Home»Correspondants»أي شيء في العيد أهدي اليك يا بغداد…؟؟!

أي شيء في العيد أهدي اليك يا بغداد…؟؟!

0
Shares
PinterestGoogle+

تقديم:

"هده المقالة كتبتها في اللحضة التي تلت اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين واعيد نشرها في موقع وجدة سيتي في ظل استمرار الدبلجة واستمرار الدبح واستمرار التقتيل في العراق "

العنوان:

أي شيء في العيد أهدي اليك يا بغداد…؟؟!

الكل قد دبلجوه في العراق…

اجتياح مدبلج … وقضاء مدبلج… وحكومة مدبلجة …ومحاكمات مدبلجة…

حتى أغنية ناظم الغزالي الضاربة في أعماق الزمن الجميل قد دٌبلجت وأصبحت على جيتارة "الكوي بوي" تقول : أي شيء في العيد اهدي إليك يا ملاكي أ مقصلة.؟! أم مشنقة.؟!

ليس هناك أجمل وألطف وأبرك من مناسبة العيد لكي تقدم فيها الهدايا. ويشاء القدر هذا العام أن يجمع بين مناسبتين ويجعل العيد عيدين : عيد يتبرك به أتباع سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وتفيض فيه مشاعر العطف والحب والمودة وتمتد أواصر القرابة مع الخالق ومع الإنسان… وعيد يبتهج فيه أتباع السيد المسيح بمولده وبسلالته الإبراهيمية… يتقربون هم بابتهالاتهم التي تعانق منارات الكنائس. ونتقرب نحن بأضحياتنا و بأدعيتنا التي تتسلق جدران الجوامع كنبات سماوي… ونتوحد جميعا في توديع عام واستقبال عام جديد نزف فيه أجمل المتمنيات لكل من نحب وننظم أروع الأشعار لكل من نعشق… كل هذا من أجل الحب ومن أجل الحوار البنّاء ونبد التفرقة والابتعاد عن الصراع الديني والتطاحن الطائفي … لكن «الكوي بوي» القائم من رحم الدماء لم تعجبه هذه الصدفة الحضارية الخضراء. ولم يترك القدر يفعل ما يشاء؛ فأصرّ أن يعكر الصفاء؛ ويحرق هدا اللون الروحي؛ ويحول المشاعر إلى رماد بارد… فجهز "سيناريوها" مدبلجا على طريقته ليقدم الهدية على طريقته : فالمشنقة هي أبلغ هدية أراد «الكوي بوي» أن يهديها إلى العرب والمسلمين في المناسبتين ليقض مضاجعهم؛ ويرعب أطفالهم؛ وينكّس الفرحة عن جباه كبارهم في هدا اليوم المبرور وهدا العام المنظور…

المشنقة التي اقتيد إليها الرئيس العراقي السابق صدام حسين؛ والتي اختير لها الزمان والمكان غير المناسبين بالنظر إلى الشعور العربي والإسلامي؛ لكنه الزمان والمكان المناسبان بالنظر إلى رغبة «الكوي بوي» وعرابيه. وبغض النظر إن كان صدام ديكتاتورا يستحق أكثر من الشنق أم قوميا دافع عن بلادة وعن العديد من القضايا العربية؛ فهل نحن بحاجة إلى كل هذا الإخراج "الهوليودي" صبيحة العيد حتى يزيد حقدنا عليه أو تزيد حسرتنا عليه… فمشنقة صدام كانت جاهزة منذ اليوم الذي اخرج من حفرته والدليل هو ما قاله «الكوي بوي» حنيها :"انه يستحق الإعدام". وما المحاكمة التي قدم إليها إلا مسرحية مثلت فيها كومبارسات عراقية… محاكمات كانت فقط قياس ضغط لدراجات الغضب وقياس ضغط لتأجيج المشاعر بين من هو مؤيد ومن هو معارض…فلحظة المشنقة أسقطت كل الآراء السابقة وحركت أسئلة وتكهنات أخرى :

هل هو إعدام يستحقه صدام بالزمان والمكان؟! أم هل هو إعدام بطعم الانتقام ؟!

هل هو إعدام للفرحة الطفولية وللعروبة المجروحة ولجميع الأسئلة؟! أم هو إعلان للفرحة والبهجة وانتهاء مريح لجميع الأسئلة؟!

أم الكل نختصره في الأحقاد السياسية المستمدة من التواريخ الدامية ؟

الأجوبة عن الأسئلة الأولى تبقى معلقة في اختلاف وجهات النظر… أما السؤال الأخير /المختصر وصورة المشنقة صبيحة العيد يعودان بالذاكرة إلى الشهر الأخير من عام 124 للهجرة من أيام حكم هشام بن عبد الملك حين خطب أميره على العراق"خالد القسري" في الناس صبيحة العيد قائلا:«انصرفوا وضحوا يقبل الله منكم فإني أريد أن أضحى اليوم بالجعد بن درهم؛ إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ، ولم يكلم موسى تكليماً ؛ تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا.» ثم نزل وذبحه على مرأى من آلاف الناس من أهل الكوفة؛ الذين احتشدوا لصلاة العيد؛ وفي ذهنهم أن يذهبوا لذبح ضحاياهم من الخرفان والأنعام بعد الصلاة؛ فكان أن أتحفهم خالد القسري بمشهد ذبح إنسان؛ وهو من كرمه القرآن حيا وميتا؛ وقيل أن أيا من المصليين والفقهاء لم يعترض.. وأنى لهم ذلك وسيف خالد القسري أمامهم يقطر دما؛ ورأس الجعد الملقى تحت المنبر ينظر إليهم؛ بينما جسده المقيد يرتجف مضطربا مع خراج الروح…

