Home»Correspondants»قصة قصيرة : اختطاف

قصة قصيرة : اختطاف

1
Shares
PinterestGoogle+

يالجبروت هذا السؤال كيف يسد حلقها بغصته يخنق أنفاسها، و يترجم ذاته إلى عبرات حارة تنهمر كمطر هذا الخريف ، يتردد مع أنفاسها زفرات، ملحا في التكرار بعناد ، فتتناسل منه أسئلة أخرى كالرذاذ ، تمنت لو أنها لم تسمعه من أناس يكررونه بلا رحمة، و تساءلت لماذا لا يتركون ما لا يعنيهم حتى يهتموا بما يعنيهم ؟ و كأنهم أجابوا عن كل الأسئلة ، و لم يبق لهم إلا هذا السؤال يمضغونه ، فلا تجيب . و تصبح الإجابة أهم ما في الوجود .حاولت إقناع نفسها أن حياتها أكبر من تقزيمها في سؤال دون إجابة آنية .  » من أنت ؟ » ،  » أنا واحدة منكم  » ، يهزون رؤوسهم هازئين ،  » من أي شجرة نبت هذا الغصن ؟ » ،  » لا أدري  » . هي الفتاة  » زينب »، كبرت في كنف عجوز احترفت التسول حتى قضت نحبها و تركتها فريسة للسؤال البغيض. كانتا تجوبان الشوارع صباح مساء و تجلسان قبيل صلاة المغرب قرب باب المسجد العتيق في المدينة القديمة، مكانهما المعتاد و المفضل، تستريحان على الأقل، و بعد انقضاء الصلاة تعودان إلى المنزل، غرفة في دهليز إحدى الدور العتيقة، هبة من أحد المحسنين. ماتت العجوز و بكتها الفتاة بحرقة ، حتى آخر أيامها و هي تعتقد أنها أمها ، رغم إيحاءات بعض الجيران بأنها ليست كذلك ، و العجوز تراوغ كلما ألحت عليها في السؤال  » أصحيح ما يقولون ؟  » .لما أقعدها المرض عن الخروج، أمرت العجوز الفتاة أن تخرج لوحدها تسأل الناس ، فلم يجودوا بدريهماتهم كما كانوا يفعلون .
 تعود مساءا كما خرجت فارغة اليدين ، رغم محاولاتها التفنن في قواعد الحرفة ، لكنها كانت بدون عاهة مستديمة،كتلك التي للعجوز،فلم تفرض الرأفة على قلوب المحسنين و جيوبهم ، كان جسمها المكتنز و وجهها العريض بقسماته المليحة يثير الشهوة أكثر مما يثير الشفقة ، غمزات رواد المقاهي ، و هي تطوف بهم ، أقتر من صدقاتهم ، و حتى الذين يفعلون يتعمدون خدش باطن كفها ، جربت البله أياما بإيعاز من العجوز ، لعلها تنجو من هذا الابتذال ، لكنها فشلت ، فهي ليست بلهاء و لم ترد أن تجمع بين البله و التسول ، و اقتنعت أن الإحسان كان يأتي من جهة العجوز لا من جهتها .
 و في صبيحة يوم عبوس، أمرتها العجوز ألا تخرج للتسول لتبوح لها بسر، عمر عشرين عاما ، بدأت تتلعثم بمقدمة تطلب منها الصفح ، فهي ليست أمها ، إستعجلتها الفتاة بلهفة أن تبدأ من النهاية فرفضت العجوز و ادعت أن النهاية قاسية قسوة البرودة التي تسري في قدميها ، فهي ليست برودة كالبرودات ، قالت أنها قبل عشرين سنة وجدت نفسها وحيدة بلا كفيل بعاهة مستديمة منعتها من كسب قوتها بأي عمل ، فاحترفت التسول ، كانت مداخيله شحيحة لا ترقى إلى مداخيل زميلاتها اللواتي لهن أطفالا، ففكرت في طفلة تستأجرها أو تخطفها ، و كان الاختطاف جنونا و نارا أحرقت بلهيبها أسرة أكرمتها بسخاء ، وطدت الألفة و الأنس و الاقتراب من الطفلة أكثر فأكثر لتنتزعها من جذورها كالزهرة ، و تدمي قلوبا كمدا و حسرة ، و استغربت لفعلتها و أكل الندم روحها و زج بها في براثن الإدمان على السموم كلما توارت عن الناس ، كي تنسى فعلتها ، و كانت الطفلة هي زينب، اسم لم تألفه . زاغت عينا الفتاة و سألتها عن المكان ، عن المدينة التي تم فيها ذلك ، لكن العجوز أطبقت فمها المشكوم إلى الأبد . و استيقظ الماضي الدفين بأطيافه المتراقصة في الظلام تبدده أنوار باهتة في لقطات متباعدة مشوشة ، رأت سيدة شابة تودعها بقبلة عند باب شقة معلقة في طابق ما ربما الأول أو الثاني ، تنزل أدراجا واسعة ، و أطفال بزي موحد و نساء و رجال يلبسون وزرا بيضاء و ساحة واسعة جميلة بورودها ، و حجر متراصة ، لكن الضباب يمنع التركيز و يحول المكان و الأشخاص إلى أشباح تتوارى بسرعة .. و امرأة متلفعة بجلباب رث تبتسم لها و تهديها حلوى و تقبض على معصمها و تركبان حافلة لتنام نوما عميقا ..قفزت إلى ذاكرتها المحفظة بلونها الوردي الذي تحبه ، لا تزال مدفونة في ركن من الحجرة بكراساتها مكتوب على أولى صفحاتها اسم تهجته بصعوبة كبيرة .. ه..د..ى…ف..ض..ل..ي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عكاشة ابو حفصة وجدة
    17/06/2009 at 12:15

