مصداقية المواد الإعلامية رهينة بمصداقية المنابر الإعلامية
مصداقية المواد الإعلامية رهينة بمصداقية المنابر الإعلامية
محمد شركي
من المعلوم أن نقل الخبر في ثقافتنا الإسلامية مشروط بالتبيّن في صدق وأمانة النقل احترازا من الوقوع في فخ الفسوق الذي قد يكون وراء إصابة قوم بجهالة لا ينفع بعدها ندم مصداقا لقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )).
واحترازا من الوقوع في الندم وهو عبارة عن معاناة نفسية يصل أحيانا إلى حد مفارقة الحياة كمدا أو انتحارا أو فقدان العقل إن اشتد ، فضلا عما يترتب عن نشر الخبر الكاذب من متابعة جنائية تكون على قدر الضرر الناتج عن ذلك .
ولما كانت مهمة المنابر الإعلامية هي أمانة نقل الخبر وجب على من يزاولونها التزام قاعدة التبيّن في نقل الخبر انصياعا لأمر الله تعالى الذي يلزم كل مسلم ، وهو أشد إلزاما لمن مهمتهم نقل الخبر، وذلك أمانة في أعناقهم سيسألون عنها وسيحاسبون عليها بين يديّ الله عز وجل إذا صاروا إليه .
ولما كان ما بني على باطل يبطل بالضرورة ، فمن المفروض في المنابر الإعلامية أن تكون ذات مصداقية ، ومصداقيتها ألا يمارس أصحابها مهمتهم الإعلامية إلا بعد دخول المجال الإعلامي من بابه لا تسورا لأسواره ، وهو ما لا يتأتى إلا من خلال تسوية قانونية كما يفرض ذلك قانون الإعلام ، وهو قانون يحمي العمل الإعلامي ويصونه من أن يقتحم حماه من أي شكل من أشكال التطفل عليه .
وتسوية وضعية المنابر الإعلامية يضفي المصداقية عليها ويكسبها ثقة المتواصلين معها ، ومن ثم يضفي المصداقية على المواد الإعلامية التي تقدمها . وكيف يمكن الثقة في منابر إعلامية تنشر موادها الإعلامية ولمّا تسوّ وضعيتها القانونية وفق قانون الصحافة ؟
ومعلوم أن كل تلكؤ في ولوج العمل الإعلامي من غير بابه ، ومن دون تسوية وضعيته القانونية هو تعمد وإصرار على الإساءة إليه حيث ينظر الرأي العام إلى ذلك بريبة وشك، لأن العمل الإعلامي يجري عليه ما يجري على كل عمل بحيث لا يسمح بمزاولته إلا في إطار قانون يضبطه ، ويحدد شروط مزاولته .
فكما أن الطب والصيدلة على سبيل المثال لا الحصر يزاولان وفق شروط منها تسوية الوضعية القانونية من خلال ملفات تتضمن وثائق وشواهد ، فإن العمل الإعلامي يجري عليه ما يجري عليهما . ومزاولة العمل الإعلامي دون تسوية وضعيته القانونية كمزوالة ما يسمى بالطب الشعبي أو التداوي بالأعشاب أوالشعوذة ،الشيء الذي يفقده المصداقية ، ويفقد أيضا ما يقدمه من تطبيب المصداقية. وكم من تداو بالأعشاب وعن طريق الشعوذة كان وخيم العواقب.
وقد لا يجني المشتغلون بالعمل الإعلامي فوائد مادية من ورائه لكن لا يضيرهم ذلك طالما أن مصداقيتهم تظل مصونة لا يمكن الطعن فيها.
وأخيرا نأمل من كل الغيارى على مهنة المتاعب التي لا يوجد أشرف منها وهي التي قدمت ضحايا وشهداء أن يحرصوا على شرفها ومصداقيتها وحمايتها من كل ابتذال يستهدفها سواء كان ذلك عمدا أم جهلا .
Aucun commentaire