ إعلامي إلى الرأي العام الجهوي و الدولي، وأرسلت الجزائر طاقما صحفيا لتغطية الحرب الدائرة بالمحبس، وظهر في الحصة الإخبارية موفد التلفزيون الجزائري إلى ساحة المعركة وهو يراسل الرأي العام الجزائري ويذيع له ما يجري بالقرب من حدود دولته الهادئة المطمئنة، فحدثت المراسلة الحربية الأغرب من ميدان الحرب، والتي أرشحها لأن تكون جزءا من طرائف نهاية هذه السنة المفزعة ».
وزاد الموقع البوليساري بغصة وأسف « إذ ظهر الصحفي غارقا وسط الظلام بعد أن جنّ عليه الليل، وهو يحمل ميكروفون لقناة رسمية جزائرية ألفنا أن تدعم قضيتنا بموضوعية، وكنا نعتبر معالجتها للأخبار الأكثر مصداقية، وخلال التغطية الميدانية من مكان المعركة قال أنه يتواجد مع القوات الصحراوية بأرض العمليات، وأن المدفعية الصحراوية تقصف و تدك القاعدة 22 التابعة للقوات البرية المغربية منذ 11h00 صباحا، وأن هذا الدك والهجوم هو ردا على القصف المدفعي والصاروخي العنيف لقوات المغرب، والذي دمر مسكنا لأسرة صحراوية تنبأ الجيش الشعبي الصحراوي بنية المغرب تدميره، وأن الرد الحازم لقواتنا جعل المحتل يتكبد خسائر فادحة، وتم دحره إلى الخلف…، وجرى تدمير جزء مهم من تلك القاعدة التي تتوسط الجدار، وأن جيش المغرب أمضى الليل يحصي ضحاياه ويجلي جرحاه ».
وعلق الموقع ذاته بقوله » لكن التغطية تضمنت أخطاء مهنية من الصحفي و أخرى مشتركة بين الصحفي وعناصر الجيش الصحراوي، و كشفت أن الأمر يتعلق بمسرحية إعلامية تمنينا كصحراويين لو أنها لم تحدث، لأن في تلك المادة الإخبارية الكثير من الاستحمار لعقل ووعي المشاهد وإهانة لكبرياء المواطن الصحراوي، الذي يعلم بأن الجيش الصحراوي بعد اكثر من شهر من القصف لم يحدث ثغرة واحدة في جدار جيش الاحتلال، و لم يستطيع أن يتجاوزه، ليس انتقاصا من عزيمة وشجاعة جيشنا ولكن لأن الجدار مدعوم تقنيا ولوجيستيكيا وتكنولوجيا بآخر صيحات العتاد الحربي، فهذا المواطن الصحراوي البسيط لم تعد تنطلي عليه حيل البروباغندا بعدما أصبح يمتلك – بفضل متابعته للأحداث الدولية وتعدد المصادر- ثقافة التأكد من صدق الخبر، وعلى دراية بالتغطية الإعلامية الصادقة للحروب التي كان آخرها دروس المعارك الآذارية – الأرمينية، وقبلها الحرب على التنظيم الإرهابي « داعش » وكيف كانت التغطية تأخذنا إلى تفاصيل الحرب وتكشف لنا عن الحقائق دون تحفظ. »
كلّ من شاهد مشهد لفيديو لحرب في خيال النظام العسكري الجزائري وزبالة الأنباء الجزائرية ومزبلة الأنباء الصحراوية ، سخر وتهكم وضحك للأخطاء التي وقع فيها مهندسو المشهد المسرحي (ولو أن الفنانين المسرحيين لا يقعون في هذه الأخطاء)، حيث ظهر الإعلامي الجزائري المأسوف على خبرته الذي كان يتجول بين العتاد العسكري دون خوذة حرب ولا واقي من الأعيرة النارية التي ألفنا أن نراها لدى صحفيي المناطق المتنازع عليها، وللمرة الأولى التي نرى فيها جيشا يطلق ذخيرته ليلا وفي اتجاه معين وجندي يحمل منظاره ويبحث في الاتجاه المعاكس عن مسار القذيفة ليترصد ما ستحدثه من دمار، وكانه يقول للصحفي التقط لي صورة من فضلك.
« والأدهى من ذلك، علّق الموقع البوليساري « أن المصور المرافق للصحفي خلال تغطيته للعملية يقف أمام المقاتل صاحب المنظار ومصباح الكاميرا مشتعل في وجهه، وهذا خطأ كبير في الحروب الليلية، لأن الأضواء هي بمثابة أهداف محتملة، مما يعني بأن المصور ومرافقه كان متأكدين بأنهما في مكان آمن بعيد عن مدفعية الاحتلال المغربي، ويعني كذلك بأن المقاتل الصحراوي لم يكن يستخدم المنظار الحراري الليلي، والمبكي أن الكاميرا تشعل أضوائها للتصوير ليلا، و العدو – حسب تصريح الصحفي – على بعد أميال قليلة من المكان ويستطيع أن يرصد سحلية صحراوية تبحث عن الماء و له الدقة لإصابتها، فماذا لو تعلق الأمر بضوء كاميرا في خلاء مكشوف… !!!؟ ».
