من الأمور المذمومة عند المسلمين أن جعلوا من شهر رمضان شهر اقتصاد واستهلاك زيادة عن اللزوم ، والله يريده شهررحمة وعبادة ومغفرة ، إذا تجولت في أي سوق من أسواق المدينة في الصباح أو في المساء ، يثير انتباهك تهافت الناس على أنواع الأغذية وبكميات كثيرة حتى يخيل إليك أن شيئا ما يوشك أن يقع ، والمؤمن إذا انصرف عن العبادة وأغفل قيم الإسلام ، اهتم بنفسه وهواها وزين له الشيطان أعماله ، لذلك على المؤمن أن يطلع على قوله تعالى (( وكلوا واشربوا ولاتسرفوا )) (( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين )) فيكفي الواحد منا القليل ومن حسن التدبير ألا ترمى الأطعمة في القمامات ، بل الأصح والموافق لشرع الله أن يوجه مازاد على الواحد منا إلى باب البر والإحسان ، فالإنفاق في سبيل الله أمر عظيم عند الله تعالى ، (( وماتنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لاتظلمون )) فبدل أن يتملكنا الإسراف ينبغي أن تكون للمؤمن قدم سبق في التجارة مع الله عز وجل . خرج أحد الشعراء من عند الخليفة وقد أعطاه بعض المال فوجد بالباب متسولين ففرق أعطيته عليهم فطلبه الملك ليسأله عن سبب صنيعه فقال البيت التالي :

يجود علينا الخيرون بمالهم         ونحن بمال الخيرين نجود

فما بالك والمال مال الله استخلفنا فيه في الأرض .

فإذا كان الطبيب العربي الحارث بن كلدة يقول : المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء. فالأولى أن نتذكر قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام : ( نحن قوم لانأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لانشبع ) ويجمع الطب الحديث على أن كثرة الأكل داء ومدعاة للكسل وذهاب للفطنة . يقول الدكتور محمد راتب النابلسي ، أنه دخل مستشفى ألماني قد كتب على أحد المداخل فيه ( نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لانشبع ) محمد بن عبد الله

ومع الأسف نحن نبحث عن الولائم أينما كانت ولا نتصرف بحكمة مع الأكل وفي الحديث الشريف (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لامحالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ) ، فاعلم ياعبد الله أن شهر رمضان الكريم ليس شهر اقتصاد وزيادات في الأسعار وخصومات في كل مكان ، ولكنه شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار وفيه نزل القرآن الكريم وفيه ليلة خير من ألف شهر تلتمس في العشر الأواخر منه وليس شهر الاستئثاربالأكل والشرب ومالذ وطاب ولكنه شهر البروالإحسان فقد كان قدوتنا عليه الصلاة والسلام أجود مايكون في رمضان .