حكومة الباطرونا تسعى « حسي مسي » منذ ما يزيد على شهر،على طبخ قوانين كاتمة للتعبير، سالبة للحريات، ومطلقة العنان لتغول الشركات
المختار عويدي
في الوقت الذي ينشغل فيه المواطنون بمعركتهم ضد الوباء اللعين، ويقومون كل مساء بإحصاء أعداد المصابين والقتلى، وفي الوقت الذي بدأت فيه بعض أجواء الثقة الحذرة تتبلور بين المواطن والدولة، عملت حكومة الباطرونا « حسي مسي » منذ ما يزيد على شهر، « بلا حيا لا حشمة » على طبخ قوانين كاتمة للتعبير، سالبة للحريات، ومطلقة العنان لتغول الشركات.. عازمة على تمريرها في « جنح الظلام » وفي غفلة من الجميع..
وهي قوانين أقل ما يقال عنها، أنها تهدف إلى حشر المواطنين في الزاوية، والإجهاز على ما تبقى لهم من متنفس للتعبير والمبادرة والإحتجاج. تحت عنوان: « مشروع قانون تقنين وسائل التواصل الإجتماعي والشبكات المفتوحة ». وكأني بهذه الحكومة الفاشلة ترغب في إفراغ هذه الشبكات من رسالتها وجدواها، وجعلها منصات لتبادل التحايا ومباركة الأعياد فقط، وليس متنفسا للتعبير عن همومهم وانشغالاتهم ومطالبهم وانتظاراتهم..
هي قوانين تمثل في الواقع رد فعل رادع صارخ فاضح، مليئ بالإنتقام واحتقار الشعب، من لوبي الشركات اللاوطنية ورديفها حكومة الكوارث، على معركة المقاطعة الناجحة، التي خاضها المواطنون خلال السنة الماضية في حق بعض الشركات المتهافتة. ولا أدل على ذلك من أن مشروع القانون المشؤوم، يتكون من 25 مادة، منها 22 مادة تخص عقوبات ثقيلة، ما أنزل الله بها من سلطان. بما يوحي أن هذه الحكومة والبرلمان، ليست في الواقع مؤسسات شعبية، بل تكاد تكون هيئات وملحقات تابعة للباطرونا.. وأن الأحزاب المطبلة والملتزمة بالصمت المشبوه، ليست مؤسسات تأطير وتعبئة وتكوين للمواطنين، بقدرما هي ملحقات انتهازية مرتزقة!!
فمن الخزي والعار أن تتآلف كل هذه المؤسسات وتتواطأ ضد مصالح « الشعب السيد »، وتُبيت في جنح الظلام قوانين لادستورية، لا هدف لها، غير تركيعه وتكميمه وإذلاله..
إن الحكومات التي تحترم نفسها ومواطنيها، لا تبدع في مجال استحمار مواطنيها، وتكميم أفواههم، وتمويل إخفاقاتها من جيوبهم، كما هو حال حكومة « الزفت » التي ابتلينا بها. بل تفكر وتبحث وتخطط لكل ما من شأنه أن يرتقي بأوضاعهم وأحوالهم، ويوسع هوامش حرياتهم ومبادراتهم.
فمنذ نزول الوباء اللعين، وحكومة الجائحة والكوارث تستثمر الوضع لتصريف قراراتها اللاشعبية.. فبعد تجميدها لحقوق الترقيات والتوظيفات بدون مبرر أو سند قانوني، وقرارها بالإقتطاع غير القانوني من أجور المواطنين، وارتمائها من جديد في أحضان الإقتراض الخارجي، ها هي تعمل جاهدة، من خلال مشروعها المشؤوم، على تكميم أفواههم ومصادرة حرياتهم، إعلاءً لمصالح الباطرونا.. « ما بقا ليها غير ديرليهم البردعة والشواري والصريمة (اللجام)، وتركب على ظهورهم.. أرررا.. أرررا.. أرررا !!!
وا هادشي بزززززززززززاف.. بززززززززاف !!! إذلال ليس كمثله إذلال..
أليست مختلف التضييقات الصارخة، التي تتخذ في أدنى تجلياتها شكل مطاردات فاضحة، تتعرض لها حتى التدوينات الفايسبوكية، ومختلف الأشكال التعبيرية والفنية على المواقع الإجتماعية، والزج بأصحابها في السجون، أليست كافية لإرضاء وإشباع نهمها في مجال تكميم وتلجيم أصوات المواطنين والتضييق على حريتهم في التعبير والإدلاء بالرأي، حتى تمعن في طبخ مزيد من القوانين المشبوهة، التي ترمي إلى إفراغ المنصات الإجتماعية من مبرر وجودها أصلا، بما يعني الإجهاز على كل ما تبقى لهم من نفس تعبيري..
الأمر جلل فادح.. ويستوجب معركة واسعة النطاق، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حق المواطنين فيما تبقى لهم من حرية التعبير والإحتجاج والمبادرة.. !!!
Aucun commentaire