إن التاريخ يعيد نفسه على أرض العراق. وسواء اتفقنا مع صدام حسين وطريقة حكمه التي ساس بها العراق أم لم نتفق ؟؟وسواء استمعنا لفلسفة الجعد بن درهم وفهمنا منطقه العقلاني في تفسير القران أم لم نفهمه؟؟ فأي عقلية هاته التي تجعل المشاهد التاريخية /الدامية تتناسخ؟! وأي منطق هذا الذي ينحر إنسانا كالجعد بن درهم بعد صلاة العيد؟! ويشنق إنسانا كصدام في فجر يوم العيد؟! فالله سبحانه في عليائه كرم الإنسان وافتداه بكبش من الجنة؛ هذا الانسان المنذور للرحمة وليس للذبح… فالسياسة عندما يلفها الحقد التاريخي والطائفي والمصالح الشخصية تتحول إلى لعبة قذرة تفعل فعلتها وتجعل القلوب غلفا؟!. فماذا عن حقوق الإنسان التي يتغنى بها راعي البقر الذي لن يتحول إلى راع للبشر مهما حاول؟! وأين هي الشعارات التي تطالب بإلغاء عقوبة الإعدام وتدينه كسلوك هجين؟! وأين هو الحظر في نقل مشاهد الإعدام والمحاكمات وجعلها تدور خلف الأبواب الموصدة بعيدة عن أعين الإعلام وعدم دخول كاميرات التصوير إلى قاعات الشنق ونقل عبارات التشفي والانتقام؟! وأين؟! وأين؟! وأين..؟! أم نسوا أن يكتبوا – فقط – على سبيل التمثيل "ممنوع لأقل من 10 سنوات كما عودونا في أفلامهم المرعبة.؟!"

إن اللعبة – بمجملها- في سياقها التاريخي و في سياق الحاضر هي انتقام سياسي : انتقم خالد القسري قبل حوالي ألف وثلاثمائة عام من الجعد بن درهم لأنه ربما كان يعارض سياسته وألبست العملية لباسا فكريا /دينيا . وانتقم فيها المعارضون من صدام لأنه شردهم وطاردهم…وانتقم فيها «الكوي بوي» من كل من رفع صوته ضده وبعث إشارة قوية ودرامية لكل من يفكر في معارضة مصالحه … لان منطقه يقول "to lunch or to be lunch "إما أن تأكل أو تأكل " بفتح التاء الأولى وضم التاء الثانية…

إن من لا يتوضآ بالماء لا يتبجح بنظافة اليد: رعاة البقر ليسوا أنظف يدا من باقي الرعاة… وأذناب أمريكا ليسوا أنظف يدا من صدام وباقي البعثيين … وحكام بني أمية ليسوا أنظف يدا من معارضيهم… فاحملوا صراعاتكم بعيدا عنا واتركوا مشاعرنا الإنسانية النبيلة خارج لعبتكم…

و كملحوظة أخيرة نقول: إن تقديم وجهة نظر في هذا الأمر لن يغير من جوهر الأشياء أو يعيد السيناريوهات بالطريقة التي نتصورها ولكن نأمل من شأنه أن لا يعيد التاريخ الدموي نفسه، لينحر الانسان أخاه الانسان، أو يشنق الانسان أخاه الانسان… فالنحر لا يولّد إلا النحر والشنق لا يولّد إلا الشنق في العراق وفي غير العراق…

وكل ما نتمناه في هدا العام الجديد أن ينبعث العراق من رماده كما عودنا …

ويزهر الياسمين في موعده على ضفاف الفرات كما عودنا ….

وينطلق نخيل بغداد في رحلته ليلامس فيروز السماء كما عودنا…

ونردد جميعا مع الصوت الغزالي أغنيتا الأصيلة بدون دبلجة أو تحريف:

أي شيء في العيد اهدي إليك يا ملاكي أ صوارا ؟! أم دملجا؟!

ولن تكون الملاك هنا إلا بغداد لتتباهى بالهدية أمام كل المدن الجميلة…

وكل عام وانتم إنسانيــــــــــون…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. أم بثينة
    25/02/2007 at 23:21

    فكأنما كان يقول لشانقيه:
    دعوا البطولة لي أنا=========================
    حيث البطولة باطل والحق زاهق==================
    هذا أنا أجري مع الموت استباقا ==================
    وإنني أدري بأن الموت سابق ====================
    لكنما سيظل رأسي عاليا أبدا=====================
    وحسبي أنني في الخفض شاهق===================
    فإذا انتهى الشوط الأخير ======================
    وصفق الجمع المنافق========================
    سيظل رأسي عاليا فوق الرؤوس ==================
    إذا علا رأسي على عقد المشانق==================

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *