جارة الوادي: زوزفانة العالقة بين المغرب والجزائر
رمضان مصباح الإدريسي
الصرخة الهوية:
استهلت صارخة،كما يقول الفقهاء،حينما يريدون إثبات حقوق شرعية للمولود الحي.
ورغم أن مخاض الأم السورية المهاجرة،ألَمَّ بين دولتين عربيتين إسلاميتين ،سنيتين ومالكيتين؛ فان المولودة زوزفانة – كما سماها نشطاء ،من شباب فكيك – لم تُمتع بأي حق من حقوقها،الشرعية،الإنسانية،القومية؛وما شئتم من تصنيفات..
صرخة ارتقت إلى هوية ،إذ هي كل ما ثبت لها ،في غياب شهادة رسمية للميلاد ،تنسبها للمغرب أو للجزائر؛أما الوطن الأصلي فقد أصبح بابا لجهنم.
روعها الصراخ في سوريا،جنينا في غيابات الرَّحِم ،وطاردها عبر الخريطة العربية الصارخة بدورها،في هذا الزمن البئيس ،لتصل إلى جزائر لم تكفكف بعد كل دموعها .جزائر تتلذذ بصناعة العاهات المغاربية،وإنتاج الزمن الضائع.
طوردت الأم ،مع عشرات من بني قومها،عبر مجاهل البيداء القاسية؛مابين بشار وفكيك ؛ورغم هذا أصرت زوزفانة على الحياة ،وضمنت صرختها البيولوجية المعتادة،صرخة احتجاج ورفض، ألقتها في وجه الاستبداد العربي،القومية الكاذبة،الإرهاب الديني،والتنكر الجزائري الرسمي لحقوق المهاجرين؛ما عدا من تشغلهم في أوراش الوهم لإنتاج دول جديدة.
وألقتها أيضا في وجه البيروقراطية المغربية ؛التي لم تميز بين جماعة تخترق الحدود ،بطريقة غير قانونية – ومن هنا ضرورة محاصرتها،حيث بُلِّغت- وحالة إنسانية تستدعي معاملة خاصة.
لم تُقدر الجزائرُ ،وهي تُغِير على المغرب بعشرات من المهاجرين- كعادتها – وضعية امرأة حامل على وشك الوضع؛ولم يُغِث المغرب الحامل وهي في مخاض الولادة،في الخلاء.
لا تَمْرَ ،هذه الأيام،في نخيل وادي زوزفانة حتى تهز « مريم العذراء » ،إليها ،بجذع النخل فيساقط رطبا جنيا. حتى زمن المعجزات ولى..
زوزفانة المكان:
إذا كانت مصالح وزارة الصحة بفكيك ، قد وقفت عاجزة أمام ضرورة إنسانية ملحة،لا يمكن أن يحول دونها قانون – بل في قوانيننا الوطنية ،والقوانين الدولية،ما يلزم بتقديم العون في حالات الخطر – وإذا كانت الإدارة الترابية المحلية لم ترق إلى التمييز بين حالة إنسانية مستعجلة،ووضعية جماعات اخترقت الحدود بطريقة غير قانونية؛ فان بعض النشطاء من شباب فكيك ،كانوا في مستوى الحدث ؛ولو رمزيا فقط ،حينما أطلقوا على المولودة السورية اسم « زوزفانة ».
لم تعد هوية المولودة هي صرختها فقط،بل تعززت بالمكان،حيث ولدت.
وما أشبه وضع المولودة زوزفانة ،بوضع شطر كبير من نخيل الوادي ،الذي حازته الجزائر استبدادا وظلما ؛ضدا على معاهدة للا مغنية التي ترسم قمم الجبال حدودا، وليس الوادي. لا هي تركته لمُلاكه يتعهدونه ويتعهدهم ،كما كان يحصل حتى في زمن الاستعمار؛ولاهي تستغله ،على الأقل ليظل حيا يانعا.
لقد أكد لي العديد من أهل فكيك أن اليَبَسَ فشا في عشرات البساتين ،ولم تعد ترتادها غير الخنازير والثعالب ،والحُمُر المتمردة على أصحابها .
في هذه الجغرافية المسلوبة صرخت زوزفانة السورية؛وكيف لا تستهل صارخة ،في خرائط البؤس العربي ،وحتى البؤس الإفريقي الذي فرح أيما فرح بالحدود الموروثة عن الاستعمار. بئس الوارث والمورِّث والموروث.
هل تنفع مداراة الخجل؟
أيتها القادمة من بؤس جنرالات البعث، و أمراء الإرهاب، إلى جزائر العسكر،التي لم تعرف بعد ماذا تريد؟ وكيف تبني مستقبل أبنائها قبل جيرانها ؟
أيتها القادمة إلى مكان ما بالوادي المغربي المسلوب ،عالق بين صرامة القوانين الوطنية والدولية ؛وحيرة ساكنة فكيك ،التي لم يسمح لها بِقِرى الضيف ،وإغاثة النفساء؛ لا يسعني إلا أن أعبرلك عن حزني الكبير،وخجلي منك ،ومما نعيشه من أوضاع عربية ومغاربية، تزري بنا جميعا ،يوما بعد يوم.
لا خير في دساتيرنا وحكوماتنا ،وقممنا العربية،والإسلامية، والمغاربية والإفريقية؛إذا كنا لا نغيث أُمّا مهاجرة في حالة وضع ، في الخلاء بين دولتين ؛وكأنها من الماعز أو بنات آوى..
لا خير فينا أن تولد زوزفانة في ربوعنا، ولا نعرف كيف نفرح بها ،وكيف نظهرها للعالم ،عساه يهب لنجدة الشعب السوري المشرد.
ولا نعرف حتى كيف نفضح بها دولة تدعي مناصرة الشعوب،في حين أنها تطارد الأجنة في الأرحام.
Sidizekri.blogvie.com
Aucun commentaire