الإصلاح الحقيقي للتعليم
الإصلاح الحقيقي للتعليم لا يكون أبدا بالترقيع، فإن ذلك مضيعة للوقت والجهد والمال. الإصلاح الحقيقي للتعليم هو جزء من إصلاح مجتمعي كبير وثوري يقطع مع كل تلك المخلفات ، مخلفات الاستعمار مخلفات الهيمنة مخلفات « النخبة » المهيمنة والتي تسعى من خلال هذه الترقيعات المتلاحقة منذ الستينات ، تسعى إلى تفويت الفرصة على الشعب ليعيش في رفاه و رخاء من خلال تحقيق أحلامه وآماله ولتحقيق ذاته وابراز مؤهلاته في وطن يعطي الأولوية للإنسان.
هذا الإصلاح الشامل يبدأ من تصالح مع الذات ، وتصالح مع الشعب حيث تصطلح النخب مع شعبها (حاضنتها) : النخب الفكرية من خلال النزول من برجها العالي والاستيقاظ من أحلامها والعودة من اغترابها ، والنخب المسيرة التي تمتلك زمام الأمور، تصطلح مع الشعب بنكران الذات وإعادة الاعتبار للمواطن باعتباره شريكا وباعتباره صاحب القرار وليس عبدا أجيرا (خماسا) لا يستحق العيش الكريم، و تلك النخب السياسية عليها أن تعيد النظر في أولوياتها وولاءاتها وأن يكون ولاؤها الأول للشعب وليس لمصالحها الفئوية الضيقة …
هذه الحظة التصالحية لا بد أن تسود خلالها روح الجماعة ، ونكران الذات من أجل مستقبل الأجيال التالية .
إذا حققنا هذه الخطوة تأتي خطوات إصلاح القطاعات الأخرى تباعا وأهمها التعليم، حيث نعيد النظر في التوجهات العامة ، أي مواطن نريد ؟ أهو ذلك الخنوع الخضوع البليد الذي يكمل مساره الدراسي وينتظر شغلا؟ أم ذلك المواطن المبادر الذي يستطيع التعامل مع واقعه من خلا تفكير فعال منتج للأفكار البناءة ويقترح حلولا للمشاكل التي تعترضه أو تعترض مجتمعه، أن نقدم له النماذج الناجحة المنتجة وليس تلك الفاشلة التي نقدمها اليوم ، أن يكون هناك توافق مجتمعي حول الأهداف التي نريدها والتي تكون نابعة من هويتنا الثقافية والدينية و التاريخية ، أن ننطلق مما يجمعنا لا مما يفرقنا ، وليس إيديولوجيات غريبة تحملها فئة قليلة من المجتمع، إذ أن ذلك عامل فشل سيؤجج الصراع المجتمعي وبالتالي نعود إلى نقطة الصفر ..
لإنجاح هذا الإصلاح لا بد أن ينخرط الجميع ، إعلام؛ أسرة ؛ حكومة ؛ أحزاب؛ مؤسسات حكومية وغير حكومية ؛ مجتمع مدني …إلخ، الكل ينخرط بشكل إيجابي في قطيعة تامة مع ما نعيشه اليوم …
غير ذلك، فإننا لن نبرح أمكاننا وسيطول بنا الوقت ونحن نلف حول نقطة الصفر وما تحتها في البحث عن مخرج لا يريده لنا من ذاقوا نتائج استغلالنا مدة عقود وعقود؛ ويبقى المستفيد الوحيد في ذلك هو الريع والتحكم والفساد.
Aucun commentaire