Home»Correspondants»بيني وبين خيبة أملي

بيني وبين خيبة أملي

0
Shares
PinterestGoogle+

لا أريد الكتابة ولا أود إيقاظ سبات واقعي المؤلم..لكن حنيني إلى سطوري الصامتة أقوى من خوفي..حنيني إلى الكلمات العذبة التي تخفف أرقي وتجفف عرق رعشتي المتخلذة في صميم أعماقي..

أحاسيس مبعثرة ككلمات متقاطعة..وأفكار مكسرة كزجاج الحرب..أبحث وأبحث كالعادة..أبحث عن نقطة الوصول بأعين مرهفة..بلهفة مرهقة..بأمل ضعيف..وبحسرة أعود لمكاني المعتاد أشكو وحدتي لورقتي..أشكو لها ضياع نقطة وصولي لبر الأمان..أشكوها ضعفي..تدمري..تتأملني في صمت دون مناقشتي..ثم تفتح لي صدرها لتكون محطة لعنائي وعيائي..لتعلمني أنها مجرد محطة مؤقتة وليست أبدية..

ومنها أجمع رحيلي وترحالي للبحث عن اللاشيء في صحراء قاحلة بكماء..صحراء كئيبة..أناسها أشواك قاتلة..بيوتها قضبان سجن مؤبد..أما أبوابها فتجذف كل مقترب مغترب وتسجبه إلى متاهة وحشية لتجرده من كل ما يملك وتسلب منه أعز ما يفتخر به…حريته وراحة باله…وللأسف كنت أول ضحاياها..

أنادي..أستغيث..أصرخ..لكن لا أحد يبالي..لا آذان صاغية..ولا حياة لمن تنادي..أكتم خيبة أملي بين طيات أيامي..وما أكثر طيات زماني..أوراق دفينة في صدر ممتلئ بغبار الأسى..كل ورق منها تحمل شقاء عمر إنسان بأكمله..خيبة أمل تلاحقني كظل مقيد بتحركاتي..تلاحقني إلى غروب يومي..ثم أنام لتظهر لي في حلمي مرتمية في حضنهبدون استئذان..تتنقل بين أحداثه ببرودة..تتنقل تنقل المالك في ملكه..تتصرف بطلاقة وحرية..وعندما أسألها عن سبب استيطانها في صدري..تجيب أنه موطنها وأنها من سكانه المستقرين..فلا بديل لها لصدري..أطلبها..أترجاها..أسترحمها..ثم أتوسل إليها أن تدعني وتتركني..لا تبالي..ترفض..تعترض..ثم تأبى أن تبتعد..وتقول : أنا وأنت مدى الحياة..لا فراق بيننا..أتفاجأ..أندهش..أنزعج..ثم أصحو من منامي لأجدها تنتظرني..مستعدة لقضاء كل ثوان الساعة بمعيتي..أتحدث..أغني..علها تسهى عني دقائق..أتحرك..أختبئ..ثم أهرب من نافذة قضائي..لتندرج هي الأولى أمامي وقبلي..لتخاطبني وتقول : طريقنا واحد..فلم العجلة..لا تعاندي ولا تكابري..أنظر إليها بعين من الرأفة..أبحث عن منقذي في صمت..لكن..آه يا خيبة أملي..لم أجد سواك..فهلا قبلتني صديقة..إنني أستسلم لك وأرفع رايتي البيضاء المتلاشية..أسلم لك كل ما تودين حيازته..فأنا لك وأنت لي..

ها أنا أهدي نفسي لضعفي وليأسي..أغوص في دوامة التائهين لتجرفني رياح الكآبة إلى بحر الظلام..حيث لا يوجد سوى شموع دامعة بلهيب متسلط يشل حركتها ويذيب حسها..

تحترق شمعتي كاحتراقي بلهيب الوحدة..تنحني لشعلتها منهزمة كانهزامي أمام جليد المشاعر..لا من مغيث ولا من مجيب..أين هي مرآتي لتريني حقيقة صورتي..صورتي المحطمة والملظخة بظلم الزمن الحاقد..زمن لم يدع لي أية رؤية للمستقبل تعلن عن أمل للعيش فيه..زمن رمى على أفكاري غطاء من التصلب العاطفي..رمى على وجهتي أمواجا من التردد تجعلني أتراجع كلما مدت لي شباك الإغاثة..أتساءل وأتحاور مع نفسي..أستفهم إن كانت شباك إنقاذ أم شباك صيد الضحايا الخائبين..لا مجال للنقاش ولا وقت للأخذ والرد..ثم أعود مرة أخرى لمحطتي المعتادة..لأن ضعفي أقوى مني..أعود لأختبئ بين طيات أيامي لأضيف رقما آخر إلى قاموس الطيات القديمة..أضيف لها خيبة أمل أخرى..ثم أتنحى جانبا في ركن بعيد عن ضجيج الواقع الممل..بعيدة عن أي شيء يذكرني بمعاناتي وعذابي..أتأمل نظرات العيون الخائنة..القاتلة..أخبئ نفسي وراء غيمة ضبابية حتى لا يراني لامارة من الناس وحتى لا يجدني قدري المحتوم..أو بالأحرى لأتفادى اصطدامه معي وجها لوجه..أحوط نفسي بستار باهت فاني..حتى لا تواجهني أشعة الغدر الكاسرة..حتى لا ينال مني سم الأفاعي المميت..وحتى لا يصلني لسان المقيت..فلسان الماقت سكين حاف يذبح قلبي ذبحا بطيئا وببرود شائكة..سكين غير ماض يمرر على كياني يتمرغد في أعماقي مستغلا كل الوقت الضائع في هدوء وسكينة..دون مبالاته لما يخلفه من جروح..جروح لا تسيل دما..ولا ماء..بل أكثر من ذلك..جروح تسيل وينهار منها أسى وكآبة..يفيض منها بركان الألم جحيما مشتعلة..وآه من لسان العبد سيوف على رقبة المظلوم..لا من يعتقه من موت أكيد..ولا من يبعد العبد المتسلط..

أستدير لأمنع كلامه وأتفادى معانيه..لكن كلماته تتدحرج لمسامعي واحدة تلو الأخرى..كلمات تنزلق مع رياح ظلمه الثائر..تحيطني من الجهات مقيدة حريتي في الحركة..حبل على جسدي لا يراه سواي..وقلادة حديدة تستمتع بدورانها عليه ملتمسة نقشات بصماتها في كياني…فهل من منجد..؟..

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *