كثر الحديث في اللاونة الاخيرة عن بؤرة لالة ميمونة وتفشي وباء كورونا في صفوف عاملات حقول الفراولة ومصانعها , وقد اتخذت السلطات العمومية الاجراءات اللازمة لاحتواء الوضع وفرض حجر صحي صارم على المنطقة بعد نقل المصابات الى المستشفيات الميدانية لتلقي العلاجات الضرورية وفق البرتوكول الجاري به العمل , مما جعلها تحت السيطرة في ظرف وجيز بفضل تدخل كافة الاطراف المعنية , كما أعطيت التعليمات لإجراء بحث لتحديد المسئوليات .

وقد تناقلت وسائل الاعلام هذا الحدث الذي يحظى باهتمام الرأي العام محليا ووطنيا ,  خاصة وانه تزامن مع الاعلان عن مرحلة ثانية من  تخفيف الحجر الصحي الذي شمل جل ولايات وعمالات وأقاليم المملكة المغربية باستثناء كل من طنجة , العرائش , مراكش , والقنيطرة التي تنتمي اليها اداريا جماعة لالة ميمونة موضوع هذا المقال .

وقد اثار ذلك تساؤلات ساكنة الحاضرة الغرباوية وعاصمتها القنيطرة عن سبب تعميم حالة التشدد في الحجر الصحي التي شملت مدينتهم رغم بعدها عن بؤرة الوباء بحوالي 140 كلم , ومنهم من اعتبر ذلك غضب في غير محله , كما تفتقت عبقرية بعض المتفكهين عن مجموعة من المستملحات  تعبر عن شعور جماعي بنوع من الاسى عن هذه الحالة الوبائية الطارئة التي أناخت بكلكلها على البلاد والعباد .

طبعا لا احد يجادل في فعالية الاجراءات الوقائية المتخذة ونجاعتها في الحد من انتشار فيروس كوفيد  19 والسياسة الاستباقية التي اتخذتها الدولة بتعليمات ملكية سديدة , مما أهل المغرب  للريادة في هذا المجال بشهادة دولية  وإشادة بكيفية تعامله مع الجائحة سواء من حيث توفير التجهيزات والمعدات , وتجنيد الموارد البشرية من أطر طبية مدنية وعسكرية وفق منظومة صحية نموذجية , وقوات عمومية وسلطات محلية تعمل على تطبيق الاجراءات القانونية المتخذة والمشاركة في التأطير والتوعية حماية لصحة المواطنين ,  كما أن دعم الفئات الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة والبطالة الناتجة عن التوقف الاضطراري عن العمل  كان له وقعا ايجابيا مما ساهم في تخفيف العبء وتجنب خسائر جسيمة  في الارواح والحد من المخلفات والأضرار .

التداول الواسع لأخبار بؤرة لالة ميمونة جعل الانظار تتجه صوب هاته البلدة الواقعة على الساحل الاطلسي بسهول الغرب وهي منطقة غابوية وفلاحية بامتياز تساهم في توفير فرص الشغل لليد العاملة القارة منها والموسمية ,  بالخصوص اثناء مواسم جني المحاصيل الزراعية والخضر والفواكه كالفراولة الشهية ( الفريز) التي تغطي مساحات هامة , مما جعلها محط استقطاب للوحدات الانتاجية من معامل و مصانع تعمل في ذروة الموسم كخلايا نحل تحركها سواعد نسوية  شغالة لا تكل ولا تنام لهن أعين ,نساء عاملات كادحات من اجل لقمة العيش وخلفهن أفراخ بذي مرخ , زغب الحواصل لا ماء ولا شجر.

تسليط الاضواء على ‘ لالة ميمونة  » أعاد طرح السؤال عن صاحبة المكان , والتي نسب اليها ظلما التسبب في تفشي وباء كورونا وانتشاره في ربوعها وهي بريئة منه براءة الذئب من دم يوسف , كيف لا وهي الولية الصالحة التي عاشت حياة الورع و التقوى , لم تتبحر في علوم الدين ولا نالت من المعارف مغنما , كانت بسيطة وعفوية في عبادتها وصلواتها , نهلت من كأس العشق الالهي وهامت في حب الله ورسوله كأي متصوفة زاهدة في الحياة الفانية متطلعة قلبا وروحا الى العالم السرمدي .

جمعة لالة ميمونة , زارها الملك الراحل محمد الخامس وسماها القرية النموذجية , لكن مع كامل الاسف لم تنل حظها من التنمية والتأهيل , وواقع حالها يشهد على ذلك .

 مررت منها ذات صائفة  قادما من مولاي بوسلهام المجاور لها والمعروف بشاطئه الساحر و مرجته  الزرقاء محمية الطيور المهاجرة , تفاجأت  كغيري بالحالة المزرية  للمركز –  مقر الجماعة الترابية والدائرة – والذي  لا يتوفر على الحد الادنى من التجهيزات والمرافق التي ترقى لمستوى تاريخه , رغم الثروات التي حبا الله بها  المنطقة من حيث الجمال الطبيعي والغنى الفلاحي , والموقع الجغرافي وسط الغابة والسهول الخصبة والمجال البحري الشاسع ,  كل ذلك كان من الممكن ان يكون رافعة ترقى بالجماعة الى درجة  قطب جذب لاستثمارات سياحية  واعدة على غرار الجهة الشمالية  المجاورة لها من العرائش الى اصيلة ثم طنجة .

فلتكن مناسبة الحديث عن جماعة لالة ميمونة وتسليط الاضواء عليها  في زمن كورونا فأل خير يعمها ان شاء الله , فمن باب الانصاف ان تحظى بالتفاتة من المسئولين للنهوض بها اقتصاديا واجتماعيا وعمرانيا , وتوفير الاعتمادات اللازمة لمخطط تنموي  تكون نواته الصلبة التنمية البشرية والتأهيل الحضري ,  حتى تلحق بركب المراكز التي تشهد نهضة وانبعاثا ملحوظين خاصة و أن لها مميزات وخصائص تؤهلها للإقلاع  و تدارك ما فاتها من فرص ومعالجة أسباب عجز تفاقم مع مرور السنين والأعوام , انضافت اليه مؤخرا مخلفات الجائحة ,  فليس لها ذنب فيها ولا يد ولا حيلة ,  ولا هي  رغبت في أن تمس أهلها و جيرانها , فهي الدواء لا الداء .