كتب أحد المؤثرين الجزائريين أن التغطية التي تورط فيها الإعلام الرسمي الجزائري هي « عزف نشاز »، وأن الجزائر أظهرت للعالم بأنها دولة حرب وأن العقيدة العسكرية لديها تسبق العقيدة الدبلوماسية، وأنها تنفخ في رماد الصراع لتشعل فتنة قد تشب في أهداب جلبابها.
نشطاء جزائريون هاجموا النظام العسكري الجزائري عبر شرائط على منصة اليوتوب وأعادوا نشر مقتطفات من خطاب ناذر للرئيس المصري الراحل « أنور السادات »، خلال مؤتمر أمام وسائل الإعلام…، ويتهم فيه الجيش بتوريط البلاد في دعم الإتحاد السوفياتي ضد مسلمي أفغانستان، والمساهمة في تمزيق وحدة السودان وتيمور وعدد من الدول الإسلامية دون أي مصلحة…
وأضاف النشطاء أن الجزائر التي تتبنى دعم الحركات الثورية عبر العالم لا تستطيع الوقوف في وجه اليونان و دعم استقلال قبرص التركية، ولا قدرة لها على مناصرة الكطلانيين ضد الأسبان وتتجاهل معاداة الروس في القرم، ولا تقدر حتى على نعت إثيوبيا بدولة الاحتلال في مواجهتها جبهة تحرير شعب تيغراي…
وأختم مقالي بفقرتين من مقال كتبه الإعلامي بقناة ميدي1 بلال مرميد الذي دعاه أحد أصدقائه الإعلاميين لمشاهدة إحدى القنوات الجزائري، وكتب، بعد ما شهد الشريط للحرب الوهمية مصورة بطريقة بليدة، أن ما يقدم بالقنوات الوطنية، رغم كل مساوئها، يتجاوز بسنوات ضوئية ما يقدم بالتلفزيون الجزائري، ملفتا الانتباه إلى أن مشاهدة بضع دقائق من تلفزيون الجيران، « تكفي كي تكتشف بأنهم أناس متجاوزون ولا يعلمون أي شيء عن أحوال بلدهم ».
« المواطن الجزائري البسيط الذي يبحث عن أخبار بلده، يستحق تلفزيونا رسميا يتكلف على الأقل بنقل الأخبار الرسمية لبلده. يستحق تلفزيونا رسميا لا يتفنن فقط في إنتاج الأفلام التلفزية الزائفة ذات الطابع الكوميدي، ويحتاج برامج يعبر منها أناس يكونون جملا سليمة، ولا يختلقون معارك وهمية مع عدو وهمي. طرق السبعينات دفنت في السبعينات، وإنتاج الأعمال الدرامية يحتاج حدا أدنى من ذكاء لا يتوفر للقائمين على تلفزيونهم الرسمي.
شاهدت التلفزيون الرسمي للجيران لساعة واحدة مساء السبت، وأصبت بنوبات ضحك لا تنتهي. مثل كل مهرج بليد، يضطرك لأن تضحك على بلادته معتقدا بأنه يضحكك بوضعيات كوميدية مخزية. أول مهرج يعود ذكره إلى حوالي ألفين وخمسمائة سنة قبل الميلاد في حفل تهريج أقيم في البلاط الفرعوني، وبدون ارتياب هذا المهرج كان أذكى من جماعة المهرجين الذين يتم حشدهم في التلفزيون الرسمي الجزائري لمهاجمة المغرب.
تلفزيون رسمي يجعلك كمشاهد تعجز عن تحليل ما يعرض من أخبار مفبركة، لأن كل إنسان عاقل لا يمكن أن تنطلي عليه حيل بالية، يؤديها جماعة من بهلوانات يخفي الماكياج الفاقع إحباطاتهم التي لا تنتهي. لك الله يا جزائر، إعلامك الكاذب صار يبكي حتى المهرجين المشتغلين في تلفزيونه الرسمي.
سامحك الله زميلي الجزائري، لأنك جعلتني ألوث عيني بما تفنن تلفزيونكم الرسمي بارتكابه في حق نفسه وفي حق الخلق. شاهدت مقدمة تعلن الحرب على اللغة العربية، ومراسلا وهميا يحكي عن حرب وهمية ويعتدي على كل قواعد اللغة، ويقول الشيء ونقيضه في نفس العبارة.
التلفزيون الرسمي الجزائري مدعو لتعليم موظفيه اللغة العربية، ووقتها سيكون لكل حادث حديث.
آخر الكلام.. لك الله أيها المواطن الجزائري، فأنت تستحق فعلا التضامن. »
Aucun commentaire