أية ديمقراطية… ؟
تطالب الأحزاب المغربية بديمقراطية أكثر ،شبيه بتلك الموجودة في بلاد السويس،أو بلدان اسكندنافية أو ألمانيا الاتحادية أو انجلترا …أو فرنسا التي كنا إحدى مستعمراتها. وما يترتب عنها من ممارسات.ولكن السؤال الذي نطرحه كمواطنين…
وللعلم فقط أن الديمقراطية تتطلب شعبا متعلما بل مثقفا يعرف حقوقه بل و واجباته أيضا شغوفا بالقراءة و الاطلاع. ولا تصلح في شعب نسبة الأمية فيه هائلة بل مرعبة بالمقاييس الحديثة :أكثر من نصف الشعب لا يعرف لا القراءة و لا الكتابة و لا الحساب،و نسبة كبيرة من الباقي هم أشباه أميين انقطعوا عن التعلم و الاطلاع و القراءة و الكتابة منذ أن تخرجوا من المدارس.رغم أن 60 سنة مضت منذ الاستقلال إلى يومنا هذا.فهل لنا أن نفتخر بهذه الوضعية،أم علينا أن ننكس الأعلام حزنا على مآلنا؟
فهل تعلم أن نسبة كبيرة من المتعلمين يصلون إلى الأقسام الإعدادية لا يعرفون القراءة بدون تلثم و لا أخطاء ،و بدون تقطيع الكلمة؟،و لا يعرفون القيام بالعمليات الحسابية البسيطة إلا إذا استعانوا بالآلة الحاسبة،أما الكتابة الإنشائية و التعبير الشخصي فحدث بدون حرج؟
هل تطالب الأحزاب بالديمقراطية و ليس هناك من هم لرؤسائها وأمنائها العامين إلا الوصول إلى المناصب الوزارية؟ و المكاسب المادية؟،و لا شيء يتغير أثناء مزاولة هؤلاء للشأن العام، فحياة المواطنين و من حيث تحسين ظروف العيش و ظروف التعلم و ظروف العمل لم يطرأ عليها تغيير بسيط أو ملموس أوجذري؟.
هل تطالب الأحزاب بالديمقراطية و أغلب البرلمانيين ليس لهم الحس الوطني عندما يستهزئون بإرادة المواطنين فيتغيبون عن الجلسات ، و يملأون الجلسات بالخطب الفارغة التي فيها أصوات و جعجعات و ليس فيها طحين…أو تمسكهم كاميرات الصحفيين وهم في نوم عميق؟
برلمانيون ونسبة مهمة منهم، لا يعرفون أدبيات القراءة و كأنهم من مستوى أولى ابتدائي، و البعض منهم يطرح أسئلة تافهة تجلب الضحك للباقي من الحضور.
هل نطالب بالديمقراطية و القانون هنا في بلادي من يدوسه بقدميه، و هناك من يتحدى القانون و لا يعطي وزنا لمؤسسات الدولة التي يجب أن تحترم ؟
الديمقراطية قبل أن تكون نظاما للحكم أو نظاما سياسيا يبنى على تعددية منطقية في الأحزاب و ليس تعددية بهلوانية(لكل من هب ودب يصنع حزبا)،أن يكون لها وجود في المجتمع و المدرسة و الأسرة.أي يجب أن نمر على تربية أخلاقية و نظام أخلاقي نتعلم – من خلاله -كيف يكون للآخرين حق في الوجود، و حقا في الاختلاف الفكري، و حق في الاختلاف في العقيدة السياسية(أي الحق في وجود معارضة حقيقية و ليس معارضة كرنفالية للاستعراض فقط).
يجب أن نعلنا جهلنا بأدبيات الديمقراطية و عليه ،علينا أن نتعلم و ليس في ذلك خجل ،ونستفيد مما ينتجه الفكر الغربي الذي منه نستقي أنظمتنا في الاقتصاد و التربية و السياسة و المعرفة و العلوم و المناهج الفكرية.فلقد تكلموا في مناهجهم التربوية الاجتماعية و السياسية عن: le savoir parler///le savoir écouter// le savoir communiquer // le savoir faire/.
