مجتمع بلا مدرسة
مجتمع بلا مدرسة هو مؤلف تربوي للكاتب النمساوي (ايفان ايلتش ivan illichولد سنة 1926 بفيينا بالنمسا ) .ضمن فيه أفكاره حول سلبيات المدرسة الرسمية التي تشرف عليها الدولة الرأسمالية.وفي نظره أن المدرسة الحقيقية هي مدرسة الحياة التي تعلم الطفل الكلام و العب و الاعتماد على النفس و مقومات الحياة الاجتماعية…الخ.
مجتمع بلا مدرسة أو مدرسة بدون مجتمع، هو شعار الحكومات المتعاقبة المغربية منذ التقويم الهيكلي للاقتصاد، لكن بفلسفة وعقلية متخلفة و أهداف طبقية تختلف جذريا عن ما نادى به الباحث النمساوي (ايفان ايليتش). و لكي أوضح فالحكومة برئيسها تدعو الآن، إلى مدرسة بدون الفئات الدنيا من المجتمع.بحيث تغدو المدرسة صعبة المنال لكثير من أبناء المغاربة فهم من يدفع تكاليفها منذ الآن . ولعل هذا الحديث عن إلغاء مجانية التعليم كان يدور في المحافل الثقافية منذ التفكير في صياغة ميثاق جديد للتربية و التكوين. ولعل المرحوم الدكتور محمد جسوس الباحث الاجتماعي المرموق ،و الذي استدعي إلى المشاركة في لجنة صياغة الميثاق و أهدافه، وصرح في حواراته أنه لم يستسغ فكرة ضرب مجانية التعليم، و التي كانت واحدة من توصيات صندوق النقد الدولي، منذ حالة التقشف التي مر منها المغرب في الثمانينات من القرن الماضي، و التي كان من سماتها و وصفاتها اعتماد سياسة تعليمية تخريبية تسمح للتلميذ بالنجاح بمعدل هزيل حتى يترك المكان لغيره : ( سياسة دعه يمر دعه ينجح) و لو بمعدل لا يعتبر.ولعل هذه هي الضربة القاصمة و السبب الرئيسي لتدني مستوى التلاميذ وكان من نتائجه صعود كثير من التلاميذ إلى المرحلة الإعدادية بعجز بنيوي وبدون مؤهلات في القراءة و الكتابة و التعبير و الحساب.فالمدرسة تمنح النجاح لمن يستحق ومن لا يستحق( بمعدل هزيل).
ما يقرر الآن ليس إلا ما كان مسطرا بالأمس. و الحكومة الحالية لم تطبق إلا ما كان يجب فعله منذ عشرات السنين أي منذ الثمانينات من القرن الماضي.و ربما كانت بعض الجهات تنتظر و تراهن على عامل الزمن من اجل تطبيق هذه التوصيات، وتنتظر الظروف المناسبة وتقبل المجتمع للفكرة من أجل إنزالها.فلا عجب إذن أن نقرأ من جريدة الأخبار المغربية هذا الخبر: »حيث صادق المجلس الأعلى للتربية و التكوين و البحث العلمي هذا الأسبوع على رأي يعطي فيه الضوء الأخضر للشروع في إلغاء مجانية التعليم في السلكين العالي و الثانوي مع استثناء الفئات الاجتماعية الفقيرة…إن الأمر يتعلق برأي المجلس الذي صدر بناء على طلب من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ،بعد انتهاء اللجنة المكلفة بإعداد مشروع القانون الإطار للرؤية الإستراتيجية لإصلاح منظومة التربية و التكوين من عملها »..
و لا شك أن هذه الإستراتيجية ترتبط أيضا بما صرح به مرارا رئيس الحكومة خلال الولاية السابقة عن عزم حكومته عن التخلي عن التعليم لكلفته الباهظة، وتخليه عن توظيف أبناء المغاربة. ونصح أبناء المغاربة بالتوجه إلى الأعمال الحرة بإنشاء مقاولات التي تدر عليهم الربح و على الدولة بالضرائب(تطبيقا للمبدأ :رابح رابح) .
