في أجواء من الاحتفالية الفولكلورية الممزوجة بطقوس جنائزية موسومة بسواد استرجاع بصمات المفقودين وحميا الإحساس بالتخلي والشعور بالفقد و بقتامة نداء المقهورين في زمن الدعم والشراكات وتدخلات الفاعلين وبأفق انتظار توحيدي وسم تجاوب الجمهور مع العرض أحيت فرقة الكوميدراما بالمركب الثقافي اليوم العالمي للمسرح بعرض مسرحية » السوق » للدكتور مصطفى الرمضاني الناقد والمسرحي والباحث في التراث حيث تحيلنا عتبة النص إلى حوار الأمكنة وسيرة الفضاء بزخم وقائعه المتناسلة وجمالية هندسته التي تؤثث النظام الرمزي للعرض فتوهم بعنف الواقع ومرارته عبر ثنائيات ضدية تكسر الجدار الرابع بمعاول التغريب واللامعقول والاحتفالية المبطنة بالنقد والشهادة الذي يخلق الامتداد بين الركح وسيرة المعيش…فالسوق هو مسرح أحداث المتواليةالحكائية الدرامية التي لم تخضع لقانون تتابع الوقائع المتحكم في دائرة فعل الشخوص وتقعيدات الملفوظ السردي وإنما نسج سداها ولحمتها منطق الكولاج والتناسل فالسوق مقبرة للأحياء ومعرض للسلع الاستهلاكية ولأعراض الناس وممرض بدل أن يكون مشفى للظواهر والعلل والآفات ومدرسة لهدم القيم والقدوة ومحكمة لمحاسبة التاريخ وجناة الحضارة ومحاكمة التراجع وتخليق الحياة العامة في زمن دائري ينفخ وقائعه في هواء التقطع والتشرذم وفوضى الأشياء ليكتب سيرة الراهن والآتي بمداد الإحباط والنكوص والسوداوية فتتشابه البداية والنهاية في عملة سلخ الجلد وسقوط الصمت وتصبح الحياة موتا والذكاء غباء والحركة سكونا والفضيلة رذيلة والسخرية « مع « سخرية « عن »…إن مسرحية » السوق » تجنح نحو تحقيق المعادلة الصعبة من خلال المراهنة على فرجة الاحتفالية التي تحتفي بالمكان في انفتاحيته وانغلاقيته وبالزمان في انسيابية تلقائيته وحميمية تلاقي رموزه وشخوصه وأحداثه وعلى نقد عنف المعيش والسخرية من اليومي والراهن والآتي والشهادة على العصر والتاريخ وإدانة التراجع والواقع في مسعى فني يروم التمييز بين الكاتب مبدع الكتابة الدرامية ودراماتورجي مبتكر الكتابة السينوغرافية ويتوسل المحافظة على استقلالية صناع الفعل المسرحي/ المؤلف الدرامي والمخرج المسرحي والناقد المتخصص حسب منظور المرحوم الدكتور محمد الكغاط في كتاب  » المسرح وفضاءاته ».