هذه المؤهلات أو الكفايات : compétences ـ أو نعطيها اسما كما اتفق،أنها أبجديات الديمقراطية. هي مؤهلات أخلاقية اجتماعية شخصية وجدانية و عقلية يجب أن يتدرب عليها الشخص أو الأشخاص في ما بينهم….إنها مؤهلات يجب أن ندمجها في منظومتنا التربوية و الأسرية و الاجتماعية والإدارية و القضائية و الصحية .إنها تفرض علينا التعامل معها على المراتب و المراحل:
– أن نقرأها
– أن نفهم مضمونها التربوي و الأخلاقي و السلوك التعليمي
– أن نقتنع بها ونتعلم إدماجها في معارفنا كمعتقد.
– أن نتدرب عليها لتكون جزءا من منظومتنا الأخلاقية و السلوكية وفي مختلف تعاملاتنا.
كيف نطالب بديمقراطية،و لا توجد ديمقراطية في الأحزاب نفسها التي تنادي بها؟
زعيم بلا زعامة حقيقية، يعين في منصب أمين عام لحزب دون فتح المجال لآخرين آن يعبروا عن طموحهم في هذا المنصب؟فلا يمكن لحزب موجود في خريطة المغرب من شمالها إلى جنوبها و من شرقها إلى غربها،أن لا يوجد به شخص آخر يعبر عن طموحه أن يرشح نفسه للرئاسة؟أو أن لا يكون للشخص المعين أي منافس.
و أحزاب لا تجدد قوانينها منذ تأسيسها، وكأن القوانين الوضعية تشبه التعاليم الدينية الأساسية.و أحزاب لا تجدد في قياداتها،فالرئيس موجود منذ قيام نشأة الحزب فيصبح كائنا مقدسا كالإله، كما تفعل الستالينية أو النازية التي تقدس الزعيم و ترفعه إلى درجة الزعيم الأسطوري..
و أحزاب تجدد للزعيم العقدة في انتخابات تشبه الانتخابات الرئاسية في الدول المتخلفة (الاجماع .9999%). و عندما يكون له منافس قوي ينقسم الحزب على نفسه؟
هل نطالب الدولة أن تكون ديمقراطية مع بعض المواطنين لا يؤمنون بالديمقراطية عندما يتعلق الأمر بهم(أي عندما يكون عليهم أن ينسحبوا لترك المكان للآخرين حتى يتجدد الحزب بدماء جديدة وبأطر لها نظر جديد و ثقافة جديدة عوض أن يحنط الجميع(من المناضلين) في فكر غير قابل للتغيير؟…فالايدولوجيا التي لا تجدد نفسها تصبح كالمومياء المحنطة ،سرعان ما يتجاوزها التاريخ و التغير و الزمن…
إن من يقتل الديمقراطية أناس انتهازيون ، يجعلونها وسيلة لبلوغ الثراء و المكاسب و الغنائم و المناصب،بهؤلاء تموت.و تحيى بوجود أناس يجعلونها عقيدة من أجلها يناضلون، في سبيلها يموتون …
انتاج:صايم نورالدين
1 Comment
شكرا لك السيد قدوري على الاختيار الناجح للشعارات المصورة التي تصاحب الموضوع و كل المواضيع التي لها وزن ربما.كل ما نتمناه هو ان لا يكون حظ السي الصايم من الكتابة هو الشعار الاول الديكارتي.فلعله من كثرة الصيام و اسمه يدل على ذلك بدا الدخول في الشعار الديكارتي.ودائما كثرة الاسئلة في الموضوع و كاننا امام طبق كسكس بخضر متنوعة. انها الديمقراطية عند اهل كنعان اما العم سام فقد حسم امره في الديموقرطية التي تعني التغيير المتجدد حتى لا يمل الناس من البشر الذين يستحوذون على المشاهد السمعية و البصرية و في اللقاءات الحزبية.و كان المغرب و المغربيات لم يلدن الا هذا الصنف من العباقرة(العبقرية بدون شيشة مصرية و للاستهلاك الفردي لا تعتبر ديموقراطية. كل رمضان و الصائمون الديموقرطيون بخير