الطيور على أشكالها تقع
الطيور على أشكالها تقع ،مثل يقترب من القول المأثور (قل لي من تصادق أقول لك من أنت) ،وقد يقترب من المثل العربي (وافق شن طبقة) . للدلالة على أن التشابه في الأفكار و السلوك و المعتقدات الاجتماعية و الدينية و الطبائع يعطي فرصة كاملة و حياة أطول للتعايش للناس الذين يحملون صفات مشتركة.و لهذا درس علماء الاجتماع الفرص الممكنة لزواج ناجح،فهم دائما يبحثون عن النقط المشتركة التي يجب أن تشكل نسبة مئوية كبيرة (فالضدان لا يجتمعان كما يقول أهل المنطق:الجهل و العلم ،الغضب و الحلم الخ…).
نعيش الآن على المستوى الوطني مخاضا سياسيا كبيرا. وأمناء الأحزاب السياسية يقدمون تصريحات عن الانتخابات المستقبلية و نتائجها وآفاق تكوين حكومة مستقبلية.بدون نسيان للتهم و الشتائم بدرجة حادة تارة و بدرجة اقل حدة في بعض الأحيان بين أحزاب بعينها.
و نستنتج من هذا الصراع أن ما يغلب عليه هو المناوشات بين أحزاب كبيرة وصغيرة :حزب الأصالة و المعاصرة و حزب العدالة و التنمية الاتحاد الاشتراكي حزب الاستقلال التجمع الوطني للأحرار واتحاد اليسار الخ… بينما الأحزاب الصغيرة و التقليدية الأخرى تنتظر متى و أين كيف تتموقع مع أي حزب سيكون له أغلبية نسبية ،سواء قبيل الانتخابات لشهر أكتوبر،أو بعده .
هل ستكون تكتلات حزبية لا يجمع بينها الا الهدف في الحصول على حقيبة وزارية لتكوين حكومة ائتلافية لها الأغلبية المطلقة في مجلس النواب.وتغض النظر عن وجود المشترك و نقاط التشابه بينها في البرامج والمبادئ و الإيديولوجيات والأولويات و الثانويات،كما حدث للحكومة الحالية التي جمعت مكوناتها من حزب شيوعي اشتراكي يساري و حزب ديني يميني رأسمالي،وأحزاب إدارية ليبرالية ليس لها برنامج إلا الحصول على المناصب.
أم هل ستكون تكتلات حزبية يجمعها وحدة المنهج والتاريخ و البرنامج و الأهداف و الرؤيا المستقبلية و المشاريع القابلة للانجاز؟
لكن بعيدا عن هذه الملاحظات و الاستفسارات و التساؤلات،هل استطاعت الأحزاب التي تناوبت على تشكيل الحكومات السابقة منذ الاستقلال، والحالية إلى الآن أن التزمت بتنفيذ برنامجها السياسي و الاقتصادي الحقيقي؟
أليس البرنامج السياسي و الاقتصادي ليس إلا عبارة عن فرقعات انتخابية فقط، الغرض منها الوصول إلى سدة الحكومة؟.
قد سمعنا قول أحد الصحافيين المخضرمين ،الذين لهم مكانتهم في التحليلات السياسية( السيد خالد الجامعي) الذي صرح مرارا و تكرارا أن « بنكيران وصل إلى الحكومة و لم يصل إلى الحكم ». وهذا استنتاج يتفق عليه مجموعة من الملاحظين و المحللين السياسيين ،كما ينطبق على الحكومات السابقة (أي تصل غالى الحكومة و لا تصل إلى الحكم).
والسيد رئيس الحكومة الحالية السيد بنكيران كان يردد دائما في خرجاته ،أنه مساعد لجلالة الملك. أي apprentis أو متعلم بلغة الشعب، و الصناعيين في حرف الصناعة التقليدية التي كانت تفصل بين (المعلم) و (المتعلم)…
وفي الآونة الأخيرة ردد السيد رئيس الحكومة ، بفخر و اعتزاز ،كلام سيدة مغربية عندما لخصت المشهد السياسي بقولها الشعبي الذي لا يخلو من حكمة (الملك كيحكم و بنكيران كيخدم).
فهل تستطيع الأحزاب السياسية على مختلف مناهجها و توجهاتها ومبادئها السياسية و برامجها و إيديولوجيتها(من اليمين المتطرف إلى الوسط إلى اليسار المتطرف) أن تطبق حرفيا برنامجها السياسي بعيدا عن أية ضغوطات من أي جهة ظاهرة أو مستترة؟
أم أن ذلك البرنامج سيلقى إلى سلة المهملات و مزبلة التاريخ كما يقال – لأنه برنامج حملة انتخابية ليس إلا – بمجرد حصول أحزاب على التزكية الانتخابية، و تعيين الوزراء في المناصب؟
و إذا حدث ذلك –السيناريو الأخير – فان تكوين الحكومة سيجمع أناسا لهم غرض في المناصب و المكاسب و الامتيازات الآنية و الآتية تطبيقا للقول: الطيور على أشكالها تقع. فما يجمع وزراء الحكومة في هذه الحالات لن يبتعد عن البحث عن الغنائم و المصالح الشخصية والمبالغة في طلب الامتيازات. فالأحزاب السياسية المشاركة في اللعبة السياسية(الانتخابات)، تعرف قوانين اللعب في الملعب السياسي وشروطه و التزاماته ومخاطره، فمن التفاهة أنهم سيتحدثون أو سيبررون فشلهم بإلصاقه بوجود قوى مقاومة وعن تماسيح و عفاريت و ساحرات وطلاسم وكلام شعوذة وعن حكومة الظل و الليل، وتحت السراب و فوق السحاب ، وعن جهات نافذة وهلم من التبريرات الفارغة…
و لكن مهما قيل ،سيبقى للسياسة دائما ذلك التعريف »أنها فن الممكن « و لا مكان فيها للمستحيل .فلا صداقة دائمة و لا عداوة دائمة.والنموذج أمامنا الآن: حزب الاستقلال وحزب العدالة و التنمية(أصدقاء تحولوا إلى أعداء) ،وحزب العدالة و التنمية وحزب التجمع للأحرار(أعداء الأمس تحولوا إلى أصدقاء اليوم)…و ليس مستحيلا أن يجتمع أعداء اليوم :أي حزب العدالة و التنمية و حزب الأصالة و المعاصرة في حكومة واحدة رغم هذا العويل و الصراخ و القيل و القال بينهما…فهي جعجعات بلا طحين…
انتاج :صايم نورالدين
Aucun commentaire