القنصلية المغربية في ظل الخطاب الملكي
يبدو ان الخطاب الملكي حول القناصلة لم يترجم بالشكل المطلوب على الواقع رغم الاجراءات المحتشمة لوزارة الخارجية لتدارك الفضيحة..ارسال شباب يقل عمرهم عن 30 سنة هو اجراء غير مفهوم نظرا لحجم الخطاب الملكي الذي حدد بشكل واضح مكامن الخلل .هؤلاء الشباب رغم ما قيل عن كفاءتهم لن يتمكنوا من حل المشاكل المعقدة للقنصلية المغربية.. تنقصهم الخبرة والتجربة والفطنة وبالتالي سيكونون تحت رحمة الموظفين القدامى ..مشاكل المهاجرين عديدة ومتنوعة ومعقدة وتحتاج الى كفاءات متمرسة وخبيرة و قريبة من معاناتهم وعلى دراية تامة بالتنوع الثقافي واللغوي لكل فئة ولكل بلد.هل تعتقدون ان هؤلاء الشباب قادرين على تحرير القنصليات من لوبيات الفساد. الرأي العام يتساءل عن عملية ملء المناصب الشاغرة واختيار المرشحين لتلك المناصب بالقنصليات دون الرجوع الى المسطرة القانونية التي تضمن تكافؤ الفرص للجميع من قبيل المباريات والانتقاء عبر لجان محايدة مختصة كما هو الشأن في الوزارات الاخرى ..
المواطن المغربي عند وصوله الى باب القنصلية يحس انه قد اعيد الى زمن القرون الوسطى حيث لا يجد في استقباله سوى السماسرة المتعطشين للابتزاز والرشوة وحيث لا يجد جوابا عن تساؤلاته إلا عندهم .. يحدثونه عن التعقيدات التي لا وجود لحلول لها سوى عن طريق دفع الاتاوات..وحين تتاح لك فرصة الدخول بين دهاليز مكاتب القنصلية يستقبلك الموظفون كمواطن من الدرجة الدنيا و يحدقون اليك بشكل استفزازي يجعلونك تفكر الف مرة قبل ان تثور في وجوههم عندما يغلقون امامك كل المنافذ..سينتابك اليأس حين تجد نفسك محتقرا عند ادارة وطنك بينما معززا مكرما عند ادارة الاجنبي..في القنصلية يتحدثون بلغة مخزنيه و لا يهتمون بمشاكلك ولا بمعاناتك ولا يحترمون وجودك ولا يهمهم انك قطعت مسافات طويلة او قصيرة او لديك التزامات في عملك وشغلك وبيتك..لا يهمهم ان تتغيب عن عملك وشغلك يوما اضافيا او يومين او اكثر ولا يقدرون حجم المخاطر التي تهدد وظيفتك.
التوجه الى القنصلية هي رحلة عذاب.. ويعتبر ذلك اليوم يوما اسودا لدى المهاجر المغربي لأنه سيتعرض للاهانة و لجميع الوان المعاناة والاحتقار…الوقوف عند باب القنصلية اشبه بوقوف المساجين في باحة السجن حيث تجد نفسك محاصرا بقانون الغاب الذي فرضه السماسرة والمرتشون من موظفين وغير موظفين..لازالت الادارة بالقنصلية المغربية تعتمد على اسلوب بدائي في تدبير الملفات و استقبال المواطنين رغم تواجدها في دول متقدمة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في تدبيرشؤون الناس…الاكتظاظ هي عملية مفتعلة من طرف مسيري القنصليات لكي يصطادوا ضحاياهم متى شاءوا وكيفما شاؤوا .. طلب موعد عبر الهاتف او الانترنيت غير موجود في القاموس الاداري للقنصليات..حين تتصل هاتفيا ببعض القنصليات وتستفسر عن شيء ما يقدمون لك الاوهام وإذا هاتفت نفس القنصلية مرة اخرى يقدمون لك المتاهات..ليس هناك مفهوم للمعلومة الصحيحة بل فقط المعلومة الملغومة..
« فبعض القناصلة، وليس الأغلبية، ولله الحمد، عوض القيام بعملهم على الوجه المطلوب، ينشغلون بقضاياهم الخاصة أو بالسياسة. »
صاحب الجلالة اكد على ان بعض مدبري القنصليات منشغلون بأمورهم الشخصية والسياسية عوض اداء مهمتهم الاساسية..ولعل الامور السياسية هي الاخطر حيث يعلم الجميع ان تعاقب الاحزاب على تدبير شؤون الجالية ادى الى خلخلة الواقع الاداري بسبب تمكين اصحاب الحظوة الحزبية من السيطرة على المراكز الحساسة بالقنصليات..مما يثير تخوفات الموظفين الذين يسابقون الزمن لملء جيوبهم قبل ان تتغير الامور السياسية وينقض عليهم القادمون الجدد..المناصب الادارية بالقنصليات تتغير حسب المتغيرات السياسية والحزبية ويتشتت الواجب و تنهار المنظومة الادارية وتبدأ عملية الجشع ومسابقة الزمن لتحصين الغنائم.
الخطاب الملكي واضح وصريح ويؤكد على محاسبة القناصلة وزبانيتهم من الموظفين الجشعين الذين راكموا اموالا طائلة… اعادة انتشار القناصلة ليست بحل بقدر ما هي تكريس للواقع المشؤوم.. لا بد من تحويل ملفات المفسدين الى القضاء ولا بد من التقصي عن مصادر اموالهم…كما يجب اعادة الاعتبار للمواطن المغربي بالمهجر بتوقيف الاهانه والتسلط.
فمن جهة، يجب إنهاء مهام كل من يثبت في حقه التقصير أو الاستخفاف بمصالح أفراد الجالية أو سوء معاملتهم. »(الخطاب الملكي.) »
اسألوا اي مواطن مغربي بالخارج وسيحدد لكم من المفسد ومن المصلح..فكل مواطن مغربي قد تعرض للاهانه في قنصلية بلده.. صاحب الجلالة التقى بالعديد منهم وكلهم نفس الكلام ونفس المعاناة..صاحب الجلالة يريد ان يسمع كلاما حسنا عندما يزور تلك البلدان ويلتقي بأبناء وطنه في المرة القادمة..لا يجب ان يسمع نفس اخبار المهانة والمعاناة ..
قدموا للجالية كفاءات قادرة على التواصل و على تدبير الادارة بشكل عقلاني وإنساني وأبعدوا عنكم تلك الحسابات الحزبية والسياسية و ارحموا ابناء وطنكم في المهجر ..يكفي ما هم فيه من معاناة..لماذا لا تبحثوا عن كفاءات من الجالية نفسها ذات دراية بواقع المهاجر وذات خبرة فعلية في تحسين جودة الخدمات..اعطوا الفرصة لأبناء الجالية ليسيروا امورهم بأنفسهم فهم ادرى بمشاكلهم ومتطلباتهم. في هولندة وألمانيا هناك نسبة هائلة من المغاربة من الريف عندما يتوجهون الى القنصليات يجدون اشخاصا لا يفقهون في الامازيغية شيئا..انها لغة رسمية الان ومن الضروري احترام المواطنين الذين ينطقونها بتوفير موظفين قادرين على التواصل بها..
اوقفوا سماسرة الابواب واتركوا المواطن المغربي يدخل قنصليته بطريقة حضارية كما يحدث في الادارات الاجنبية..اعتماد الارقام والمواعيد وتوفير مكاتب واقعية تستقبل وتوجه و تقدم الخدمات بدون تعقيدات بيروقراطية…يجب اعتماد خدمة المكتب الواحد متوفر على التكنولوجيا الحديثة لتدبير المعلومات والوثائق كما هو الشأن عند الاوروبيين من دون الحاجة الى المرور عبر مكاتب متعددة…
فإذا لم يتمكنوا من قضاء أغراضهم، فإنه يجب، على الأقل، حسن استقبالهم ومعاملتهم بأدب واحترام » (الخطاب الملكي)”
لماذا ترهقون المواطن دائما بطلب شهادة السكنى رغم ان لديه بطاقة اقامة تفي بالغرض..لماذا هذه التعقيدات..لماذا لا توفرون له الحالة المدنية بشكل سلس ما دام ان لديه بطاقة تعريف وطنية تحل محل الازدياد والسكنى والوثائق الاخرى..لماذا لا تقدم بطاقة مؤقتة من القنصلية ريثما تصل بطاقة التعريف من المغرب…لماذا كل هذه التعقيدات المهينة لتسجيل ابناء المغاربة..لماذا ادارتنا بدائية في اوروبا..لماذا دائما وأبدا بمجرد دخول المهاجر المغربي الى الوطن يجد نفسه مضطرا للوقوف لساعات طوال عند مكاتب متعددة لختم جواز سفره وتسجيل سيارته..ألا يمكن لمكتب واحد أن يقوم بهذه المهمة. عل عجزت الادارة المغربية عن ايجاد وصفة ذكية للحد من فيروس البيروقراطية..
وبصفة عامة، يتعين تحسين التواصل والتعامل مع أفراد الجالية بالخارج، وتقريب الخدمات منهم، وتبسيط وتحديث المساطر، واحترام كرامتهم وصيانة حقوقهم.(الخطاب الملكي)
Aucun commentaire