ما أنا إلا بشر عندي وجهة نظر؟
ربما يتذكر البعض منا المطرب عبد الوهاب الدكالي وهو يغني لأول مرة : ما أنا إلا بشر
عندي قلب ونظر
وأنت كلك خطر
ما تبقاش…
كل بشر له قلب وله وجهة نظر.هذه هي القاعدة التي لا تؤمن بها الأنظمة الدكتاتورية و الأشخاص السلطويون…قلب و نظر(النظر بمعنى العقل و ليس العين التي نبصر بها)هما القسمة المتساوية بين الناس ، كما يقول ديكارت. رغم أن فكرة ديكارت لا تساوي شيئا أمام اكتشافات و أبحاث علم النفس المعاصرة(علم النفس المعرفي خاصة): فالعقول تتفاوت في الذكاء(من أقصى اليمين يوجد العباقرة، ومن أقصى اليسار يوجد المعتوهون)…و تتفاوت العقول في الميول و الاستعدادات و المواقف…
لو سألنا 34 مليون نسمة وهم سكان المغرب حاليا، حسب الإحصاء الرسمي الأخير، و الذين يكونون الساكنة من الرجال و النساء و الشيوخ و الأطفال و المتعلمين، و الأميين و العاطلين و المشتغلين، من الوزير إلى الأجير:كم عدد الأحزاب بالمغرب؟
– حتى لو أن من يقدم الجواب الصحيح تمنح له هدية مالية؟
لوجدنا أن المغاربة من الشرق إلى الغرب، و من الشمال إلى الجنوبن لا يتفقون على جواب واحد.و ستكون أجوبتهم مختلفة و بالتالي لا يعرفون الجواب الصحيح و الحقيقي . و السبب راجع إلى أن أحزابا تموت و لا تعود لها الحياة إلا عند الإعلان عن انتخابات برلمانية جديدة(كما هو الحال في أفلام دراكولا).و أحزاب جديدة يكتب لها الحياة بمناسبة (استحقاقات )برلمانية جديدة . و أحزاب أخرى تموت موتة حقيقية أبدية بموت الزعيم..
الأحزاب تنمو كالفطر وبأعداد غير معروفة في كل مناسبة انتخابية،هذه هي الحقيقة الملموسة و المحسوسة.
كل مناسبة من مناسبات الانتخابات البرلمانية و الجماعية، تحصل الأحزاب المتنافسة، على دعم الدولة من المال العام.وهو دعم يسيل له اللعاب، و تجحظ له العيون …مال يدخل إلى ميزانية الأحزاب(ومن يدري قد يدخل إلى جيوب صقورهم أو إلى حساباتهم البنكية).لأن القانون الذي يفرض أن تحاسب به الأحزاب ماليا،و ترجع بموجبه،الأموال المتبقية من العملية الانتخابية، موقوف التنفيذ، و لا يطبق بصرامة.وغالبا ما يترك الأمر لأخلاق و ضمير الأمين العام للحزب و زبانيته. رغم أننا سمعنا رئيس المجلس الأعلى للحسابات-عبر وسائل الإعلام- يذكر أمناء الأحزاب بإرجاع ما بذمتهم من أموال الدولة، إلا أن البعض منهم فقط قام بإرجاع ما بذمته(وهم يعدون على رؤوس أصابع اليد الواحدة على أبعد تقدير)…
و لعل هذا ما يفسر الحملة المشتعلة لبروز و ولادة أحزاب جديدة تسجل نفسها للمشاركة في الانتخابات.أحزاب لم تكن من قبل،ولها أسماء جديدة، وأحزاب ميتة يتم إنعاشها وتعود لها الحياة، كلما جاءت فرصة الانتخابات البرلمانية:الهدف واضح لهؤلاء: وهو الحصول على دعم سخي من تمويل الحملة الانتخابية… والإبقاء على ما تبقى من مصاريف الحملة في الجيوب أو الحسابات البنكية…فالعملية إذا هي: رابح رابح في كل الأحوال…إذا خسر الانتخابات يربح الدعم، و إذا ربحها، ربح الاثنين معا:المنصب و الدعم…
لو أن الدولة و القوانين و المجتمع المدني ، فرض على كل حزب يدخل غمار الانتخابات الجماعية و البرلمانية، أن يمول حملته من قدراته المالية الذاتيةوإلا انسحب من الحلبة، ليترك المكان للأحزاب المؤهلة ماليا و القادرة، أن تقود حملتها بإمكانياتها الذاتية،لوجدنا عند تطبيق هذه القاعدة، أحزابا تعد في أحسن الأحوال على رؤوس أصابع اليد الواحدة،و يتوجب عليها أن تكون نزيهة ومواطنة وتعمل لصالح البلد و المواطن . وتعمل ألف حساب للمواطن الذي يقدم صوته لها.و لانتهت مشكلة الرشاوى الصغيرة (شراء الأصوات) التي تقدم للمواطن(ة) الفقير(ة) من أجل الحصول على صوته،والى الأبد…
أما الآن،وفي هذه الوضعية، ينظر المواطن المتعلم ميوعة العمل السياسي، وميوعة الفعل الانتخابي …(أحزاب تكذب في الحملة الانتخابية ولا تلتزم بما تعد به الناس، و لا يهمها أن تكذب اليوم وغدا و في كل مناسبة…و في اعتقادها أن المواطن لا يفقه شيئا في التمييز بين الصدق و الكذب،وبين الحق و الباطل…
و التفسير المنطقي و المقبول عقليا، لهذه الكارثة الأخلاقية: أن لا تقدير ولا قيمة تعطى للمواطن. و لا استحياء ،ولا شعور بوخز الضمير، من الكذب أمام الله وخلقه،ألم يقل المولى عز وجل (( يا أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون(2) كبر مقتلا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون(3)… )) من سورة الصف…وهو كذب لا يصنف إلا في خانة شهادة الزور…و كأن وعود الحملة الانتخابية يمحوها الحصول على تزكية المواطنين…أو كما قالت جارية لمالكها عندما أخلفت بالوعد : »كلام الليل يمحوه النهار »…
ومن الآن فصاعدا سنغير أغنية عبد الوهاب الدكالي بعد الاعتذار له فتصبح كالتالي:
ما أنا إلا بشر
عندي قلب ووجهة نظر
والأحزاب كلها خطر
ما تبقاش تحنزز فيا…
و كل حملة انتخابية يكون فيها لكل بشر، قلب ونظر… وأنتم بألف خير…
انتاج :صايم نورالدين
Aucun commentaire