ندوة دولية حول « الأمن التعليمي بين الإكراهات و الرهانات
ينظم التضامن الجامعي المغربي
بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، بوجدة وبتعاون مع النقابة الوطنية للتعليم العالي وجمعية الشباب الباحث
ندوة دولية حول
وذلك يومي 11 و 11 ماي 1018 بقاعة الندوات بكلية الحقوق – وجدة
تتخبط المؤسسات التعليمية المغربية في العديد من المشاكل، من بينها تفشّي ظاهرة غياب الأمن التعليمي داخل أسوارها وفي محيطها؛ الشيء الذي يخلف قلقا متناميا في أوساط الأطر الإدارية والأساتذة والتلاميذ وأولياء أمورهم على حدّ سواء. ذلك أن العديد من مؤسساتنا التعليمية بمختلف أسلاكها، سواء داخل محيطاتها أو في فضاءاتها الداخلية، تعيش على وقع ظواهر وسلوكات شائنة لا صلة لها بالمجال التربوي، تدعو إلى سيادة مشاعر القلق والخوف؛ إذ تبدي أغلب تدخلات الفاعلين التربويين هذا القلق وتتحدث عن مثل هذه الظواهر السلبية، معبرة عن استيائها لواقع مؤسساتنا التعليمية وما تتعرض له من سرقات وهجوم وبيع خمور وغياب السلامة الطرقية ووقوع حالات عنف بمحيط المدارس والجامعات وحتى داخل أسوارها، وتفشي ترويج المخدرات من طرف غرباء يتجولون بين الفينة والأخرى في محيط المؤسسة ويعتدون على التلاميذ والطلبة والأساتذة، خصوصا أثناء خروجهم بعد انتهاء الحصة المسائية، إضافة إلى عدم انتظام دوريات عناصر الشرطة للسهر على مراقبة محيط المؤسسة التعليمية، وتنظيم وتأمين عملية دخول وخروج التلاميذ في الفترتين الصباحية والمسائية… وغيرها من العوامل التي تعيق أي مجهود يبذل من أجل إعادة الاعتبار للمدرسة والجامعة المغربية ونشر الأمن داخلها وفي محيطها ولعل العوامل المهددة للأمن التعليمي متعددة ومتباينة في خلفياتها وأسبابها؛ حيث تتوزع بين عوامل ذاتية وأخرى موضوعية. ويعد الوقوف على الخلفيات والأسباب الحقيقية المغذية لظاهرة تهديد الأمن التعليمي خطوة كبيرة في أفق بلورة مقاربة فعّالة لمجابهتها. وإذا كان الحد من تصاعد هذه الظاهرة يتطلب اعتماد مقاربة شمولية تتأسس على مختلف المقومات القانونية والعناصر الكفيلة بتوفير الشروط اللازمة لحفظ كرامة الإنسان، فإن اعتماد سبل تربوية تسمح بتحصين شخصية الفرد ضد أي فكر متطرف أو عنيف وتجعله مؤمنا بالحوار والاختلاف والتسامح، هو مدخل حيوي لمواجهة الظاهرة ولعل التنشئة الاجتماعية تلعب دورا مهما في تحصين التلميذ والطالب، حيث تربط الكثير من الدراسات والأبحاث العنف بمختلف مظاهره وأشكاله بالسلوكات التي يكتسبها الفرد داخل محيطه الاجتماعي، كما تشير أيضا إلى مسؤولية الأسباب النفسية والاجتماعية في هذا الشأن. ذلك أن العوامل والظروف الاجتماعية الصعبة تؤدي إلى الشعور بعدم الأمان وعدم الثبات والصراع، وبالتالي تقود إلى السلوك الإجرامي
وقد اهتمت مختلف التشريعات السماوية والوضعية بظاهرة العنف، وحاولت أن تحدّ من تفاقمها وتناميها داخل المجتمعات، لكنها ظلت محدودة الأثر، لأن العنف واصل انتشاره. كما أن الهامش المتاح للقنوات التقليدية المرتبطة بالتنشئة الاجتماعية )الأسرة، المدرسة، المسجد..( للمساهمة في نبذ العنف والحد منه، أصبح يضيق بفعل التحولات الدولية الأخيرة وبروز قنوات أخرى عابرة للحدود، تروج لقيم اجتماعية جديدة ولثقافة معولمة مليئة بالعنف، من خلال وسائل الإعلام والاتصال الحديثة والمتطورة وإذا كانت المقاربة الزجرية والقانونية تفرض نفسها في موضوع الأمن التعليمي، فإن استحضار العناصر التربوية والاجتماعية، التي تعد التنشئة الاجتماعية أحد ركائزها، يعدّ أمرا حيويا، نظرا لارتباطه الوثيق ببناء شخصية الفرد وتربيته على الحوار والاختلاف واحترام حقوق الآخرين؛ وهذا من شأنه أن يحصنه ضد ارتكاب أعمال العنف بكل مظاهره