أحمدك يا من شواهد آياته غنية عن الشرح و البيان ، و دلائل توحيده متلوة بكل لسان ، أحمدك و أشكرك على نعمة المسؤولية العظمى التي كلفت بها عبدك ليكون راعيا و مسؤولا عن رعيته …
لكن هل هذا المسؤول فعلا يتحمل كافة مهامه على الوجه الأكمل ؟
لتقريب الصورة إلى الأذهان لا بد من الإلمام بالخصائص السيئة و الجيدة للمسؤول حتى نتمكن من تصحيح المسار في القيادة الرشيدة .
و لا ندحة في البداية أن نقر بأن المسؤول السيئ هو ذاك الذي يكون مركزيا في تصرفاته ، محابيا ، ناكرا للحياة الخاصة للآخرين مشوشا في أهدافه ، حرفيا في تنفيذه ، محبا للمظاهر ، يفرض ذاته على الآخر، يفرض تغييرات من أعلى ، يعاتب ويلوم كثيرا ، يدمن على الاجتماعات و التنبيهات ، لا يولي أهمية لتكوين الآخرين ، يجعل غيره مدمنا على العمل ، لا يؤمن البتة بالنقد و النصيحة ،
و بابه للأسف مقفل .
أما ما يشترط في المسؤول الجيد أولا و قبل كل شيء أن يختلط بالعاملين و يكون طالبا ، أستاذا ، تربويا ، يحفز المجد بالمكافئة ، و يقوم سلوك المتهاون بالقرار الهادف البناء ، يسعى دوما لتشجيع الموظفين على اتخاذ المبادرة و القرار ، اجتماعاته منتظمة ، مستشاروه ثاقبوا الفكر ثقاة ، لا يغادر المكان إلا و بديلا له جاهز .
تذكر أخي المسؤول قول أبي حازم :
بيني وبين الملوك يوم واحد .
أما أمس فلا يجدون لذته .
وأنا وهم من غد في وجل .
وإنما هو اليوم ، فما عسى أن يكون اليوم ،
إنـه الـذي يـعـيـش العقلاء في حدوده .
وفي نطاقه يتحول كل فرد يملك نفسه ويبصر هدفه إلى ملك
ليس اليوم إلا حياة جديدة لقوم يعقلون .