دلالات تفكيك دواعش المغرب
كان المغرب مستهدفا بالإرهاب حتى قبل أن تتخذ الدولة المغربية قرار دمج الإسلاميين في الحكم بعد حراك 20 فبراير 2011، وأذَكّر في هذا السياق بأحداث البيضاء 2003/2007، وأحداث أركانة بمراكش في أبريل 2011، ويبدو أن الأخيرة كانت تستبق السيناريو الذي أصبح واقعا بعد انتخابات 25 نونبر 2011؛ أي إدماج الإسلاميين المعتدلين في الحكم.
أما اليوم، بعد تفكيك الشبكة الأخيرة يوم الأحد 22 مارس 2015، ذات الصلة بـتنظيم »داعش » الذي يمثل الوجه المكشوف للإرهاب الدولي حاليا، والتي كانت تُعِد لاغتيال شخصيات سياسية وعسكرية ومدنية- ويمكن اليوم استيعاب التهديدات المباشرة لوزير العدل الإسلامي مصطفى الرميد منذ 2012 ، والحماية التي خصها به الملك محمد السادس وبرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران-، وبعد إعادة توطين « داعش » في ليبيا وتبنيه عملية متحف « باردو » في تونس، لا شك في أن المغرب يتهدده خطر إرهابي كبير.
غير أن تفكيك خلية 22 مارس 2015 يعبر عن انجاز أمني واستخباراتي وسياسي غير مسبوق، بالنظر إلى الظرفية السياسية الراهنة، وإلى حجم الخلية وامتدادها الجغرافي وأهدافها النوعية، حيث تعبر الدولة المغربية عبر هذا الانجاز عن فعالية نهجها الاستباقي في اصطياد العناصر الإرهابية، ومن ثم تتعزز الثقة في المغرب شريكا قويا للأطراف الدولية الساعية إلى تحقيق الأمن والاستقرار العالميين.
كما يشير هذا النجاح إلى أن المغرب قادر على اتخاذ كل القرارات الصعبة وطنيا ودوليا، ثم التخطيط لحمايتها من التهديدات والضغوط المحتملة عبر حكامة أمنية واستخباراتية منقطعة النظير تمزج بين محاربة الإرهاب وتمشيط أباطرة المخدرات؛ إنه انجاز لم تستطع تحقيقه حتى الدول الكبرى مثل فرنسا وألمانيا بعد نجاح قوى الإرهاب مؤخرا بتنفيذ ضرباتها في كلا الدولتين.
ويعد ذلك وحده انجاز استراتيجي يعزز من فرص نجاح المغرب في تسوية النزاع الليبي بالصخيرات، كما يمنح المغرب إشعاعا سياسيا يجعله قادرا على الدفع بملف وحدته الترابية إلى عتبات الحل النهائي، فضلا عن أنه سيكرس مناخ الاستقرار الذي يتيح له فرص الرفع من نسب النمو الاقتصادي.
ثم إن هذا الانجاز يشير إلى انحصار شديد ومتواصل لعدد الإرهابيين، ذلك أن المغرب يمتاز بانتشار حركة إسلامية معتدلة في كافة أرجاء البلاد وإشراك جزء منها جديا في الحكم، كما أنه أبرم مصالحة تاريخية مع بعض قيادات السلفية الجهادية، علاوة على نفور شعبه من الاتجاهات المتشددة، وتوالي نجاحات جهازه الأمني بتفكيك خلايا الإرهاب.
ولذلك من الصعب التنبؤ برقم معقول لظاهرة لا تخضع للإحصاء العلمي، وإذا بات ملحا تحديد رقم معين، أتوقع ألا يتجاوز أعداد المجندين للعمل الإرهابي بالمغرب رقم مائتي مجند داخل التراب المغربي.
طبيعي أن يدعى المغرب إلى حلف « عاصفة الحزم » لدعم شرعية الرئيس اليمني المنتخب، وبديهي أن يستجيب إلى حرب استباقية تباغث الخطوط الأمامية للإرهاب في اليمن، وربما تُفتح شهية هذا الحلف العربي- الذي طال انتظار تشكيله- على اقتحام الحصون المنيعة لخلايا الإرهاب الدولي في العراق وبلاد الشام.
إن هذا الوضع المتقدم جعل الطريق سالكا أمام المغرب لإقناع البرلمانيين العرب والمسلمين المشاركين في مؤتمر الاتحاد البرلماني، المنعقد بـ »هانوي » خلال الفترة الممتدة بين 28 مارس وفاتح أبريل الجاري، باعتماد مشروع مواجهة خطر تنظيم الدولة الإسلامية.
قد أكون مبالغا في تقدير تداعيات تفكيك خلية « أحفاد يوسف بن تاشفين »، غير أنه سيبدو ما ذهبت إليه أكثر واقعية إذا ما تأملنا التطورات السريعة التي يشهدها الصراع الدولي القائم، والتي يأخذ فيها المغرب مكانة متميزة، وتتعزز فيها فرص نجاح معسكر الشرعية والديمقراطية والاستقرار.
Aucun commentaire