وأشكاله؛ لأن ارتكاب العنف هو في حد ذاته ثورة على القيم الاجتماعية والدينية والقانونية وتعد المدرسة والجامعة أحد أبرز مؤسسات المجتمع المعنية بالأمن التعليمي، حيث يقع على عاتقها مهمة أساسية وفعالة في إعداد وتطوير المناهج والدراسات الخاصة بالنواحي الأمنية، سواء في شقها المادي أو المعنوي؛ بالإضافة إلى إعداد الدراسات والمشاريع البحثية التي تعنى بهذا المجال. في هذا الإطار، يناط بالجامعة مسؤولية إعداد الشباب للاندماج في الحياة العملية، عن طريق تنمية المهارات؛ إذ يعتبر دورها فعال في المحافظة على الأمن الفكري للأجيال التي تمثل ركائز الأمن لأي مجتمع. كما تعتبر المدرسة والجامعة أيضا منارة وطنية أوكل إليها إنجاز مهام التنوير في المجتمع المغربي، وقلعة لبث الفكر الحديث والعقلاني، وفضاء لتلاقح الأفكار ونشر قيم الحوار والتسامح بين مكونات المجتمع، في تدافع سلمي وحضاري بين جميع التوجهات بمختلف مشاربها في هذا الصدد، ومن أجل تحقيق أمن تعليمي فعال، تم إحداث فرق أمنية سنة 2000 ، تقوم بتتبع الوضعية الأمنية للمؤسسات التعليمية مند بداية الدخول المدرسي والجامعي، والتنسيق مع المصالح الأمنية المتخصصة وصياغة تقارير، منتظمة حول الوضعية الأمنية بالمدارس والجامعات، بغرض احتواء الأزمات ودرء المخاطر من طرف رجال الأمن
السياق العام وأهداف الندوة
تفعيلا لقرارات اللجنة المشتركة بين المديرية العامة للأمن الوطني ووزارة الداخلية ووزارة التربية الوطنية والتعليم العالي حول توفير الأمن بالمؤسسات التعليمية. إن خطة وزارة التربية الوطنية تعتمد على مقاربتين من أجل ضمان الأمن التعليمي؛ تتمثل الأولى، في إحداث مراكز جهوية لرصد العنف بالوسط المدرسي، حيث تم إحداث 11 مركزا جهويا للتفاعل مع حالات العنف، سواء قبل حدوثها، من خلال التوعية والتحسيس، أو بعد وقوعها، من خلال الإدماج والمصاحبة والبحث عن سبل التكفّل، مع إحداث مراكز للاستماع وخلايا للإنصات وتتبع حالات العنف والمتضررين منه، وإحداث أندية تربوية، وتنظيم تظاهرات ثقافية وفنية ورياضية للحد من ذلك. فيما تعتمد المقاربة الوزارية الثانية على توقيع اتفاقية إطار، وإصدار دوريات مشتركة مع وزارة الداخلية لضمان الأمن التعليمي وحماية محيط المؤسسة التربوية، حيث تتوصل الوزارة أسبوعيا بتقرير مفصل عن حالات العنف التي يتم رصدها بمحيط المؤسسات التعليمية من طرف الجهات المختصة؛ وكذا تعميم الحراسة بالجامعات ومحيط الأحياء الجامعية وبالثانويات الإعدادية والتأهيلية والعمل على تغطية باقي المؤسسات الابتدائية؛ والتنسيق مع المرصد الوطني لحقوق الطفل في ما يخص الحالات المعروضة عليه، خصوصا تلك التي تتطلب متابعة قضائية
الأهداف الرئيسية للندوة .II
إن الأهداف الرئيسية التي دفعنا إلى التفكير في تنظيم هذه الندوة العلمية الدولية الخاصة بالأمن التعليمي هي
-1 إثارة النقاش حول أهمية فتح حوار مجتمعي من طرف الفاعلين المعنيين بظاهرة الأمن في المؤسسات التعليمية؛
-2 المساهمة في توفير الأجواء الأمنية المناسبة لقيام المدرسة والجامعة بأدوارها الطلائعية في التربية والتكوين؛
-3 القيام بحملات تحسيسية وتفعيل الدوريات الأمنية الكفيلة بضمان سلامة الأساتذة والإداريين والطلبة والتلاميذ؛
-4 اقتراح خطط جادة لتوفير الأمن للمدرسة والجامعة العموميتين؛
-5 التوفيق بين القرارات التي تتخذ على مستوى القمة وإمكانية تنزيلها في الميدان أثناء الممارسة؛
-6 إيجاد مقاربة أمنية شاملة تسمح بالتصدي لكل الظواهر السلبة التي من شأنها المساس بالأمن التعليمي؛