و من نتائج هذه التطبيقات الحرفية لتعاليم البنوك العالمية المقرضة استقر رأي وزارة التربية الوطنية على مشروع العمل بالتعاقد(تعاقد محدود في الزمن) للعمل في المدارس المغربية التي تعاني من خصاص مهول في الأطر التعليمية دون التزام الوزارة و الحكومة بإدماج هؤلاء في سلمك الوظيفة العمومية باعتبارها المنفذ الوحيد للفئات الفقيرة و المتوسطة.كذالك صرح وزير التعليم العالي و البحث العلمي للمغاربة :من أراد أن يعلم ابنه عليه بدفع الثمن(و بلغته المغربية : اللي بغا يقري ولده يمد يده لجيبه).وهذه أيضا تعتبر دعوة صريحة لما سيطبخ غدا من قرارات ،لا تنتظر إلا الموافقة الملكية على ترسيم الحكومة الجديدة على مقاعدها وكراسيها…
طبعا ليس التعليم إلا واحدا من القطاعات التي تسعى الحكومة إلى التنصل منه ،بل هناك قطاع الصحة و التشغيل و الخدمات، و كل ما يرتبط بخدمة المواطن. مع العلم أن القطاعات الاجتماعية المرتبطة بالمواطن تعتبر من الأدوار الرئيسية للدولة الحديثة و بدونها ما هي قيمة المواطن في دولته؟ هل هو مجدد رقم في الانتخابات فقط؟.
إن الفقراء المستثنون من دفع تكاليف تعليمهم ما هو إلا تمويه على الحقيقة التي يعرفها القاصي و الداني.فنسبة المغاربة الذين يعيشون تحت سقف الفقر تعدى 8ملايين،ومنهم نسبة معتبرة من تعيش على القمامة ومشردون في العراء، وهؤلاء لا يقدرون على التعليم المجاني في حالته الراهنة ،نظرا لكلفة المحفظة و ما تحتويه من أدوات ودفاتر وتكاليف التسجيل الإجبارية التي لا تستثني أحدا .يضاف إلى ذلك سكان القرى الذين يعيشون في ظروف عيش مزرية، وأبناؤهم يدرسون في مدارس لا تتوفر على شروط التعليم (غياب النوافذ و المراحيض و السياج و الساحة و المطعم المدرسي ، وخصاص في المدرسين،و الذين يوجدون يعملون في شروط تعليمية وعيش متدنية)…و الفقراء أيضا لا يستطيعون دفع تكاليف التعليم و تكاليف دروس الدعم الإضافية المؤدى عنها في كثير من المواد والتي يفرضها بعض المدرسين عنوة كضريبة للحصول على النقطة.و كذلك الفئات المتوسطة من الموظفين العموميين، لا تقدر على دفع مصاريف التعليم لأبنائهم(3 أو 4 أو أكثر من ذلك) ومصاريف حصص الدعم الخارجي و التي تعتبر ضرورية لكثير من التلاميذ لأجل استكمال النقص في الحصص الرسمية في المواد الأساسية و النقص في التمارين التطبيقية و المعارف. دروس الدعم الخصوصية أصبحت تلتهم ميزانية كبيرة للآسرة ، خاصة أمام الجشع الكبير الذي يبديه كثير من المدرسين الذين يطالبون بمبالغ تصاعدية مرهقة و لا تطاق، لأنهم بكل بساطة يدرسون مواد مهمة في الامتحان… ولكن الآباء المترفين يجدون هذا الأمر(غلاء أسعار الدعم الخارجي :ساعات خصوصية لفرد واحد أو في مجموعة صغيرة من أبناء الأثرياء) مقبولا ومرحب به وفي صالح أبنائهم، لأنه يقطع الطريق أمام أبناء الفئات المتوسطة و الفقيرة للحصول على مكان في المعاهد العليا ذات الاستقطاب المحدود وهي معاهد متميزة أو الدراسة خارج الوطن .
إن لجوء الحكومة إلى قرار رفع مجانية التعليم، لا تعني شيئا إلا أن الأمور لا تسير بخير، فالديون الخارجية و الداخلية تستحوذ –من خلال تأكيد خبراء اقتصاديين مغاربة – على 82.5% من مداخيل الدولة.ونسبة الديون بلغت حدا لا يطاق،زيادة على النهب المستمر للمال العام و إهداره وتبذيره في كماليات عبثية من طرف بعض العناصر المدمرة و الخالية من أي حس وطني. ولهذا ينتظر بعض الدارسين للواقع الاقتصادي الحالي مزيدا من التأزم لحالة المغاربة نتيجة تخلي كل حكومة سابقة أو لاحقة عن المواطنين المغلوبين على امرهم .فالحكومة ليس لها خيار آخر إلا المزيد من الاستدانة لتأدية فوائد الديون و فرض ضرائب أخرى على المواطنين في أسعار المواد المستهلكة .وهذا يؤدي إلى مزيد من الصعوبات ونزول فئات عريضة متوسطة إلى قائمة الفقراء و إلى من الاحتقان الشعبي
1 Comment
ويقول لينين » l école doit d une part donner à chacun les connaissances et les apptitudes personnelles qui lui permettront de jouer son rôle social et d autre part démocratiser la société en offrant aux classes pauvres une chance d avancement grâce aux savoirs et aux diplômes. » ليت لينين يبعث يوما و أخبره بما فعل السفهاء في مدرستي الحلوة مدرستي الحيييلوة فيها تعلمنا و فيها تربينا.