ميلاد الريع الامازيغي
رمضان مصباح الادريسي
مرة اخرى يعاين المواطنون المغاربة ؛ وهم قائمون بين الامم، بهذه الهوية والصفة،تاريخيا،جغرافيا،ثقافيا،واخيرا دستوريا- نقولها باللسان العربي الفصيح،وب”الس” الامازيغي البليغ،وبالسنة الحيوان والطير- (يعاينون) ميلاد الريع الامازيغي؛كما عاينوا ،من خلال اصرار الممزغين على حرف “تفناغ”,ميلاد الامية الامازيغية،كما فصلت في موضوع سابق بهذا العنوان ،اعتبره الكثيرون لحظة مفصلية في هذا العراك اللغوي الذي فرض على الوطن فرضا.
وعلى غرار تنبيهي ،سابقا، الى كون الدين بالنسبة لحزب العدالة والتنمية ريعا حازه حينما اضطرت امارة المؤمنين الى موازنة سيطرة اليسار على الجامعة المغربية ،في مستهل سبعينيات القرن الماضي .وهو ريع رفع هذا الحزب،اعتبارا لتدين المغاربة ،الى المنزلة بين المنزلتين:منزلة الاحزاب من جهة ومنزلة المؤسسة الملكية من جهة اخرى. ونحن نعاين حاليا مخرجات هذا المركب الوعر:مركب الريع الديني(وهو مسموم،كلحم العلماء)ومركب التماس،حد التماهي مع المؤسسة الملكية.
على غرار تنبيهي هذا ،وقد صدقتني فيه الاحداث، انبه اليوم من اسميهم دائما بغلاة الحركات الامازيغية _ اعتبارا لوجود ناشطين مخلصين لوحدة الوطن ،ومعتدلين- الى انهم ،وهم في مساعيهم الملحاحة الى الاستفراد ،ادعاء ا واستقواء فقط،بريع امازيغي مسموم بدوره.
انهم بهذا كراكب الاسد ،الذي يزهو بمركبه،لكنه لا يامن ان يعلوه مركبه الملكي،بالناب والمخلب:
ومن يجعل الضرغام بازا لصيده***تصيده الضرغام قبل ان يتصيدا
اي ريع هذا؟
لا يخفى على المتتبع ان بعض الحركات الامازيغية اصبحت تعنون الفساد في الادارة،وكذا الاهمال والاهانة اليومية للشرائح الفقيرة والامية،من المواطنين،بعناوين عرقية محبوكة حبكا احترافيا؛لتوهم الداخل والخارج بان الامر يتعلق بفساد مفصل على مقاس المواطنين امازيغيي اللسان فقط؛وكان اجساد غيرهم من ضعفاء هذا الوطن مكسوة بالديباج والحرير.
هذا التحيز العرقي في الاستفراد بالماسي اليومية للمواطنين،مع الادارة ،اعتبره توجها ريعيا يشاكه به الغلاة اشتغال الريع الديني سياسيا،كما اسلفت؛رغم ان اقلامهم_ او صدورهم العظمى _ ما فتئت تزعم مواجهة التطرف والانتهازية والاستبداد!
ويذكرني هذا باساليب الحركة الصهيونية العالمية،حينما انخرطت في صناعة المظلومية،وصولا الى التنكيل بالجاليات اليهودية،لايهامها بان ملاذها الامن هو اسرائيل فقط،وقد جربنا هنا في المغرب بعضا من هذه الاساليب التي روعت اليهود الامنين .
طبعا استحضر كل الفوارق،واعترف ،وانا ابن المغرب القروي ،والجبلي الموغل في الفقر،ان هناك مظالم يومية تنهد لها رواسي الجبال،لكن عناوينها ليست عرقية امازيغية،اطلاقا. واقوى ادلتي ما يفعله الامازيغ الاداريون،انفسهم، بامازيغ مثلهم.
من كفن الطفلة ايديا؟
اكيد انه سؤال يجب ان يتاخر عن سؤال الاهمال الصحي للمواطن،عموما وليس الامازيغي فقط؛ومن المؤكد ايضا ان الالم لهذا الفقد،كاي فقد في ظروف مشابهة،الم وطني عام ،يجب ان يترجم الى نضال ديموقراطي،حتى يجتث دابر الفساد طرا،من ربوعنا كلها؛لكن حينما نختار كفنا بالوان ناطقة،في اتجاه احتكار الماساة ،والمتاجرة بها في بورصة السياسة،فهذا ما يجعلنا ننظر الى الامر ،هنا وفي حالات اخرى مشابهة، من زوايا اخرى.
