أكاديمية ـ كايو ـ اليابانية لتخريج قادة المستقبل
نشرت جريدة الشرق الأوسط في أحد أعدادها حديثا عن مدرسة جديدة لإعداد قادة المستقبل في اليابان وهذه المدرسة تعتمد نظاماً صارماً.. وفكرتها مستوحاة من «إيتون» البريطانية وهي كلية اشتهرت بتخريج رجال السياسة والاقتصاد. وقد اعتبرت اليابان هذا النقل عبارة عن فرصة ثمينة
للنخبة اليابانية التي تتطلع إلى خضوع أبنائها لقواعد صارمة عبر المراقبة الدائمة. إذ تعتمد هذه المدارس على غرف بلا نوافذ وبسن قانون يمنع من قراءة القصص المصورة كما يمنع جميع أنواع ألعاب الفيديو.
افتتحت أكاديمية كايو الداخلية للفتيان، والتي كلف بناؤها 20 مليار ين أي170 مليون دولار ومولتها كبرى الشركات اليابانية، وقد شملت الدفعة الأولى استقبال 123 فتى في الثانية عشرة من عمرهم، يفرض عليهم نظام الدراسة ارتداء بدلات سوداء وربطات عنق. وتبلغ كلفة الدراسة في هذه المدرسة مليون (ين) في الفصل ما يعادل (سبعة آلاف يورو). وتستمر طيلة ثلاثة فصول على مدى ست سنوات.
وتم استيحاء فكرة المدرسة التي تمتد على مساحة 130 ألف متر مربع، من «كلية إيتون» البريطانية الشهيرة التي كان يقصدها أبناء الأسرة المالكة والنخبة السياسية والاقتصادية منذ القرن الخامس عشر وتخرج منها قادة البلاد والحكومات المتعاقبة والشركات. وقال الرئيس الفخري لشركة تويوتا شويشيري تويودا، وأحد مؤسسي المدرسة: » إن أكاديمية كايو تهدف إلى تعليم الأشخاص الذين سيكونون قادرين على قيادة اليابان في المستقبل ». وللتأكد من تركيز انتباه الطلاب على الدراسة، قرر مدير المدرسة تصميم قاعات التدريس بحيث تكون النوافذ خلف الطلاب حتى لا يسهو أي منهم بنظره إلى الخارج خلال الدرس.
ويتعين على الطلاب أن يحملوا طيلة الوقت جهازا يشبه الهاتف الجوال يتضمن رقاقة الكترونية تتيح للإدارة تتبع كل تحركاتهم ونشاطاتهم. ويمكن استخدام الجهاز كحافظة نقود الكترونية تراقب الإدارة من خلاله كيف ينفق الطلاب مصروفهم. ويمكن استخدام جهاز المراقبة هذا كهاتف جوال، لكن فقط لاستقبال المكالمات وفقط من ثمانية أرقام مسجلة مسبقا. وعلى نمط «كلية إيتون»، يعيش الفتية في منازل مع المشرفين عليهم، وهم موظفون شباب تختارهم لهذه المهمة الشركات التي مولت المشروع، مثل هيتاشي وتويوتا وغيرهما. ولكل طالب غرفة خاصة به. ويمنع نظام المدرسة مجلات الرسوم المصورة وألعاب الفيديو وألواح التزحلق وكل وسائل التسلية التي يمكن أن تلهيهم عن الدراسة والمتوفرة للأطفال اليابانيين بصورة طبيعية.
ولا يمكن للطلاب مغادرة المدرسة إلا بإذن وبمرافقة شخص مصرح له بذلك.
إن الهدف من هذا النظام الشديد الصرامة هو طمأنة مخاوف بعض الأهل من تساهل النظام التعليمي في اليابان منذ إدخال إصلاحات عليه سنة 2002 والتي هدفت إلى جعل المدرسة أقل حزما وتشجيعا للإبداع والابتعاد عن نظام «الحشو» والوسائل التقليدية في التعليم. وتقول أم أحد الفتية: « إن روح المنافسة بدأت تتراجع في اليابان لمصلحة المفهوم الخاطئ لتكافئ الفرص ». وتقول أخرى: « إن الأطفال لا يحبون القواعد الصارمة، لكن الأهل يشعرون بأنهم في أمان هنا ». لكن نوبورو كاجياما، الأستاذ الجامعي المتخصص في قضايا التعليم، يعتبر أن المدرسة الداخلية تشكل تجربة كبيرة ستحدث اضطرابا في النظام التعليمي، وتعيد إثارة الجدل حول الإصلاحات. وبينت استطلاعات الرأي أن الأهل لا يؤيدون الأنظمة المتساهلة رغم تأييد المدرسين. ويضيف » إن الأهل ينجبون عددا أقل من الأطفال وهم مصممون على إرسالهم إلى عدد قليل من المدارس النخبوية »، معربا عن خوفه من « تراجع مساواة الفرص في التعليم » التي يعتقد كثيرون أنها كانت وراء النجاح الاقتصادي الذي حققته اليابان.
وتقع المدرسة الداخلية الجديدة على بعد بضع مئات من الأمتار من ثانوية أوتسوكا الحكومية التي يبدي طلابها فضولا وشكوكا حيال جيرانهم الجدد. وتقول الطالبة أياكا نينو، 12 سنة: « أنا حزينة من أجلهم. إنهم يخضعون لمراقبة شديدة ». وتضيف: إن أكاديمية كايو « عالم آخر، إنها لأبناء الأغنياء »
Aucun commentaire