قولوا لي يا ناس »العام زين »
رحم الله المؤلف المدرسي المرموق السيد أحمد بوكماخ في الكتب التي ألفها و علمتنا أبجديات القراءة و الكتابة و قواعد اللغة،و كانت له ذخرا في الآخرة و عملا صالحا وصدقة جارية ،مادامت الأجيال التي تعلمت في كتبه على قيد الحياة.
ومما جاء في بعض مؤلفاته التي كانت تغطي المراحل الخمس من سنوات ابتدائي قطعة(أنشودة) كان يتغنى بها التلاميذ مطلعها :
قولوا لي يا ناس ماذا تعرفون هل تعرفون اللعب بالمزمر
كانت حصص الأغاني و الأناشيد الجماعية تطبع الدرس بطابع خاص،لكونها كانت تقتل الروتين و الرتابة في الدروس العادية التي كانت لا تخلو من عقوبات المدرس(العصاوية) المتنوعة،و التي كان يجتهد لها المدرسون اجتهادات رائدة و متنورة في ابتكار أساليب جديدة في تعذيب التلاميذ غير (المجتهدين).
« قولوا لي يا ناس « هي عنوان الأنشودة البوكماخية،و »قولوا العام زين » هي الأنشودة التي توارثها الوزراء عبر أجيال يرددونها كلما تكلموا عن حالة الاقتصاد الصحية. و كل عام زين مرتبط بالمطر إذا نزل،و إذا لم ينزل علينا بصلاة الاستسقاء.
الأزمة الاقتصادية هي المصطلح الاقتصادي الذي يتفاداه كل من كان وزيرا للاقتصاد في الحكومات المغربية.و عوض ذلك يحرص الوزراء على إشاعة (ثقافة التفاؤل): »قولوا العام زين ».فالتشاؤم عواقبه وخيمة،و المؤمن يكون متفائلا دائما،و أما التشاؤم فهو من الشيطان و الشياطين و الشيطانات و الشيطنة…
بدأت الأزمة الاقتصادية العالمية تضرب أوصال اقتصادات البلدان الغربية منذ 2008،كما يصرح بذلك الدارسون و العالمون بخبايا الاقتصاد.و مع ذلك كان الوزراء و منذ تلك السنة المشؤومة يصرحون(لا ندري لماذا يكذبون) أن الاقتصاد المغربي و الحمد لله بخير و على خير و بصحة جيدة و في مناعة عن الأزمة التي يعاني منها العالم.و هذا راجع طبعا لحنكة و خبرة و حسن التسيير لسيادتهم.و كنا نستغرب من هذه التصريحات الغريبة التي كانت (تستبلد الشعب و تستحمره).و يعتقدون في أنفسهم النباهة و الذكاء و العقل و الحكمة،ووحدهم هم العارفون،و باقي الشعب من البقر و الحمير المسومة التي لا تفهم شيئا، و لا تعرف شيئا، و جماجمها خاوية من عروشها،ولا تفكر إلا في ما يملأ بطنها من الأكل.
وكنا نتساءل كيف لهذا الاقتصاد المغربي المرتبط عضويا بالاقتصاد العالمي عن طريق الانفتاح و النهج اللبرالي،و الذي يسيره رؤوس لا تملك الكفاءة و لا العلم و لا الخبرة التي تملكها جماجم العلماء و المفكرين الاقتصاديين من كل البلدان الغربية،و الذين يستحوذون على الجوائز العالمية تثمينا لتفكيرهم و أبحاثهم و نظرياتهم و ينتجون الثقافة الاقتصادية التي تدرس في الجامعات المغربية،كيف لهذا الاقتصاد المغربي بهذه الوضعية أن ينجو من وباء ضربات الأزمة الاقتصادية؟و المغرب باقتصاده الضعيف و المريض بالفساد و الريع و المرتبط بالسنة الفلاحية و مداخيل العمال بالخارج و السياحة و الضرائب،كيف تكون له المناعة الاقتصادية من الأزمات التي تطيح بأعتى وأقوى الاقتصادات لعالمية؟؟؟؟؟؟
ومع مرور الأيام اكتشفنا أن تصريحاتهم كان شعارها الوطني الخالد »قولوا العام زين »…
و اليوم نرى الانحباس الاقتصادي يمس جل الميادين الاجتماعية كالصحة و التعليم و السكن و العمل و كل الخدمات الاجتماعية.وهي الميادين تعاني من تقشف و شح في الإنفاق،بل يراود الحكومات التخلي عنها و بيعها للخواص.
ومنذ 2008 إلى يومنا هذا، تسعى الحكومات المتعاقبة إلى زيادة الاقتراض من الداخل و الخارج، من اجل إعادة التوازن إلى الخزينة،و سد العجز المالي البنيوي بين المداخيل و المصاريف.حتى أصبحت الديون الآن تلتهم 83.5 % من إيرادات الدولة.
و يؤكد الاقتصاديون المغاربة و المؤسسات الدولية والدارسون لحالة الاقتصاد المغربي أننا نعيش « فوق فوهة بركان »،وآخرون يعبرون أننا د »دخلنا المنطقة الحمراء »و »تجاوزنا الخطوط الحمراء »،و آخرون يتخوفون من الدخول مرحلة إفلاس حقيقية ،و سيقع لنا ما وقع للدولة اليونانية.فرغم المساعدات المقدمة لها من طرف الاتحاد الأوروبي و خاصة ألمانيا،و رغم صعود حكومة يسارية ،و رغم بعض الإعفاءات الضريبية،و رغم تحويل الديون غالى استثمارات و رغم حالة التقشف المستعصية التي يتحملها المواطن اليوناني،لم تجد تلك الحلول علاجا لاقتصاد مريض و منهك.فدخلت البلاد مرحلة الإفلاس الاقتصادي (الركود)…تخوف الاقتصاديين المغاربة من المستقبل تخوف مشروع نظرا لحالة المديونية غير المسبوقة و التي بلغت أرقاما قياسية .و لهذا دق الخبراء ناقوس الخطر مرارا.و ستجد الحكومات نفسها مضطرة لاتخاذ قرارات صعبة ستزيح ما تبقى من قدرات المواطنين الشرائية و تلاحقهم في خبزهم اليومي.
ورغم هذه الوضعية التي لن يحسدنا عليها أحد يصرح الوزراء أننا سنحقق نموا اقتصاديا سيبلغ3% و 4%،و كلها تصب و الحمد لله في « قولوا العام زين » رغبة في نشر ثقافة التفاؤل.رغم أن « النهار الزين يبان من اصباحو » هكذا قال الحكيم قمقوم… »قولوا لي يا ناس العام زين يرحمكم الله يا عباد الله »………..
انتاج:صايم نورالدين
Aucun commentaire