-7 تكثيف الاتصالات وعقد لقاءات بين جميع المعنيين بالأمر، من رؤساء دوائر أمنية، ومديرين إقليميين لوزارة التربية الوطنية، وعمداء الكليات وباشوات وقياد، إضافة إلى إشراك الأساتذة وجمعية الآباء والساكنة بغرض التفكير في استراتيجية عمل لبلورة الأمن التعليمي بطريقة عملية مباشرة؛ في الأخير نأمل أن تدعم هذه الندوة الدولية التواصل والتشاور بين مختلف المتدخلين في موضوع الأمن التعليمي وإعمال النقد الذاتي من أجل ربط الجسور بين مختلف اللجان ذات البرامج التي تعنى بموضوع الأمن في المؤسسات التعليمية، لخلق تواصل حقيقي بين هذه اللجان وبين المؤسسات التعليمية؛ مع التركيز على ضرورة تغليب المقاربة الشمولية لموضوع الأمن التعليمي وعدم تحميل المسؤولية لطرف دون آخر، من خلال الحوار وتبادل التجارب وتناول موضوع الأمن التعليمي بعمق ودقة من طرف مختصين وأكاديميين وخبراء وقضاة وأمنيين، لضمانه وتجويده والرقي به من خلال هذه الندوة، يحاول التضامن الجامعي المغربي وشركاؤه المساهمة في الجهود العلمية العملية الرامية إلى تعزيز الأمن التعليمي ببلادنا وتمكين المؤسسات التربوية من القيام بأدوارها المنوطة بها، في جو من الثقة والطمأنين
المحاور الكبرى للندوة .III
إن السياق العام أعلاه يدفعنا إلى تسطير مجموعة من المحاور التي يمكن التطرق إليها في الندوة:
- مفهوم الأمن التعليمي والإحصائيات والنصوص القانونية الواردة في الموضوع؛
- العوامل المهددة للأمن التعليمي؛
- المقاربات القانونية والبيداغوجية والتشاركية وتأثيرها على المسألة الأمنية في المؤسسات التعليمية؛
- إشكالية العنف وطرق التعامل معه لضمان الأمن التعليمي؛
- تهديد الهدر المدرسي وغياب الأنشطة الموازية والرياضة المدرسية للأمن التعليمي؛
- علاقة محيط المؤسسة التربوية بالأمن التعليمي )التحرش بالتلميذات، بيع المخدرات بالقرب من المؤسسة، تواجد بعض المؤسسات التعليمية بمناطق نائية يجعلها عرضة للمنحرفين ..(؛
- المقاربات الأمنية ومدى نجاعتها في ضمان الأمن التعليمي.
محمد بوكلاح أستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية و التكوين لجهة الشرق (منقول)
1 Comment
عندما قرات العنوان تبادر الى ذهني ان موضوع الندوة سيتناول بالدرس مسالة الامن التعليمي على غرار ما نتحدث عنه في مجال الامن الغذائي او الامن الروحي … الخ من انواع الامن في مواجهة تحديات عولمة جارفة لا تعترف بالخصوصيات والهويات الا عندما يتعلق الامر بدول القرار العظمى .اعتقدت ان المنظمين انتبهوا اخيرا الى ضرورة حماية برامجنا ومناهجنا التعليمية من كل تاثير سلبي على قيمنا بالخصوص .. لكن عندما وجدت ان موضوع الندوة التي اريد لها ان تكون دولية – ولست ادري لماذا — يتناول موضوع الامن داخل المؤسسات التربوية وفي محيطها –وهي فعلا ظاهرة اصبحت فعلا متفشية – تبادر الى ذهني التساؤل التالي .. الذي هو – هل يمكن تجزيء الامن الى امن تعليمي وامن سوقي وامن دور السينما وامن الملاعب الرياضية وامن المصطافات والشواطيء ..؟ اعتقد ان ظاهرة انعدام الامن مسالة غير قابلة للتجزيء والشعور بعدم استتباب الامن لا يرتبط فقط بمحيط المؤسسات التربوية رغم خصوصيتها باعتبار الشريحة المجتمعية التي ترتادها رغم ان الجامعات لا تضم قاصرين … خلاصة القول ان الموضوع مستهلك .لان الامن في المؤسسات التعليمية وبمحيطها نقطة سنوية في جدول اعمال اجتماعات متعددةتعقد بين رؤساء المؤسسات التربوية وجميع المتدخلين الامنيين وجمعيات الاباء واعتقد انه لولا هذه الاجتماعات لكان العنف مضاعفا في هذه الاماكن …. حبذا لو كان مفهوم الامن التعليمي الذي ارادت الندوة بسطه يتلق بالبحث في الحصانات الممكنة لحماية شبابنا ومستقبل امتنا من التشويش المناهيجي والقيمي الذي يتعرض له بطرق مبيتة وممنهجة احيانا من اجل استئصاله من جذوره وذاكرته ..مع كامل الاحترام للمنظمين والشكر لهم على المجهودات المبذولة