ربما لو بحثنا في سلسلة رواة الاهمال الذي قتل المرحومة ايديا ،لوجدنا كثيرا من الامازيغ،وعلى راسهم الوزير الوردي،الريفي الزناتي اللسان..
“مالكم كيف تحكمون”؟ هاانتم تدفعون بمسالة ثقافية لغوية،حسمها الدستور،وتسير بها القوانين في الوجهة الصحيحة تدريجيا، صوب مازق خطير ،لا تقدرون خطورته،والا ما اقدتم عليه .
اتحت كل ماساة انسانية اجتماعية يجب ان نبحث عن عناوين امازيغية نتاجر بها؟
الا يكفي ما بالوطن من تشتت حزبي عبثي ،واستغلال ديني فضيع،وشكاة صادرة حتى من اعلى السلط،حتى تزيدونا فرقة وتشظيا؟
حينما نلون ماسي المواطنين -وهي بلون واحد للجميع-نعطل نشاط الاحزاب ،التي نريد لها التقويم والفعالية،لان عناوينكم انتهازية واختزالية؛وكان ما يقع لا يتسع حجمه ،ويرقى الى الهم الوطني،الا اذا كان حمالا لالوانكم.
توهمنا ،في حالة الطفلة ايديا،اننا نصلي صلاة الجنازة على ميتة،وفق الشرط الديني الجاري به العمل،فاذا بنا نكتشف ان صلاتنا ليست للمرحومة فقط؛بل لالوان لا مكان لها في قدسية اللحظة الوطنية المؤلمة.
ولا اذكر الحالات الوطنية التي لا تتحرك فيها رايتكم ،حتى لا اسقط في منهجيتكم ،وفي ما استدركه عليكم ،وانتم بصدد التاسيس لريع لا تستحضرون مخاطره.
حالة تلبس صارخة:
اطلعت على كثير من الكتابات ،والنوازل الفيسبوكية،التي استبشرت بمخالطة اللون المختار ،صناعة،للامازيغية،لالوان الحكومة.لون رديف للونها الديني الذي غدا باهتا ،اعتبارا لعوامل النحت والتعرية المعروفة.
بل اختار رئيس الحكومة ان يكون امازغيا ،معلنا، في بعض تصريحاته.وانكبت الاقلام الامازيغية على تعداد ووصف الدواوير والمداشير ،مساقط رؤوس الوزراء.
لا عيب في هذا الفرح القبلي المتخلف،لولا الغلو في انطاق هذه الحكومة بما يشتهي الغلاة،خارج مقتضيات الدستور وما تفرع عنه من قوانين.هل من المعقول ان نضم الحكومة بقضها وقضيضها الى اشتغالات الريع الجديد؟
اين منافحة الصدور العظمى الامازيغية عن الديموقراطية،والحقوق المدنية،ومطالب الاقليات؟ ايكفي ان تتضمن الحكومة وزراء امازيغيي اللسان ،بعد عربيته الراسخة طبعا ،حتى يحضر الاستقواء المتوحش،وكان الحكومات التي تعاقبت منذ الستقلا ل لم تعرف حضورا لذوي الاصول الامازيغية؟
ولكن من يسعى لبناء نضاله على الريع ،يرى كل نوازل الوطن ريعا حيز له ،او قل عيون عسل طابت لاهلها فقط.
مرة اخرى احذر ،كما حذرت بعض السياسيين الذين يعضون اليوم على التراب بالنواجذ،من الريع المسموم؛ومن ركوب الاسد ،لان الصيد على القدمين اسلم ،وان ابطا.
لا متاجرة بماسي المواطنين ،حيثما وجدوا ،وباي لسان تكلموا.
لا عبث باستقرار الدولة وامنها ؛من اراد سكن الخيمة فهي له ،لكن الوطن لا يسمح له بهدم العمارة.
sidizekri.blogvie.com
Aucun commentaire