    خرجت وهي تجر اديال الخيبة خرجت وهي مصصمة على الوصول الى الحقيقة نظرات الجيران وهمساتهم تدمي قلبها انا من اكون تساؤلات تلاحقها وهي تطوف بالمدينة لعها تجد من يقدم لها معروف انا اقوى من ان اكون متسولة انا اكبر من ان اجلس بابواب المساجد استجدي الناس لابد انا ابحث لي عن شغل لاودع عمل الاستجداء وانخرط في عمل يصون كرامتي .ان طوافي بين المقاهي ليس من اخلاقي لقد رحلت العجوز التي كانت تضمن معيشتي تتدكر اقولها تلتفت الى مكان دفن المحفظة الوردية تنتشلها تمسح عنها الغبار المتراكم مند زمان تعاود القراءةفي الكراسة . انا لست بزينب انا هدى ولبد من ان اهتدي الى عائلتي الحقيقية اريد رؤيت امي كيف هو وجه ابي هل لدي اخوة تتدكرمرارة كلام الجيران وبعدة مرور مدة قصيرة من الزمان شاركت كمساعدة طباخة في عقيقة ابن الجيران وبينما هي تغسل الاواني لفت انتباهها برنامج الحاج الكوراري الدي كانت تبثه الاداعة خدمة للمستمعين والدي يرجع اليه الفضل في جمع عدة عائلات وقررت في اليوم الموالي الدهاب الى مقر الاداعة لعلها تجتمع مع والدها التي فقدتهم من زمان.سردت قصتها الحزينة على المستمعين معانتها مع العجوز معملة نوادل المقاهي تدكرت الساحة التي اختطفت منها ركوبها الحافلة مما يوحي بانها قادمة من بعيد المدرسة المحفظة كلها عوامل ومؤشرات وبعد بث النداء وبمساعدة المستمعين استطاعت الوصول الى اهلها ومزالت تحتفظ بالمحفظة الوردية التي كانت السبب في جمع الشمل

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *